يقول المسؤولون الأمريكيون إن عمليات المقاومة العراقية قد تراجعت خلال الأسابيع الماضية بحيث وصلت إلى حوالي 20 عملية في اليوم الواحد. دعونا نصدق الرقم الذي يقوله جنرالات الحرب الأمريكيون، لكن اللافت للنظر هو أن ما نسمعه لا يصل حدود خبر عن عملية أو اثنتين في أحسن تقدير، أما الأخرى فتغيب تماماً، ما يدفع إلى التساؤل حول ماهية الأسلحة التي يستخدمها المقاومون في العمليات المذكورة، وما إذا كانت حجارة أم قطعاً من الحلوى بحيث يخرج منها جنود الاحتلال مبتسمين فرحين لا يعلو الغبار وجوههم ولا ملابسهم!! خلال الأسابيع الماضية، وقبل اعتقال الرئيس العراقي كان التراجع في تغطية أخبار المقاومة واضحاً في الفضائيات العربية، ليس لنقص الأخبار فقط، وإنما لأن قيوداً كثيرة قد حجبتها عن الناس. وحتى لو افترضنا أن الفضائيات المذكورة لا تخف أخباراً وردتها، فإن مراسليها ومصوريها في الميدان لم يعودوا يتحركون بذات الدافعية القديمة لسبب بسيط هو أن فضائياتهم لا تحميهم من الاعتقال و"البهدلة"، ما دام تصوير أي واحد منهم لعملية سيعني السجن بدعوى أنه كان على علم مسبق بوقوعها. هذا اذا ثمنت جهة العمل جهوده ولم تر أنه قد سبب لها الحرج، ومعه خمسة ملايين دولار كغرامة في حال ثبوت التهمة!! قوانين بريمر تتشدد على نحو هستيري في مسألة العلم المسبق بالعمليات، كما تتشدد في قصة الخسائر، حيث لا يسمح لوسائل الإعلام إلا بالتعامل مع الأرقام الصادرة عن قيادة القوات الأمريكية. وبهذه الطريقة تغيب العمليات بغياب صورتها، فيما تنحصر أرقام الخسائر في نطاق تحدده تعليمات قوات الاحتلال. يضاف إلى ذلك بالطبع تلك الحملة التي شنها ولا زال يشنها أذناب الاحتلال من بعض أعضاء مجلس الحكم وأشياعهم ضد الفضائيات، ما جعل العداء لها في الشارع، سيما ذلك المنحاز لخيارات المجلس واضحاً يلمسه المراسلون خلال حركتهم في الشوارع، حتى أنهم لا يأمنون على أنفسهم من بطش الكثيرين. كل ذلك يدفع فعاليات المقاومة العراقية إلى الزاوية الخلفية من الأخبار أو يلغيها حين يتاج ذلك، لكن واقع الحال على الأرض يقول إن المقاومة موجودة، وقد تصاعدت خلال الأيام الماضية بعد اعتقال الرئيس العراقي وستتصاعد أكثر خلال المرحلة المقبلة، حيث ستتحلل قوى كثيرة، إسلامة ووطنية، من عقدة الارتباط بالإرث المعروف وتبدأ موجة فعل أقوى، الأمر الذي أكده كثيرون في مناطق شتى من العراق. من الضروري أن تبدأ قوى المقاومة العراقية بترتيب أدائها السياسي والإعلامي وإيجاد فضاءات جديدة للتواصل مع الناس، لكن ذلك يبقى صعباً بنكوص القوى الشعبية في العواصم العربية والإسلامية عن مساندتها. ألا يعد معيباً أن لا تحظى تلك المقاومة بأية فعالية دعم معقولة إلى الآن؟! المقاومة العراقية تدافع عن العراق، في ذات الوقت الذي تدافع فيه عن الأمة، وعلى الذين يعلنون انحيازهم لخيارات الأمة ونبض جماهيرها أن يدعموا تلك المقاومة، وإلا فإن مصداقيتهم في الشارع ستغدو موضع تساؤل. ياسر الزعاترة