دعا فاعلون تربويون وباحثون أكادميون في ندوة علمية، الأربعاء 20 ماي 2015، بالرباط، إلى ضرورة انخراط الوزارات الوصية على التعليم وقنوات الإعلام العمومي ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والعلماء والأطر التربوية في محاربة ظاهرة الغش المدرسي التي أكد المتدخلون على خطورتها على الدولة والمجتمع، مشددين على أهمية الرأسمال الرمزي المتمثل في إحياء الوازع الأخلاقي وتوظيف الخطاب الديني في محاصرة الظواهر الشاذة اجتماعيا. وأكد صالح النشاط، أستاذ القانون بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، أن سلوك الغش مجرم في جميع التشريعات ومحرم في كل الأديان والعقائد لأن مفاده أخذ شيء غير مستحق، مبرزا "أن الامتحانات تندرج ضمن الشأن العام للدولة كما أنها جزء من سياساتها العامة"، ومن هنا يقول المتحدث "تكتسي المقاربة القانونية أهميتها في محاربة الغش المدرسي والجامعي"، مضيفا "يجب على المشرع أن يتدخل لحماية نظامه العام من التسيب والفوضى". وأوضح الأستاذ الجامعي بكلية الحقوق، "أن الامتحانات ترجمة لاختيارات مجتمعية ولاختيارات الدولة التي يتبنى دستورها المساواة والعدل وتكافؤ الفرص والإنصاف"، مؤكدا أنه من مصلحة الدولة محاربة الغش من مداخل متعددة ومن بينها المقاربة القانونية التي تعد "طرفا داعما لتضييق الهوة على كل الممارسات الغير القانونية"، على حد قوله، لكن بالنسبة للتلاميذ فيسري في حقهم المسطرة التأديبية التي تأخذ منحى متدرجا في العقوبات التأديبية. من جانبه أكد خالد عاتق، أستاذ الفلسفة والباحث في علم الاجتماع، أن خطورة الغش تنفتح على كل مجالات المجتمع وتمس ما هو اجتماعي اقتصادي سياسي ثقافي وحتى تكنولوجي، ربط بين تفشي ظاهرة الغش وبين انحلال النظم الاجتماعية بتعبير إيميل دوركهاييم، حيث أدى غياب وحدة المعايير والقيم بين أفراد المجتمع الواحد يقول المتحدث إلى خلخلة البناء الاجتماعي وتسبب حالة من الفوضى والارتباك، وحذر من نتائج الغش الذي أصبح سلوكا انحرافيا يخل بالعملية التعليمية ككل ويهدم أركانها، لافتا إلى أنه أن يؤثر بشكل كبير على التحصيل الدراسي ويقتل روح المنافسة ويعطي صورة مزيفة عن الواقع ويخرج أفرادا عديمي الفائدة في المجتمع. من ناحية أخرى، نبه المفتش التربوي والمختص في علوم التربية، سالم بايشة، إلى خطورة تطبيع المجتمع مع ظاهرة الغش حيث أن بعض الآباء يرافقون أبنائهم لاستنساخ المواد الدراسية التي سيُجتاز فيها الامتحان، وانتقد المتحدث النظام البيداغوجي والمقرر الدراسي المعتمد في التدريس وطبيعة الامتحانات وطريقة التقويم، داعيا إلى الاشتغال على نفسية المتعلم وتربية الأطفال على الثقة في النفس وعلى المسؤولية والاستقلالية والارتباط بقيمة العلم، كما دعا إلى اعتماد مقاربات علمية وتجاوز المقاربات الكلاسيكية وتوحيد المقاييس في التنقيط، واعتماد نظام تقويم أنجع يأخذ بعين الاعتبار الجانب المهاري والمواقف والفهم والتطبيق والتحليل والتركيب. كما عرفت الندوة أيضا مداخلة كل من مصطفى الصنهاجي، نائب رابطة الأمل للطفولة، الذي طالب بتضمين المقررات الدراسية الأسس العقدية والمرتكزات الأساسية التي تحصن القيم وتعزز منسوب المسؤولية الفردية لدى الناشئة، كما دعا إلى إفهام التلميذ بأنه يدرس كل هذه المواد ليس بالضرورة لأنها مرتبطة بمخرجات التعليم وإنما لتربية الذاكرة وتنمية القدرات العقلية، بالإضافة إلى مداخلة رشيد العدوني، رئيس منظمة التجديد الطلابي، الذي ناشد المسؤولين على قطاع التربية باستحضار الجانب القيمي والهوياتي في إصلاح ورش التعليم، ودعا وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الانخراط في محاربة سلوك الغش عبر دروس مسجدية وخطب الجمعة، كما دعا السلطات الأمنية بتشديد الرقابة على المكتبات ومراكز النسخ التي تتاجر في وسائل وأدوات الغش.