شدد مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق باسم الحكومة أن المغرب ربح الرهان في مجال إصلاح قوانين الصحافة والنشر، وأكد أن مشروع قانون الصحافة والنشر الجديد تضمن سبعة محاور يعتبرها مكاسب للمهنيين، من ضمنها تقوية الشروط القانونية الخاصة بالحماية الاجتماعية للصحفيين وكذلك تقنين الولوج إلى المهنة، و ما يعنيه ذلك من تعزيز ضمانات استقلالية الصحفي والمؤسسات الصحفية. واضاف الخلفي في حواره مع يومية "التجديد" أن وزارته حرصت على أن لا يتضمن مشروع قانون الصحافة و النشر أي عقوبة سالبة للحرية، وهذا تحول جوهري وايجابي يتحقق ببلادنا في إطار تعزيز الحريات. وبخصوص الوضع العام لحرية الصحافة، قال الخلفي إن السنوات الأخيرة شهدت تحسنا كبيرا في مؤشرات حريات الصحافة بالمغرب، حيث لم تسجل خلال سنة 2015 أية حالة لمصادر جريدة وطنية أو حجب أي موقع الكتروني… ** ما هي رهانات و مكاسب مشروع قانون الصحافة والنشر الجديد؟ إن الرهان الأساسي الذي أطر هذا الورش منذ انطلاق الحوار منذ 2012 يتجلى في منح المغرب مدونة للصحافة والنشر عصرية وحديثة مؤطرة بمقتضيات دستور 2011 تستجيب لانتظارات الجسم الصحفي والحقوقي الوطني، وتواكب التحولات الجارية في العالم. ويمكن القول اليوم إن المغرب ربح هذا الرهان. بالنسبة للمكاسب التي تضمنها هذا المشروع فيمكن الحديث عنها من خلال سبعة محاور: أولا، تعزيز ضمانات الحرية في الممارسة الصحفية، حيث أن مشروع مدونة الصحافة والنشر تضمن إلغاء العقوبات السالبة للحرية وتعويضها بغرامات معتدلة، كما نص على الأخذ بحسن النية في تقدير التعويض على الضرر، كذلك تمكين الصحفي من تقديم أدلة الإثبات طيلة مراحل الدعوى، ثم إقرار ضمانات الحق في الحصول على المعلومة وإقرار الجزاء في حالة الرفض غير الموضوعي. ثانيا: حماية حقوق وحريات المجتمع والأفراد، حيث تم التنصيص في المشروع الحالي على منع التحريض على الكراهية والتمييز والعنف، ثم حماية الحياة الخاصة والحق في الصورة، كذلك وضع مقتضيات تخص الإشهار لحماية الفرد والمجتمع. في هذا الإطار أيضا نص مشروع قانون الصحافة والنشر على احترام قرينة البراءة، ثم نص على وضع آليات عملية لإقرار احترام أخلاقيات المهنة، إضافة إلى وضع شروط لإعمال مبدأ حسن النية في تقدير التعويض في قضايا القذف والسب. ومن أليات حماية حقوق الأفراد التي تم النص عليها تمكين المشتكي من تقديم أدلة الإثبات طيلة مراحل الدعوى، ثم تدقيق آليات وضمان نشر حق التصحيح والرد. ثالثا: جعل القضاء سلطة حصرية في قضايا الصحافة وتعزيز دوره في حماية حرية الصحافة، حيث نص المشروع على جعل القضاء الجهة الوحيدة والحصرية المختصة بتلقي تصريحات إصدار الصحف، كما أن الإيقاف والحجب والحجز سيظل حصريا بيد القضاء، كما تم التأكيد على أن نشر أحكام إدانة الصحفيين مرتبط بطلب المشتكي وبمقرر قضائي. ومن أبرز المقتضيات التي جاء بها النص هو العمل بالقضاء الجماعي في قضايا الصحافة. رابعا: تعزيز حرية الصحافة الإلكترونية، في هذا الصدد تم الاعتراف القانوني بالصحافة الإلكترونية وتمكينها من شروط الممارسة الصحفية الحرة، كما تم التنصيص على أن حرية خدمات الصحافة الإلكترونية مكفولة للجميع. خامسا: تشجيع الاستثمار وتطوير مقتضيات