سيكون يوم السابع عشر من يناير 2004 يوما مشهودا في تاريخ أنصار الحرية والأخوة والمساواة هذا العام لأنه يوم نصرة الحجاب. ذلك أن هذه الفريضة الإسلامية تتعرض هذه الأيام لظلم كبير على يد فرنسا قلعة العلمانية ووارثة سر الثورة التي جعلت الحرية والمساواة والأخوة شعارات عليا لها، ودفعت في سبيل ذلك ثمنا باهظا من الدماء والأرواح والطاقات، ودافعت عنها بالغالي والنفيس، وأنفقت على الدعاية لها أوقاتا طويلة وأموالا طائلة. غير أن هذه العلمانية تقف اليوم في فرنسا موقفا متطرفا من حرية التدين وحرية التعبير عن المعتقد وحرية الالتزام والحرية الشخصية، مخالفة بذلك القوانين والمواثيق السماوية والأرضية وقانونها نفسه أي قانون ,1905 وهو القانون الذي ينص في فصليه الأول والثاني على علمانية محايدة وراعية لحرية التدين. لقد تطرفت العلمانية الفرنسية غاية التطرف. وتحت ضغط واضح من جهات ظاهرة وخفية، وعلى ضوء استطلاعات رأي تكشف عن انقلاب في الرأي العام الأوروبي والفرنسي تجاه دولة الكيان الصهيوني واعتباره أخطر دولة على السلام العالمي، وتحت وطأة إسلاموفوبيا جديدة ومتصاعدة يشعل نارها إعلاميون وسياسيون ومسلمون مأجورون، وفي ظل حسابات سياسية انتخابية فرنسية ودولية بالغة التعقيد، اتخذ الرئيس الفرنسي جاك شيراك قراره القاضي بحظر الحجاب في المدارس والمؤسسات العمومية ببلاده في خطابه ليوم 17 دجنبر ,2003 ومن المنتظر أن تشرع الجمعية الوطنية الفرنسية في مناقشة مشروع القانون اعتبارا من 3 فبراير القادم، بعد أن نوقش في مجلس الدولة الأسبوع الماضي. ومن المقرر أيضا أن يخضع للنقاش في المجلس الأعلى للتعليم يوم الخميس القادم. وسيكون المشروع على رأس جدول أعمال مجلس الوزراء خلال آخر جلسة يعقدها في شهر يناير الحالي. يوم السابع عشر يناير 2004 ينبغي أن يكون يوما عالميا لنصرة الحجاب والحرية والتسامح والاعتراف بحق الاختلاف. فليس الحجاب وحده مظلوما مضطهدا، ولكن مبادئ العلمانية نفسها ظلمت وحرفت عن معانيها ومقاصدها الأصلية، وتحولت من علمانية محايدة راعية إلى علمانية منحازة قاهرة. وإن مما يبعث في نفوس المسلمين والأحرار في العالم كله كثيرا من مشاعر المرارة والأسى، أن تتحول فرنسا من صديق حليف إلى خصم ظالم، وأن يفقد الرئيس الفرنسي وسام الشجاعة والحكمة بقراره المذكور. ومن أجل هذا يتمنى أولو الألباب والحكمة أن تراجع فرنسا قرارها وأن تبادر إلى تصحيح صورتها التي تضررت كثيرا، وأن لا يستغل المتطرفون من كل جانب هذه الظروف العصيبة لصب مزيد من الزيت لإشعال الفتنة والفتيل. ألا وإن المعركة ليست ضد العلمانية الفرنسية، ولا ضد فرنسا حكومة وشعبا، ولكنها ضد التطرف من أي جهة جاء، وضد صناعة التطرف في أي هيئة تمت، وضد الظلم من أي طرف صدر. ألا وإنها ليست معركة دينية ولا صليبية كما يتردد هنا أو هناك ولكنها معركة حقوق وقوانين ومواطنة ومبادئ يخوضها وسيخوضها الشرفاء في فرنسا وفي الوطن العالمي الكبير. فلنجعل من 17 يناير 2004 محطة نوعية بارزة لنصرة الحجاب ونصرة العلمانية الحقيقية. نصرة الحجاب حتى يرتفع عنه الظلم والاضطهاد، ونصرة العلمانية حتى يرجع بعض أهلها الذين تطرفوا عن ظلمهم وتعسفهم. وإنها لمعركة طويلة حتى يتحقق العدل والإنصاف، وترتفع رايات الأخوة والحرية والمساواة. انظر الملف المعد لهذا الغرض : http://www.attajdid.ma/Dossiers/hijab/hijab1.asp وقفة تضامنية بالرباط شارِكوا فيها تنظم مجموعة من فعاليات المجتمع المدني (منتدى الزهراء للمرأة المغربية ومنظمة تجديد الوعي النسائي، والجمعية المغربية للتربية ورعاية الأسرة وفضاء المرأة المعاصرة والمركز المغربي لحقوق الإنسان وشبيبة العدالة والتنمية) وقفة تضامنية يوم غد السبت 17 يناير على الساعة العاشرة صباحا أمام قنصلية فرنسا بالرباط الكائنة بين مسجد السنة ووكالة المغرب العربي للأنباء بالرباط، احتجاجا على مشروع قرار منع النساء من وضع غطاء الرأس في المدارس والمؤسسات العمومية بالجمهورية الفرنسية وتضامنا مع مسلمات فرنسا، وقد سقط سهوا الإشارة إلى توقيت الوقفة وهو الساعة العاشرة صباحا.