أكد مدير مركز المقاصد للدراسات والبحوث الدكتور أحمد الريسوني أن الإسلاميين الذين وصلوا إلى الحكم "إذا أرضوا جمهورهم ولَبَّوْا حاجات شعوبهم ومجتمعاتهم، فإنهم بذلك قد طبقوا بذلك شريعتهم، وأرضَوا ربهم، وإذا أحسنوا تطبيقها، فقد خدموا بذلك جمهورهم وأرضوا شعوبهم". وقال نائب الأمين العام ل "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" الدكتور أحمد الريسوني في مقال منشور على جديد بريس "إن مشاركة الإسلاميين في الحكم وتدبير الشأن العام أصبحت تأتي اليوم عن طريق صناديق الاقتراع، أي بأصوات الناخبين واختيارهم. وهذه الأصوات التي أتت بالإسلاميين اليوم، هي نفسها قد تذهب بهم وتأتي بغيرهم غدا. بمعنى أن بقاء الإسلاميين في الحكم أصبح في قبضة الناخبين وتحت رضاهم أو سخطهم". ورأى الريسوني أن طرح بعض الإسلاميين للسؤال، هل علينا الآن أن نُرضيَ الجماهير التي صوتت علينا، ونعطي الأولوية لطلباتها ورغباتها ومصالحها، أم علينا أن نرضي الشرع ونعطي الأولوية والكلمة لعليا لأحكامه وطلباته؟، أن هذا السؤال إنما ينشأ عن غفلة الصالحين وسذاجة بعض المتدينين، من الجهلة بمقاصد الدين، وقال: "هناك من يطرحون هذا الموضوع بطريقة أخرى فيها مكر ودهاء، فيقولون: هل سيبقى الإسلاميون أوفياء لشعاراتهم ومواقفهم؛ فيمنعوا الخمر ومحلاته والربا وبنوكه؟ وهل سيمنعون الغناء والسينما والمسلسلات؟ وهل سيفرضون الحجاب على النساء، ويمنعون الاختلاط في المدارس والجامعات والحافلات؟ أم أنهم سيسكتون عن هذه الأمور وينسونها، ويشتغلون كسائر الأحزاب بما يجلب الأصوات ويرضي المصوتين في الانتخابات؟". ورأى الريسوني أن الجواب على هذا السؤال يمكن على وجهين: إجمالي، وتفصيلي، وقال: "الجواب الإجمالي: فمفاده أنْ نعلم أنَّ أحكام الشريعة هي عين المصلحة الحقيقية للناس أفرادا وجماعة، وأن المصلحة الحقيقية هي أيضا شريعة ويجب أن تُتخذ شريعة. وأنه لا تعارض بين الشريعة الحقيقية والمصلحة الحقيقية، ولا تضاد بين ما تريده الشريعة الإسلامية وما تريده الشعوب الإسلامية". وأضاف: "أما كون المصلحة شريعة، فيتمثّل عند علمائنا في عدد كبير من الأصول والقواعد التشريعية التي ترجع إلى اعتبار المصلحة. وأصرحُها وأشهرها هو أصل (المصلحة المرسلة) الذي يعدُّ حجّة ومصدرا تشريعيا عند عامّة الفقهاء، خلافاً لما يشتهر من اختصاص المالكية بهذا الأصل". وأشار الريسوني إلى أن الإسلام يتسع غاية السعة لكل الفنون الجميلة الممتعة البناءة، بما فيها فنون اللهو والترفيه والإمتاع. كما يتسع لتنمية الاقتصاد وربح الأموال وحفظها وتكثيرها، وله في ذلك من الطرق المشروعة المُشْرعة ما يسع كل طموحات الناس ومشاريعهم. وأن ما على المسلمين إلا أن يفتحوا أبواب الكسب الحلال ونيوسعوها ونيعَبِّدونها، كما عليهم أو يوسعوا أبواب الترفيه واللهو ويرقونها. وأضاف: "وهكذا فنحن مع الإسلام لا نحتاج إلا إلى فهم مقاصده ومصلحية أحكامه، ومراعاةِ ذلك وحسنِ تنزيله. وسيفهم جميع الناس حينئذ إلا من أبى أن جميع أحكام الشريعة هي الأحفظ لدنياهم وسعادتهم الدنيوية، فضلا عن دينهم وكرامتهم. فشريعة الإسلام دين ودنيا معا، وحفظ المال هو أحد مقاصدها الضرورية الخمسة، وكذلك حفظ التحسينيات بكل أجناسها وأنواعها. فمن أراد حمل الناس على الالتزامات الدينية والخلقية من غير مصالح ومباهج دنيوية، أفسد على الناس دينهم ودنياهم"، على حد تعبيره.