يثير تاريخ الثلاثين من يونيو القادم، الذي جعلته قوات الاحتلال الأمريكي موعدا لما تسميه تسليم السلطة إلى العراقيين، الكثير من التساؤلات بين المواطنين المتطلعين إلى استعادة السلطة والسيادة، غير أن هذا التاريخ ربما صار يثير مخاوف كبيرة لدى العديد من العراقيين، بشأن حقيقة ما سيحدث في ذلك اليوم، أكثر مما يثير الأمل بالاستقلال واستعادة السيادة. ففي معلومات حصل عليها مراسل وكالة قدس برس ببغداد من جهات مطلعة، فإن هناك خطة بإشاعة حالة من الفوضى الأمنية في العراق في ذلك اليوم، ربما تقف وراءها قوات الاحتلال الأمريكي في العراق. وأكدت تلك المصادر أن مخاوف كبيرة بدأت تسود بين عدد كبير من المطلعين على الأوضاع الميدانية في العراق، خاصة أن إمكانية حصول الفراغ الأمني باتت واردة جدا. فبعد الأحداث الأخيرة التي شهدها العراق، والمواجهات التي حصلت مع قوات الاحتلال في أكثر من مكان، تبين أنه أريد لقوات الأمن والشرطة العراقية أن تكون غير قادرة ولا مستعدة لتولي حفظ الأمن والنظام في العراق، بعد تسليم السلطة للعراقيين، وهي الحالة التي أكدها بول بريمر الحاكم الأمريكي الأعلى في العراق في أكثر من تصريح. وعلى صعيد متصل، تشير معلومات، لم تتأكد الوكالة من صحتها، إلى أن عصابات متخصصة دخلت العراق، خلال الأيام الماضية، وأنها بدأت بتجنيد العديد من العراقيين العاطلين عن العمل، لغرض القيام بالسرقة، وإشاعة حالة من الفوضى في العراق، تتناسب مع حالة الفراغ الأمني، المتوقع حصوله في العراق بعد الثلاثين من يونيو القادم. وأكدت تلك الأنباء أن حالات من الفوضى حصلت أثناء المواجهات، التي جرت في عدد من المدن ذات الغالبية الشيعية، بعد أن استغل لصوص، كانوا يتربصون قرب العديد من المباني الحكومية، حالة الفوضى. وفعلا تمت سرقة عدد كبير من السيارات والأسلحة، التي كانت بحوزة الشرطة العراقية، حيث أكد ضابط في الشرطة أنه تمت سرقة أكثر من خمسين سيارة شرطة من عدد من المراكز. كما سرقت أعداد كبيرة من أسلحة الشرطة العراقية، بعد أن أخلى عناصرها الأماكن المخصصة لهم. من جانب آخر، فإن موجة التصريحات التي تحذر من موجة نهب وسلب وفوضى في البلد تصاعدت. ولم يخف العديد من العراقيين، وفقا لتصريحات نقلها المصدر ذاته، خشيتهم من تكرار ما جرى في العام الماضي، خاصة وأن الأجهزة الأمنية العراقية أجهزة مترهلة إلى أبعد حد، كما أن العديد من عناصر تلك الأجهزة هم في الأصل من اللصوص والمجرمين، الذين تم إطلاق سراحهم قبل اندلاع الحرب على العراق، حيث انتسبوا إلى أجهزة الشرطة العراقية التي كانت تنظر إليهم على أنهم ضحايا النظام السابق. فقد أكد ضابط في الشرطة العراقية أن عددا من المجرمين، الذين كانوا في سجن أبي غريب، قبل اندلاع الحرب الأخيرة، قد صاروا اليوم عناصر في الشرطة العراقية، وأن قسما منهم صاروا ضباطا، بسبب قرابتهم من أعضاء في مجلس الحكم، أو بسبب علاقتهم مع عدد من الأحزاب السياسية المتنفذة، بعد أن قاموا بتزوير أوراق تثبت أنهم كانوا في الشرطة العراقية، وأنهم فصلوا بسبب مواقفهم السياسية من النظام السابق. ومضى الضابط إلى القول إن وجود مثل هذه العناصر بين أفراد الشرطة العراقية من شأنه أن يسهل حتما، وإلى حد كبير من حالة الفوضى، التي تسود عمل الأجهزة الأمنية في العراق، والتي يمكن أن تتفاقم أكثر بعد تسليم السلطة لحكومة ضعيفة ومعزولة عن شعبها، كما هو مجلس الحكم الانتقالي. ويتناغم هذا الوضع وأفقه الغامض مع تصريحات المسؤولين الأمريكيين التي لا تشير إلى رغبة واشنطن في إعطاء حكومة انتقالية صلاحياتها كاملة، مثل تلك التي تملكها حكومات الأنظمة التي تتمتع بالسيادة. فقد قال وزير الخارجية الأمريكي كولن باول إن الحكومة الانتقالية التي من المقرر أن تتولى السلطة في العراق في الأول من يوليو القادم سيكون عليها أن تفوض بعضا من سيادتها للقوات التي تقودها الولاياتالمتحدة فترة من الوقت. وكان من المقرر أن تكون الأوساط السياسية العراقية بدأت يوم أمس مشاورات لتشكيل حكومة انتقالية ترى الأممالمتحدة أنها ممكنة قبل نقل السلطة إلى العراقيين يوم 30 يونيو المقبل. عبدالرحمان الهرتازي