الشفافية في القطاع، حيث تم التنصيص على عدد من المقتضيات القانونية لتشجيع الاستثمار في قطاع الصحافة وتعزيز الحكامة والشفافية في قطاعات الصحافة والاشهار والطباعة والتوزيع. سادسا: تحديد الحقوق والحريات بالنسبة للصحفي، في هذا الإطار تم إقرار الحماية القضائية لسرية المصادر، حيث تم التنصيص في هذا المشروع على سرية مصادر الصحفيين في إطار احترام مقتضيات الدستور و القوانين الجاري بها العمل، كما تم التنصيص على أن الكشف لا يتم إلا بمقرر قضائي نهائي وفي الحالات التي تخص الدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي وكذا الحياة الخاصة للأفراد ما لم تكن لها علاقة مباشرة بالحياة العامة. كما نص المشروع على مبدأ الحق في الحصول على المعلومة والتأكيد على الجزاء في حالة الرفض غير الموضوعي. إضافة إلى ذلك تم التنصيص على توفيرضمانات قانونية ومؤسساتية لضمان حماية للصحفيين من الاعتداءات. من المستجدات كذلك إلغاء العقوبة السالبة للحرية في حالة العود وتخفيض الغرامة وتقليص النطاق الزمني من خمس سنوات إلى سنة واحدة. كما تم حصر الاختصاص المكاني في دعاوى الصحافة، حيث تم حذف مكان التوزيع، وربط محل الطباعة فقط عندما يتعلق الأمر بمسؤولية الطابع. سابعا: تعزيز استقلالية الصحفي والمؤسسة الصحفية، حيث تم التنصيص على أن سحب بطاقة الصحافة أصبحت اختصاصا حصريا بيد القضاء في حالة إدانة الصحفي في قضايا تتعلق بممارسة الصحافة. ومن المستجدات التي جاء بها النص تقوية الشروط القانونية الخاصة بالحماية الاجتماعية للصحفيين وكذلك تقنين الولوج إلى المهنة، و ما يعنيه ذلك من تعزيز ضمانات استقلالية الصحفي والمؤسسات الصحفية، إضافة إلى الارتقاء بالشروط العلمية لولوج مهنة الصحافة، وذلك عبر إقرار شهادة الإجازة للحصول على بطاقة الصحافة المهنية أو الحصول على شهادة متخصصة في مجال الصحافة مسلمة من طرف مؤسسات التعليم العالي العام أو الخاص أو دبلوم معترف بمعادلته للإجازة، بالنسبة لطالبي البطاقة لأول مرة. ولتعزيز استقلالية المقاولة الصحفية تم إقرار معايير موضوعية للدعم العمومي مع ضمان الاستقلالية، إضافة إلى إقرار مسطرة للدعم العمومي تضمن الشفافية والحياد وعدم التدخل في الخط التحريري. ** أي مقاربة اعتمدتموها في إعداد هذا المشروع؟ وكيف تعاطيتم مع مقترحات وملاحظات المهنيين حول المسودة؟ لقد تم تأطير ورش إرساء مدونة للصحافة والنشر عصرية وحديثة وفق منهجية عمل شاملة و متكاملة و تشاركية وعلمية، كما أن التوجهات الكبرى لهذا الإصلاح تكمن في مواكبة التحولات العميقة التي يشهدها المغرب في مجال الحريات، لاسيما في مجال الإعلام والصحافة، ثم الاستجابة لانتظارات المهنيين و المجتمع المدني والحقوقي في الحصول على قانون يضمن الحرية في إطار المسؤولية، إضافة إلى مواكبة التحولات التكنولوجية الجارية والتي تطرح تحديات كبرى على القطاع. كما أن الحصيلة التي وصلنا إليها ماهي إلا نتيجة منطقية لإعمال المقاربة التشاركيية الواسعة التي أطرت هذا الورش. ويمكن التأكيد على أن مشاريع مدونة الصحافة والنشر أخذت بغالبية الملاحظات المنبثقة عن عمل اللجنة العلمية الاستشارية المكلفة بدراسة مشروع مدونة الصحافة والنشر، كما أن هذه المشاريع أخذت بغالبية