قال مسلمون في بريطانيا إنهم يتعرضون لإساءات من الشرطة في إطار مكافحة السلطات للإرهاب، متهمين الشرطة بممارسات عنصرية ضدهم، وذلك في لقاءات أجرتها صحيفة جارديان البريطانية معهم ونشرتها الإثنين 29 مارس الجاري. غير أن مسؤولا بشرطة لندن شدد للصحيفة نفسها على أن الشرطة لا تستهدف المسلمين بشكل خاص. وقال مسعود شادجاره رئيس اللجنة الإسلامية لحقوق الإنسان إن أنشطة الشرطة ضد المسلمين تزايدت حدتها منذ أحداث 11 شتنبر.2001 ويتراوح عدد مسلمي بريطانيا ما بين 5,1 و5,2 مليون نسمة، استنادا لتقديرات مختلفة. وأشار شادجاره إلى أن إحصاءات الشرطة تظهر أنها قامت خلال عام 2003 بحوالي 54 ألف عملية تفتيش، وذلك بزيادة قدرها 30 ألف علمية عن عامي 1999 و,2000 أي قبل وقوع هجمات شتنبر. وأكد أن المسلمين كانوا هدفا لعدد كبير من تلك العمليات. وأشار شادجاره إلى أن ورشة عمل تم عقدها أخيرا في مدينة ليوتن حول تلك القضية شارك فيها 12 شخصا بينهم سبعة تعرضوا لعمليات إيقاف وتفتيش من الشرطة. وشدد على أن نسبة كبيرة من المسلمين ببريطانيا تتعرض لتلك الممارسات رغم أنهم في العادة يعيشون منذ عشرات السنين على الأراضي البريطانية ولم يخرقوا القانون بأي شكل من الأشكال، على حد تعبيره. ووصف شادجاره تركيز الشرطة على المسلمين بأنه عنصري وسيسفر عن نتائج عكسية، موضحا أنه قد تمخض عنه بالفعل تحييد الجالية الإسلامية التي تحتاج الشرطة لمساعدتها في مواجهة الإرهاب. وقال روهول تارافدير منسق الحملات في منظمة 1990 ترست لحقوق الإنسان، من جانبه، إنه أجرى دراسة في نونبر ودجنبر 2003 في تاور هامليتس وشرق لندن وويستمينستر أظهرت أنه بالنسبة للمسلمين الذين تتجاوز أعمارهم 14 عاما، أصبح التعرض للإيقاف والتفتيش بموجب قانون الإرهاب جزءا من حياتهم اليومية حتى دون أن تبدي الشرطة أي أسباب. وقال خالد صوفي، سكرتير لجنة الشؤون القانونية في مجلس مسلمي بريطانيا: إن قانون الإرهاب ساهم في زيادة الإسلاموفوبيا، وأضاف: كل الجالية الإسلامية يتم التعامل معها كمشتبه بهم. ومن بين النماذج التي أوردتها الصحيفة لمسلمين تعرضوا للإيقاف والتفتيش جاهان زيب (استخدم اسما مستعارا في الحديث للصحيفة) من ويمبلي، الذي روى أنه كان يستقل سيارته ذات مساء منذ 5 أسابيع عندما وجد الطريق متوقفا وأن طابورا يتكون من حوالي 100 سيارة لا يتحرك. واكتشف أن الحل الوحيد هو أن يدور بسيارته ويعود من حيث أتى. وأضاف زيب الذي يعمل منفذ تسويق ويبلغ عمره 32 عاما، أنه وجد بعد ذلك أربع سيارات من الشرطة تتبعه بأضوائها وصافراتها العالية، فخمن أنها تحاول أن تتجاوزه سعيا وراء سيارة أخرى فتوقف على جانب الطريق، وأشار إلى أنه فوجئ بعد ذلك بحوالي 12 ضابطا يحملون أسلحة آلية ويستخدمون الكلاب البوليسية قفزوا من السيارات وصاحوا في وجهه مطالبينه بالهبوط من سيارته ورفع يديه، ملفتا أنه وصل في تلك اللحظة إلى حالة من الارتباك جعلته عاجزا عن فك حزام الأمان، وعندما نزل من سيارته كانت قدماه ترتعشان بشدة. وعندما تساءل عن سبب ذلك قالوا إنه استدار بسيارته. إلا أن جاهان زيب اعتبر ذلك السبب مثيرا للضحك؛ حيث إن عشرات السيارات لجأت لذلك التصرف قبله. وأضاف أن عناصر الشرطة قالوا بعد ذلك إنهم تلقوا بلاغا يتضمن أرقام لوحته المعدنية، ولكنه رد قائلا: إن هناك خطأ. وقال: إن عناصر الشرطة بعد ذلك قاموا بتفتيشه كما فتشوا سيارته، ثم اتصلوا عبر اللاسلكي بالشرطة المحلية التي جاءت عناصرها وفتشوا السيارة مرة أخرى، وعندما لم يجدوا شيئا عادوا أدراجهم، وقدم له أحد الضباط اعتذارا ولكنه لم يقدم تفسيرا لما حدث. وقال: أشعر أن ذلك يرجع إلى أنني من أصل آسيوي، مشيرا إلى أن الشرطة تفعل أكثر من ذلك مع غيره من المسلمين الآسيويين؛ حتى إن الآسيويين بصفة عامة في بريطانيا يشعرون بالعزلة. في المقابل، اعترف ديفيد فينيس مساعد المفوض في شرطة ميتروبوليتان (العاصمة) المتخصص في عمليات مكافحة الإرهاب بأن هناك تزايدا دراماتيكيا في أنشطة مكافحة الإرهاب، لكنه أصر على أن الشرطة لا تستهدف الجالية الإسلامية. يذكر أن بريطانيا عادة ما تنال إشادة المسلمين المقيمين بها، بسبب تعامل الحكومة مع الجالية الإسلامية وعدم سعيها إلى التضييق على ممارساتها لشعائرها الدينية. وكان أحمد الراوي، رئيس الاتحاد الأوربي للمنظمات الإسلامية، قد صرح أخيرا ، بأن بريطانيا تتعامل مع الإسلام والمسلمين بشكل كريم رغم أنها لم تعترف به دينا رسميا بعد. وأشاد بصفة خاصة بموقف الحكومة التي لا تمنع المسلمات من ارتداء الحجاب.