رؤساء المؤسسات التعليمية يتخوفون من موسم مضطرب العام المقبل أبدى كثير من رؤساء المؤسسات التعليمية الفرنسية تخوفات من أن يكون الموسم الدراسي المقبل حافلا بالتقلبات والاضطرابات. وذلك عقب تصويت مجلس الشيوخ الفرنسي على قانون منع الحجاب بالمدارس والثانويات العمومية يوم الأربعاء الماضي 3 مارس الحالي. وقال عدد من المديرين والنظار والحراس، في ما أوردته يومية لاكروا الفرنسية في نسختها ليوم الأربعاء ذاته، إن دخول التلاميذ بعد عطلة الشتاء مرت في ظروف عادية وسليمة، لكن كثيرا من التلاميذ والتلميذات شاركوا بحماس في المظاهرات التي شهدتها فرنسا بعد تصويت البرلمان على القانون يوم 10 فبراير الماضي. وأضاف المسؤولون أنهم لم يلاحظوا أي زيادة في عدد المحجبات. وقال ناظر ثانوية هنري فالون حيث طردت الأختان علمى وليلى إن الإعلام الفرنسي كاد أن يشعل النار في المؤسسة بسبب مبالغاته وتجييشه للمشاعر، وأضاف لوسيان نيديليك بالحرف: لقد تجنبنا ما هو أدهى وأمر، لكننا ما زلنا نعاني من جروح معنوية ونفسية لأن هذه القضية لا تعكس ما يعيشه التلاميذ. إن غالبية عطمى منهم تعرف أن حاجتها إلى المدرسة، وأن الحجاب شيء ثانوي أمام قضية الاندماج. ويختلف المسؤولون التربويون في تنزيل القانون خلال الموسم القادم، وكل يقرؤه كما يبدو له، فهناك من أعلن عن تشدده في تطبيق حرفي ضد أدنى ثوب يغطي شعر الرأس، في حين أعلن آخرون أنه لا داعي لشن الحرب في وجه ذلك، وأن الحكمة وحسن التصرف كفيلان بتجاوز جميع الصعوبات. وأمام هذا الوضع يتوجس المسؤولون من عودة قضايا الحجاب بشكل قوي خلال الموسم القادم نظرا لتداخل عناصر متعددة في الموضوع. وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش العالمية قد أصدرت بيانا يوم 28 فبراير الماضي (نشر في موقعها على الأنترنيت) قالت فيه، إن القانون الفرنسي المُقترح، لحظر الحجاب الإسلامي والرموز الدينية المرئية الأخرى في المدارس الحكومية، سينتهك حق الحرية الدينية وحرية التعبير. وقال كينيث روث، المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس ووتش،القانون المقترح هو تعدٍ لا مبرّر له على الحق بممارسة المعتقدات الدينية. فبالنسبة للعديد من المسلمين، لا يتعلق ارتداء الحجاب بالتعبير الديني فقط، وإنما هو واجب ديني. إن القانون الدولي لحقوق الإنسان يُلزم السلطات الحكومية بتجنّب الإكراه في قضايا الحريات الدينية، ويجب أخذ هذا الالتزام بالاعتبار لدى تحديد قواعد اللباس في المدارس. إن الحظر المقترح على الحجاب في فرنسا، كما هو الحال في قوانين بعض البلدان الإسلامية التي تجبر الفتيات على لبس الحجاب في المدارس، يشكّل انتهاكاً لهذا المبدأ. وفقاً للقانون الدولي، يمكن للدول وضع قيود على الممارسات الدينية في حالات محددة، هي: وجود سبب قاهر يتعلق بالسلامة العامة، وعندما يشكّل الإجهار بالمعتقدات الدينية مسّاً بحقوق الآخرين، أو عندما يخدم ذلك وظيفة تعليمية مشروعة (كحظر الممارسات التي تمنع التفاعل ما بين المعلم والطالب). إن الحجاب الإسلامي، والعمامة التي يرتديها أتباع مذهب السيخ، والقلنسوات اليهودية، والصلبان المسيحية الكبيرة -والتي هي ضمن الرموز الدينية الظاهرة المعرّضة للحظر- لا تشكّل أي خطر على السلامة العامة أو على النظام والأخلاق؛ كما أنها لا تؤثّر على الحقوق والحريات الأساسية للطلاب الآخرين؛ ولا تُضعف الوظيفة التعليمية للمدرسة. يعتقد بعض مؤيدي القانون المُقترح -المعروف باسم مسوّدة قانون بخصوص تطبيق مبادئ العلمانية في المدارس الإعدادية والثانوية والذي سيدخل حيز النفاذ في سبتمبر أنه من الضروري الحفاظ على الفصل بين الدين والدولة في التعليم، وحماية الدولة العلمانية من التهديد المُتصوَّر للأصولية الدينية، وخصوصاً الأصولية الإسلامية. ولكن رغم ذلك فإن حماية الحق بالحرية الدينية لكافة الطلاب لا يُضعف العلمانية في المدارس. بل على العكس، إذ أن الحرية الدينية تُظهر احترام التعدد الديني، وهي رسالة متّسقة تماماً مع الحفاظ على الفصل الصارم بين المؤسسات العامة وأي تعاليم دينية محدّدة. منظمة هيومان رايتس ووتش تقرّ بشرعية مساعي المؤسسات العامة لعدم نشر أي دين عبر أعمالها أو تصريحاتها، ولكن الحكومة الفرنسية تجاوزت هذا الأمر من خلال الزعم بأن الدولة تضعف العلمانية فيما إذا سمحت للطلاب بارتداء الرموز الدينية. حسن صابر