الاقتراحات المتضمنة في مجمل المذكرات التي رفعتها المنظمات المهنية والمؤسسات الوطنية وهيئات المجتمع المدني بخصوص مشاريع المدونة. فبعد إنهاء اللجنة العلمي أشغالها والتوصل بعدد من المذكرات، أذكر منها مذكرات من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومجلس المنافسة والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري وكلك من قبل عدد من جمعيات المجتمع المدني كجمعية عدالة، تم يوم 18 أكتوبر 2014 تقديم مشاريع مدونة الصحافة والنشر ببيت الصحافة بطنجة ووضع المسودات الثلاث أمام العموم في الموقع الإلكتروني لوزارة الاتصال، بعد ذلك تم استكمال المقاربة التشاركية الموسعة مع المهنيين بالمناسبة أنوه بكل الفاعلين في هذا المجال والمنظمات المهنية وشركاء وزارة الاتصال في هذا الورش لاسيما مع النقابة الوطنية للصحافة المغربية والفيدرالية المغربية لناشري الصحف والفيدرالية المغربية للإعلام وباقي المنظمات والنقابات المهنية. وبهذه المناسبة أشير إلى أنه تم تلقي أزيد من 13 مذكرة، وتم إدراج الملاحظات والاقتراحات الموضوعية واعتمادها في المشاريع الثلاث للمدونة. ** ماهو تقييمكم لحرية الصحافة بالمغرب؟ تم الحرص على أن لا يتضمن مشروع قانون الصحاف والنشر أي عقوبة سالبة للحرية، وهذا تحول جوهري وإيجابي يتحقق ببلادنا في إطار تعزيز الحريات، في حين أن قانون الصحافة والنشر الحالي وردت فيه عبارتي "سجن" أو "الحبس" 24 مرة وفي 21 فصلا، وهذا تقدم جوهري في سبيل إرساء حرية الصحافة ببلادنا، حيث تم إلغاء العقوبات الحبسية من المشروع الجديد، في حالات مؤثرة على حرية الصحافة من قبيل ما يتعلق بالقذف والسب، وحالة العود، ونشر أو إذاعة أو نقل بحسن نية نبأ زائف أو ادعاءات أو وقائع غير صحيحة أو مستندات مختلفة أو مدلس فيها منسوبة للغير. لقد تم استثمار المكتسبات المحققة والمتراكمة في هذا المجال، والاهتداء بالتجارب المقارنة والالتزامات الدولية للمغرب المتضمنة في الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب والتي تم نشرها بالجريدة الرسمية. وبخصوص الوضع العام لحرية الصحافة فقد شهدت السنوات الأخيرة تحسنا كبيرا في مؤشرات حريات الصحافة بالمغرب، حيث لم تسجل خلال سنة 2015 أية حالة لمصادر جريدة وطنية أو حجب أي موقع الكتروني، كما تم إحداث آلية لتلقي وتتبع الشكايات المتعلقة بالاعتداءات على الصحفيين. كما شهدت حالات الاعتداءات على الصحفيين تراجعا ملحوظا في ظل تعزيز الحريات العامة ببلادنا. فيما يتعلق بالقضايا ذات العلاقة بالصحافة، بلغت عدد الشكايات ذات العلاقة بالصحافة إلى حدود 30 أكتوبر 2015، ما مجموعه 85 شكاية، منها 61 شكاية مباشرة مقدمة إلى رئاسة المحكمة(73 بالمائة)، و23 شكاية مقدمة أمام النيابة العامة من طرف المتضررين(27 بالمائة) و شكاية واحدة في إطار المتابعات المثارة تلقائيا من طرف النيابة العامة(1 بالمائة). وبالنسبة لمآل هذه الشكايات، فإن 67 قضية لا تزال في طور الإجراءات، و قضية واحدة تم حفظها، وبلغت عدد القضايا المحكومة بالغرامة فقط 6 قضايا، وعدد القضايا المحكومة بالبراءة 2 قضيتين، في حين قضية واحدة تم الحكم فيها بالحبس موقوفة التنفيذ والغرامة ولا تزال القضية أمام القضاء الاستئنافي، وقضية واحدة