أجمع عدد من قادة الأحزاب السياسية وباحثون مختصون في الدراسات الإسلامية على أن الانخراط في مشروع بناء الدولة المغربية الحديثة يقتضي الفصل بين الدين والسياسة وتفويض الشأن الديني لأمير المؤمنين الذي يسهر على صيانة القيم السمحاء للإسلام وسد الطريق أمام التوظيف المغرض للدين. وأكد كل من السادة أحمد عصمان رئيس التجمع الوطني للأحرار وإسماعيل العلوي الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية وسعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ومحمد مجاهد الأمين العام لحزب اليسار الاشتراكي الموحد وعبد الرحيم الحجوجي الأمين العام لحزب القوات المواطنة ومحمد خليفة عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال في ندوة نظمتها مساء أمس الخميس مجموعة الديمقراطية والحداثة ضمن محورين "السياسة والاسلام" و"الاسلام والسياسة" أن تفويض الشأن الديني للدولة وفصله عن السياسة ليس فيه حد من الحريات أو تعارض بين القيم الدينية النبيلة ومسايرة العصر. وفي قراءة مستفيضة لفحوى الخطاب الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس يوم 30 يوليوز الماضي بمناسبة عيد العرش والذي شدد فيه جلالته على وجوب الفصل بين الدين والسياسة أبرز المتدخلون أن الدعوة الملكية تفتتح الطريق أمام المغاربة للانخراط في مشروع حداثي يرتكز على مبادئ الحرية والتسامح واحترام الاختلاف كسبيل وحيد لإغناء خصوصيتنا ومقوماتنا الثقافية والحضارية. وحذر المتدخلون من خطورة احتكار الدين وتوظيفه لأغراض سياسية مشبوهة قد تؤجج الصراع بين أفراد الأمة وتحول دون إشاعة الفكر الحداثي الديمقراطي المتمثل في تعزيز وتحصين التعددية الفكرية والسياسية. ومن جهة أخرى ركز الباحثون اللجامعيون السادة أحمد الريسوني ومصطفى بوهندي ومحمد الصغير ججار وخديجة الروداني ضمن محور "الاسلام والسياسة" على أهمية تفويض الشأن الديني لأمير الموءمنين ووجوب إيمان جميع التنظيمات السياسية ومحتلف شرائح المجتمع بالديمقراطية والتعددية باعتبارهما واجبا دينيا يدخل في إطار احترام الجماعة والانخراط في الحضارة الإنسانية المعاصرة. وأوضحوا أن خطاب جلالة الملك يندرج ضمن مشروع مجتمع حداثي متعدد يكرس صورة الإسلام المعتدل ويقف في وجه دعاة العنف والتطرف. وتندرج هذه الندوة التي حضرها جمهور غفير من الباحثين والمهتمين في سياق سلسلة من الندوات التي دأبت "مجموعة الديمقراطية والحداثة" على تنظيمها لتسليط الضوء على التحولات العميقة التي يعرفها المغرب على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية مما يطرح على نخبه ومثقفيه وعلى هيئاته السياسية والجمعوية ضرورة بلورة مشروعها المجتمعي بشكل يكرس التضامن والوفاق بين أفراد المجتمع. و.م.ع.