نتيجة للجدل القوي بين العلمانيين والإسلاميين حول مسودة القانون الجنائي بسبب تجريم بعض القضايا التي تتصل بالهوية والقيم، رمت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بحجر كبير في النقاش الدائر حاليا، حيث دعت في مشروع قرار جديد السلطات المغربية إلى حذف المقتضى المتعلق بتجريم الشذوذ الجنسي في مسودة القانون. هذا الموقف تضمنه مشروع قرار مرفق للتقرير الذي أعده، بوغدان كليش من بولونيا، خلال زيارتين له إلى المغرب آخرها تمت في أبريل الماضي، التقى خلالها بمسؤولين سامين مغاربة. ويتوقع أن تصوت الجمعية العامة لمجلس أوروبا على مشروع القرار يومي 22 و23 يونيو الجاري، بعد أن صادقت عليه اللجنة السياسية للجمعية البرلمانية بالإجماع، أخيرا. ورغم أن مشروع القرار يعد «تقييما إيجابيا» لتنفيذ برنامج «نحو تعزيز الحكم الديمقراطي في منطقة البحر الأبيض المتوسط الجنوبي»، والذي غطى الفترة ما بين 2012 و2014، ضمن مشروع «الشراكة من أجل الديمقراطية»، إلا أنه أبدى ملاحظات قد تثير غضب المغرب. فإضافة إلى قضية المثلية والشذوذ، دعا مشروع القرار السلطات المغربية إلى احترام «حرية التدين»، كما تنص على ذلك الفقرة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تؤكد على أنه «لكل إنسان الحق في حرية الفكر والوجدان والدين؛ ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو خاصة، بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ..». أما فيما يخص قضية الصحراء، فقد أثنى مشروع القرار على الجهود التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة، من أجل «التوصل إلى سلام عادل ودائم ومقبول من الطرفين في الصحراء»، وباستقبال المغرب المتكرر للمقررين الأمميين، وكذا بفتح فروع للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في العيون والداخلة. لكنه في الوقت ذاته ركز على «أهمية تحسين حالة حقوق الإنسان» سواء في الصحراء أو مخيمات تندوف، وطالب بتشجيع الطرفين، المغرب والبوليساريو، على «وضع وتنفيذ آليات مستقلة وذات مصداقية لضمان الاحترام الكامل لحقوق الإنسان». من جهتها قالت نزهة الوافي، برلمانية عن فريق حزب العدالة والتنمية وعضو الوفد المغربي في مجلس أوروبا، ل»أخبار اليوم» إن بعض ما تضمنه مشروع القرار «غير مقبول»، وأكدت أن الوفد المغربي «سيطالب بحذف بعض فقراته، خاصة التي تتعلق بالدعوة إلى إيجاد آليات مستقلة لحماية حقوق الإنسان بالصحراء». وقالت إن «الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا ينبغي ألا تتجاوز صلاحياتها». وأضافت الوافي، ردا على البند المتعلق بعدم تجريم الشذوذ، أن المغرب حين انضم إلى المجلس في مارس 2011، فعل ذلك وفق إطار 1818، مؤكدة أن المغرب لن يقبل «الوصاية» من أي جهة كانت. وأردفت بالقول: «لا يمكن لبرلمانات أخرى أن تفرض على ممثلي الشعب المغربي ما ينبغي فعله»، لأن هناك «خصوصية مغربية يجب احترامها». وخصّ مشروع القرار البرلمان المغربي كذلك، بملاحظات منها دعوته إلى أخذ الانشغالات والمخاوف التي تعبر عنها المنظمات الحقوقية بجدية، وحثّ الحكومة على التعامل معها، خصوصا تلك التي تتحدث عن «مزاعم انتهاكات لحقوق الإنسان» في الصحراء، وطالب البرلمان بالتأكد من صحة تلك المزاعم، انسجاما مع القيم الأساسية التي يدافع عنها مجلس أوروبا. وبشكل لافت، ذكّر مشروع القرار البرلمان المغربي أنه يعد «حجر الزاوية» فيما يتعلق بتعزيز الديمقراطية، ودعاه إلى «لعب دوره كاملا» سواء على مستوى تعزيز العمل التشريعي الهادف إلى الإصلاح، أو الانفتاح أكثر على الخبراء والمجتمع المدني، والعمل بفعالية من أجل ضمان الحق في تكوين الجمعيات وحرية التعبير لمنظمات المجتمع المدني. لكن، ورغم ذلك، فقد وافق مشروع القرار على توسيع برنامج «نحو تعزيز الحكم الديمقراطي في منطقة البحر الأبيض المتوسط الجنوبي»، ووضع برنامج جديد يغطي الفترة ما بين 2015 و2017.