تستعد الجمعية البرلمانية لمجلس أوربا للنظر في مشروع قرار يتعلق بتقييم الشراكة من أجل الديمقرطية مع البرلمان المغربي في 22 يونيو الجاري، والذي يتضمن بنودا تمس بدين المغاربة وقيمهم وبوحدتهم الترابية. إذ تطالب الفقرة الخامسة من مشروع القرار السلطات المغربية باتخاذ الاجراءات اللازمة من أجل حذف تجريم الشذوذ الجنسي من القانون الجنائي، وتشجعها على احترام حرية المعتقد واحترام المادة 18 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والتي تنص على أنه "لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة". الفقرة الثامنة من مشروع القرار، تشير إلى أن الجمعية البرلمانية تتقاسم الانشغالات التي وصفتها بالخطيرة التي عبر عنها عدد من الموظفين الدوليين ومنظمات حقوقية فيما يتعلق بمزاعم تتعلق بانتهاكات الحقوق الأساسية في الصحراء. محمد يتيم النائب الأول لرئيس مجلس النواب ورئيس الوفد المغربي بالجمعية الأوربية قال في تصريح ل"التجديد" إن هذه التوصية في مشروع القرار الأوربي "ليست لها قيمة قانونية" و "ليست ملزمة للمغرب" و"لا يمكن الأخذ بها لأنها تتعارض مع دستور المملكة والخطاب الملكي الذي وجهه الملك محمد السادس للمنتدى العالمي لحقوق الانسان بمراكش والذي أكد فيه على أن الطابع الكوني لحقوق الإنسان لا يعني التعبير عن فكر أو نمط وحيد يقصي كل التقاليد الوطنية والثقافية". وأكد يتيم أن الشراكة بين البرلمان المغربي ومجلس أوربا هي شراكة بين طرفين ولا تقوم على الإملاءات، مشددا على أن البرلمانيين المغاربة سيتصدون مع أصدقائهم في أوربا لهذا المشروع سواء فيما يتعلق بالقضايا المرتبطة بالقيم أو بالقضية الوطنية الأولى الصحراء المغربية، وأوضح "سنبين خلال المداخلة العامة مواقف المغرب وثوابته، وسنبين أن مجلس أوربا إذا لم يكن متوازنا فسيؤثر على الشراكة بين الطرفين". وبعد أن أشار إلى أن مجلس أوربا يعترف بالتقدم الملموس الذي حققه المغرب في مجال الاصلاحات وينوه بمشاركته وأدائه الفاعل في هذه الشراكة، اعتبر يتيم أن أي توجه لفرض أجندة فكرية أو إيديولوجية على المغرب من شأنه أن يؤثر على هذه الشراكة. وحول الممارسات التي تعتبرها بعض المنظمات الحقوقية ضمن حقوق الانسان تساءل الملك محمد السادس في الخطاب الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة الذكرى 39 للمسيرة الخضراء في 6 نونبر 2014 بالقول: متى كان ترهيب المواطنين، وتخريب ممتلكاتهم، التي اكتسبوها بجهدهم وعرق جبينهم، حقا من حقوق الإنسان؟ ومتى كان الإخلال بالأمن العام، وتدمير الممتلكات العمومية، يدخل في إطار ممارسة الحقوق والحريات؟ وأضاف " لقد سبق لنا في خطاب المسيرة سنة 2009، أن عبرنا عن رفضنا القاطع لهذه الممارسات، ونبهنا إلى أن "أي شخص إما أن يكون وطنيا أو خائنا. فليس هناك مرتبة وسطى بين الوطنية والخيانة". وفي إشارة إلى الخلل الذي يعتري التقارير الدولية قال الملك في نفس الخطاب" سيادة المغرب لا يمكن أن تكون رهينة، لأفكار إيديولوجية، وتوجهات نمطية لبعض الموظفين الدوليين. وأي انزلاقات أو مغالطات، سترهن عمل الأممالمتحدة في هذه القضية" وأكد في نفس الخطاب أنه "مخطئ من يعتقد أن تدبير قضية الصحراء، سيتم عبر تقارير تقنية مخدومة، أو توصيات غامضة، تقوم على محاولة التوفيق بين مطالب جميع الأطراف". من جهته، قال امحمد الهلالي عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والاصلاح، إن مشروع قرار مجلس أوربا هو تدخل غير مقبول في السياسة التشريعية للمغرب، واصفا إياه بأنه تأويل متطرف لمقتضيات المواثيق الدولية التي لا تنص صراحة على هذا الموضوع. واعتبر الهلالي في تصريح ل"التجديد" أن هذا الطلب الأوربي يتصادم مع دستور المملكة الذي صوت عليه الشعب المغربي والذي يجعل للدين الإسلامي مكانة سامية ضمن منظومة الحقوق والحريات وضمن الثوابت المجمع عليها في المغرب . وقال الهلالي " عندما يعتبر هذا الموضوع ضد حرية التعبير، نطلب من الاتحاد الأوربي بالمقابل أن يحذف مقتضيات ما يسمى بتجريم معاداة السامية التي يخنقون بها حرية المبدعين والمفكرين والفلاسفة والمثقفين،"مضيفا " عندما تستطيع أوربا أن تحذف مثل هذه القوانين المقيدة لحرية التعبير والإبداع عندئذ يحق لها مطالبة غيرها بحذف مقتضيات تعتبرها أيضا تحد من حرية التعبير"