في زمن عربي ما .. وجغرافية ما .. انبجس شبحا مريعا على غير انتظار كما لو كان عفريتا وسط جموع المسافرين على متن الحافلة المتوجهة إلى ضواحي المدينة. بوجهه المقنع على شاكلة أبطال أفلام الرعب ويديه اللتين تكزان على مسدس مشهر تجاه الركاب أحال الحافلة إلى فضاء سينمائي مفتوح على كل احتمالات الفناء . وانحسر فجأة معين السرحان عن الوجوه الواجمة المشدودة إلى النوافذ في انتظار محطة الوصول وتلاحقت نبضات الذعر كطبول إفريقية داخل الأنفس المداهمة بصورة تعودت أن لا تراها إلا في التلفاز.. هو ذا الإرهابي المدنس الذي سكن المحطات التلفزية من أقصى إلى أقصى وجعلهم يتعاطفون مع مذيعين ومذيعات شقر وجدوا أخيرا موضوعا أثيرا يلبسونه كل شقاء ساكنة الأرض لترتاح ضمائرهم المتعبة من تاريخهم غير النظيف تماما. هو ذا يمثل أمامهم مخيفا كما في التلفاز. جميعهم لعنوا هذا الإرهابي المدنس الذي حرمهم متعة التلذذ بمسلسلات تخلصهم من همومهم ومتاعبهم وحرقة أبدية تدعى فلسطين. ما هذا السرحان الذي أرى في عيونكم ..اطمئنوا سأخلصكم من كل ظنونكم وأرسلكم إلى الجحيم بكى كل من في الحافلة بحرقة وهم يتذكرون بأنهم سيموتون غيلة ولم يصلوا ولم يتصدقوا ولم يزكوا .. ولم.. بما يكفي وطال نحيبهم والرجل المخيف يقف عند باب الخروج وينخرط في القهقهة. وا خوروطو .. واخوروطو ومالكم دايرين هاكا اللي جا يبكيكم واللي جا يخلعكم هذا غير فردي عاشورة شريتو مني هربت من السبيطار،هيا امسحوا دموعكم.. فاصل ونواصل قال بسخرية وهو يضع المسدس في جيبه ويغوص في عالمه العاقل المجنون.