أكد المؤطر التربوي، محمد سالم بايشي، أن الغش تحول إلى صنعة وشبكات متخصصة يشارك فيها أشخاص يرسلون الأسئلة في اللحظات الأولى من الامتحان، لتتلقفها أياد بارعة ومتخصصة تحلها في وقت قياسي، ثم تعيدها عبر آخر صيحات التكنولوجيا. وأضاف بايشي في تصريح ل"جديد بريس"، أن المتعلم لم يعد الفاعل الأساسي في عملية الغش، بل هناك جهات خارجية تسهل هذه العملية التي أصبحت تؤرق المسؤوليين التربويين اليوم، مؤكدا أن ظاهرة الغش في الامتحانات تسيء بشكل كبير لنظامنا التربوي، وقيمة مخرجاته ومكانة شهاداته. وحسب المتحدث فإن الغش مؤشر كبير على اختلالات متعددة تبدأ بنظام القيم في المدرسة والمجتمع، وتمر بالطرائق والمقاربات البيداغوجية المعتمدة في التقويم، قبل أن تظهر على السطح في الامتحانات الإشهادية. وحمل بايشي مسؤولية تفشي ظاهرة الغش في الامتحانات إلى المجتمع الذي تعايش مع الظاهرة، وأخذ يفقد مناعته تجاه الغش، حيث يفسر الغش أحيانا على أنه شطارة وذكاء، وتفسر الوساطة لأخذ منصب غير مستحق على أنها وجاهة وعلاقات اجتماعية، يؤكد المؤطر التربوي. وأوضح المتحدث ذاته، أن الوزارة الوصية تتحمل أيضا المسؤولية لأنها لم تعالج استفحال الظاهرة بالحزم الكافي، بالإضافة إلى أن طبيعة المقاربة التقويمية المعتمدة في وضع أسئلة الاختبارات، التي تركز على الذاكرة والأسئلة المباشرة تيسر سبيل الغش. وأضاف بايشي أن هناك بعض المؤسسات التعليمية في القطاعين العام والخاص، التي تتسابق بشكل غير مشروع لتحقيق نسب مرتفعة في الامتحانات الإشهادية، مما يجعلها تبدي تساهلا مع بعض الظواهر التي تدخل في إطار الغش بشكل غير مباشر، كما هو الأمر في نقط المراقبة المستمرة، ومشكل الدعم والساعات الإضافية في علاقتهما بالتقويم. وحمل المتحدث ذاته، مسؤولية تفشي الغش للأسرة التي أصبحت تحرص على النتيجة أكثر من حرصها على كيفية الحصول عليها، علاوة على المتعلم الذي يتهاون في الواجب ويجتهد في الغش. ومن أجل محاربة الغش في الامتحانات، دعا بايشة، إلى تربية المتعلمين على القيم الإيجابية، و ثقافة المسؤولية والحق والواجب ، والثقة المعتدلة بالنفس، وتجاوز هاجس الامتحان، كما شدد على أهمية استثمار مقاربات ديداكتيكية تجعل المتعلم أكثر مشاركة في التعلم والبحث . ودعا المؤطر التربوي إلى اعتماد أدوات تقويم أكثر نجاعة، وتجاوز التركيز على المعرفي إلى تقويم مختلف جوانب الشخصية، واستهداف المهارات الذهنية العليا كالتحليل والتركيب، وتنويع الاختبارات وتجاوز الاقتصار على الذاكرة.