تم الحكم فيها ابتدائيا بالحبس النافذ والغرامة. كما تعزز فضاء حرية الصحافة ببلادنا بتصاعد دور الصحافة الرقمية، حيث سجل تزايد ملحوظ لدور هذا المكون من المنظومة الإعلامية ببلادنا في المساهمة في النقاش العمومي، في هذا الصدد بلغ عدد تصاريح إحداث المواقع الإلكترونية الإخبارية إلى حدود نهاية أكتوبر 2015، رقم 204 تصريحا، كما تم تسليم 100 بطاقة مهنية لصحفيين يشتغلون بالصحافة الرقمية تحمل اسم المنابر التي يشتغلون بها. إن هذا المسار المتصاعد والمتراكم للإنجازات تعزز في إطار انفتاح بلادنا على الخارج، تم اعتماد 95 صحفيا لفائدة وسائل الإعلام الأجنبية إلى حدود اكتوبر 2015، كما تم منح الترخيص لأول مرة بإحداث موقع إلكتروني إخباري أجنبي بالمغرب، ومنح الترخيص ل 3 مجلات باللغة الفرنسية، كما تم استصدار 761 رخصة للتصوير لفائدة شركات إنتاج وطنية ودولية وقنوات تلفزيونية أجنبية. ** ما هي المطالب والانتظارات التي أخفق القانون في الاستجابة لها؟ إن الإشارة، حين الحديث عن الإصلاحات الكبرى، بلغة ما أخفق في الاستجابة لها أمر لا يستقيم. فمن جهة إذا تحدثنا عن مشروع مدونة الصحافة والنشر، يتأكد بأن حجم المكتسبات التي تحققت كبيرة وعميقة وتشمل أزيد من 40 مكتسب. من جهة أخرى، فإن القواعد القانونية على العموم وتطورها لا يمكن فصلها عن التطور الحاصل في المجتمع. لذلك فإن الإصلاحات الكبرى لا يتم قياسها إلا بمنطق حجم الإنجازات ودرجة التراكم الحاصل في عمق الإصلاح. وقد تكون جوانب أخرى قد لا يصل فيها عمق الإصلاح إلى مداه المطلوب، لأن منطق الإصلاح يتطلب دائما نفسا طويلا وعميقا، كما يتطلب في بعض الأحيان أن تنضج الظروف والسياق لمواصلة الإصلاح في جوانبها المختلفة. ** برأيكم، ما هي المساحات الجديدة التي يتيحها مشروع القانون للنهوض بالصحافة وتطويرها؟ إلى جانب الورش القانوني انكبت وزارة الاتصال منذ 2012على عدد من أوراش الإصلاح الأخرى، منها دعم النموذج الاقتصادي للمقاولة الصحفية، وذلك من خلال إقرار البرنامج عقد جديد وإدماج الصحافة الرقمية في منظومة الدعم العمومي للمقولات الصحفية. وفي مجال السمعي البصري، تم العمل على إعداد مشاريع القوانين المتعلقة بالاتصال السمعي البصري، وفي إطار تنزيل دفاتر التحملات الخاصة بشركات الاتصال السمعي البصري العمومين، تم تعزيز أنظمة الحكامة داخل القطاع، كما تم الارتقاء بالتنوع اللغوي عبر تعزيز دور قناة الأمازيغية، حيث تمت إضافة 7 برامج جديدة مع أحداث التوازن بين الروافد الثلاث للأمازيغية داخل القناة الأمازيغية. وقد عرفت هذه السنة انطلاق دراسة تخص المقروئية وذلك للوقوف على التحديات المطروحة في علاقة الإعلام بالمتلقي في عصر يتعاظم فيه الجانب التكنولوجي، كما انطلقت المفاوضات حول الاتفاقية الجماعية الخاصة بالصحافيين. كما أن التكوين وتعزيز قدرات الصحفيين يشكل إحدى الرهانات الأساسية بالنسب لهذا القطاع. إن هذه دينامية إصلاح مدونة الصحافة والنشر تدخل في إطار مسار عام وشامل يهم تنزيل إستراتيجية قطاع الاتصال 2012-2016، حيث أن الشق القانوني يمثل لبنة أساسية في هذه الإستراتيجية، والتقدم في هذا الورش سيعزز لا محالة التقدم في الجوانب الأخرى المتعلقة باستراتيجية إصلاح قطاع الاتصال ببلادنا.