مع اقتراب الدخول الفرنسي في شتنبر المقبل اشتدت حرارة تعامل المسلمين الفرنسيين مع قرار لجنة ستازي الذي صادقت عليه الجمعية العامة الفرنسية بمنع الرموز والعلامات الدينية بالمؤسسات العمومية والتربوية. فقد بدأت الهيئات الإسلامية الفرنسية بعمليات تسخين لدخول معركة الدفاع عن حق ارتداء الحجاب كجزء من الحرية الفردية التي يضمنها ميثاق حقوق الإنسان والعلمانية. وفي هذا السياق تأسف ممثلو المنظمات الإسلامية بفرنسا لتجاهل تحفظاتهم بخصوص الحجاب مع قرب تطبيق قانون 15 مارس,2004 المتعلق بمنع الحجاب إلى جانب الرموز الدينية بالمؤسسات العمومية التعليمية. وأعربت المنظمات عن تخوفها من التأويلات الذاتية للقانون، إذ أوضحت رسالة اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا أن الحكومة الفرنسية والبرلمانيين الفرنسيين قد أعطوا تطمينات سابقة بأن هذا القانون لن يمس أي دين ولا يتعلق البتة بمنع عام لأي علامة دينية في المؤسسات العامة والتعليمية تبعا لقوانين حفظ الحريات الشخصية، خاصة العلامات الدينية. ودعت رسالة المنظمات الإسلامية التلاميذ والعائلات إلى التفكير من الآن في الكيفية للتأقلم مع القانون، مسجلين أثر المنع على مواصلة دراستهم التي هي مستقبلهم. وذهبت رسالة المنظمات الإسلامية إلى أبعد من التأسف بدعوة التلاميذ للحضور إلى المؤسسة باللباس الذي يختارونه، و»إذا كان هذا اللباس يخلق مشكلا فإننا، تقول الرسالة، سندعو إلى الحوار مع المجموعة التربوية لإيجاد حلول تحترم في الوقت نفسه اقتناعاتهم الدينية والقانون، معتمدين في ذلك على تضامن الجمعيات المحلية المسلمة والحقوقية المدافعة عن حقوق الإنسان الأساسية، وسنحتفظ بحقنا في الرد على ردود الفعل المبالغ فيها والسلوكات التي تجهز على حقهم». «ولكننا، تتابع الرسالة، نتمنى أن يمر الدخول المدرسي في هدوء واحترام الجميع». وأكدت الهيئات الإسلامية أنها ستنخرط في إنجاح الدخول المدرسي بتضامن أخلاقي مع المتضررات وتعريفهن بحقوقهن عبر مستشارين لليقظة في ما يخص التعديلات المتعلقة بالقانون الداخلي للمؤسسات. وذكرت الرسالة التلاميذ وأولياءهم بأن لا يدفع التوقيع على احترام القانون الداخلي للمؤسسات التربوية عند التسجيل للتنازل عن حقوقهم الخاصة بالمساواة، ولا يبقوا لوحدهم في هذا الامتحان العسير، بل عليهم الاتصال بالجمعيات المسلمة المحلية، خاصة المجالس المحلية للديانة الفرنسية. وختمت الرسالة توجيهاتها بأن هذا التحرك ما هو إلا من يقظتها وتضامنها، مع تمنيها أن يمر الموسم الدراسي 2004 في احترام كامل للمساواة التي تضمنها الجمهورية الفرنسية. وقد سبق لاتحاد المنظمات الإسلامية أن عقد في أبريل المنصرم «أكبر تجمع أوربي للمحجبات»، عرف باسم البورجي، وشهد إقبالا جماهيريا واسعا من قبل النساء المحجبات وحضرته ما يزيد عن 50 ألف محجبة. واعتبرت منظمة حقوق الإنسان هيومان رايتس ووتش، التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، أن القانون الفرنسي المزمع لحظر الرموز الدينية الظاهرة بالمدارس والمؤسسات الحكومية ومنها الحجاب ينتهك الحرية الدينية وحرية التعبير، مشيرة إلى أن الحجاب واجب ديني. وجاء في بيان للمنظمة نشرته وكالة الأنباء الفرنسية الجمعة 27 2 2004 «أن القرار تمييزي، لأنه يمس الفتيات المسلمات بشكل خاص، وقد يكون عقبة أمام تعلم عدد من المسلمات المتحجبات». وأضاف البيان أن «هذا القانون سيرغم عمليا بعض العائلات المسلمة على سحب بناتها من النظام المدرسي الحكومي». ونبهت المنظمة وقتها على أن «الحجاب والعمامة التي يرتديها السيخ والقلنسوة اليهودية والصلبان المسيحية الكبيرة لا تشكل تهديدا للأمن العام ولا تؤثر على حريات الطلاب الآخرين في فرنسا، كما لا تعوق الدور التربوي للمدرسة». وأضافت أن «حماية حق الحرية الدينية لا يؤثر على العلمانية في المدارس، بل على العكس يعني احترام التنوع الديني، وهو موقف يتماشى مع الحفاظ على فصل صارم بين المؤسسات العامة وأي رسالة دينية خاصة». وسيشهد الثاني عشر من الشهر الجاري عقد أكبر مؤتمر حول الحجاب بالعاصمة البريطانية لندن من تنظيم تجمع حماية الحجاب بأوروبا، يشارك فيه فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي والمفكر الإسلامي طارق رمضان وممثلة عن الحكومة البريطانية، ومن المنتظر أن يتصدر مشكل منع الحجاب بفرنسا جدول أعمال المؤتمر خاصة وأنه ينعقد في أقل من شهرين من الدخول المدرسي. عبدلاوي لخلافة