نعم لتمييز الديني عن السياسي.. نعم للمرجعية الإسلامية أجمع المشاركون في ندوتي الإسلام والسياسة والسياسة والإسلام المنظمتين من لدن مجموعة الحداثة والديمقراطية بالدارالبيضاء على ثلاثة أمور هي عدم الفصل بين الدين والدولة وضرورة التمييز بين الديني والسياسي وحرية الاستناد إلى المرجعية الإسلامية. وخلافا لما تداولته بعض الصحف الصادرة يومي السبت والأحد الماضيين، فإن الندوتين المتتابعتين المنظمتين في كلية الطب بعين الشق الدارالبيضاء على امتداد أكثر من خمس ساعات من الساعة الخامسة والنصف مساء إلى الساعة الحادية عشر ليلا . كانتا بالون اختبار حقيقي لاستجابة فعاليات ومكونات المشهد السياسي والثقافي والعلمي المغربي لخطاب العرش 03 يوليوز 4002 حيث تطرق جلالة الملك لإشكالية التمييز بين الدين والسياسة في الحقل السياسي والحزبي واجتماع تمثيل الدين والدولة في شخص أمير المؤمنين واستحالة الفصل بين الدين والدولة في المملكة المغربية. وتميزت الندوتان بغياب مفاجئ لعدد من الشخصيات والهيئات المدعوة على رأسها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الدكتور أحمد التوفيق الذي لم يحضر لا في الندوة العلمية الأولى كما كان مقررا، ولا في الندوة السياسية الثانية كما قيل حيث كان منتظرا أن يلقي خطابا رسميا. كما اعتذر في اللحظات الأخيرة الدكتور عبد الهادي بوطالب الذي عول عليه المنظمون. وعلى المنصة الحزبية تغيب حزب الاتحاد الاشتراكي في شخص الأستاذ محمد اليازغي الذي لم يرسل من يمثل الحزب أوينوب عنه، بالإضافة إلى اكتفاء عباس الفاسي بإرسال محمد الخليفة عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال. اعتذارات وتغيبات أثارت استياء المجموعة المنظمة لدرجة الغضب الواضح. وتميزت الندوتان بارتباك واضح في التسيير وصعوبة مشهودة في التزام النزاهة والحياد العلميين من لدن جمعية منظمة تريد الحصول على شبه استفتاء حزبي وسياسي بالتصويت عن طريق كلمة واحدة من لدن المشاركين هي لا أو نعم على مدى زمني معين من خطاب ملكي لم يمض عليه سوى شهرين متتابعين وقانون أحزاب على أبواب الظهور. ومن مظاهر الارتباك وسوء التسيير مراسلة المشاركين باللغة الفرنسية مما شكل إهانة لبعضهم كاد أن يحتج عليها بالغياب مقارنة مع هيئات أجنبية تراسل الشخصيات المغربية باللغة العربية، بالإضافة إلى حضور كل المشاركين في الندوتين معا دون إحاطة بأرضية الندوتين والأسئلة التي سوف تتطرق إليها وهو الأمر الذي احتج عليه المشاركون كل على طريقته. شارك في الندوة العلمية الأولى كل من الدكتور أحمد الريسوني أستاذ أصول الفقه والشريعة الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط وعضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، والدكتور محمد جنجار مدير مجلة مقدمات والدكتور مصطفى بوهندي أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الآداب بالمحمدية والأستاذة خديجة الروداني المحامية. كما شارك في الندوة الثانية حول السياسة والإسلام الدكتور سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة والتنمية والأستاذ أحمد عصمان الامين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، والأستاذ محمد الخليفة ممثلا لحزب الاستقلال، والأستاذ محمد الحجوجي الأمين العام لحزب القوات المواطنة، والأستاذ مولاي إسماعيل العلوي الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، والاستاذ حسن مجاهد ممثلا لليسار الاشتراكي الموحد. وإذا كان الدكتور محمد العيادي قد سير الندوة الأولى مهيمنا على الكلام فيها حتى فاقت تدخلاته كلمات المشاركين واعتبرها بعض الحاضرين عروضا بين العروض، فإن الندوة الثانية عرفت انتفاضة القاعة في وجه المسير الأستاذ عبدالعالي بنعمور عند أول مقاطعة له للدكتور سعد الدين العثماني فاضطر بعدها إلى التراجع والاكتفاء بذكر الأسماء وإعطاء شارة البدء لكل مشارك. ملاحظتان مشتركتان للمسيرين معا هي إعطاؤهما الكلمة الاولى في الندوتين لكل من الدكتور أحمد الريسوني والدكتور سعد الدين العثماني مما اعتبره بعض النبهاء فسحا للمجال أمام الباقين للتعليق والتعقيب على آراء الإسلاميين. الدين والدولة.. الديني والسياسي.. المرجعية الإسلامية أجمع كل المشاركين في المائدتين معا على استحالة الفصل بين الدين والدولة في المغرب لأسباب تاريخية وواقعية ودستورية ودينية ولتحولات كبرى يشهدها العالم بما فيه العالم الإسلامي، وتشهد الوقائع المسجلة للندوتين معا على أن أي أحد من المشاركين لا في المائدة الأولى ولا في الثانية قال بضرورة الفصل بين الدين والدولة ويكفي النظر في نصوص الكلمات التي ننشر اليوم بعضا منها على أمل أن ننشر الباقي في الأعداد القادمة. المشاركون كلهم قالوا مثل ما قال الدستور إن دين الدولة هو الإسلام ولا يمكن الفصل بينهما، وكلهم أجمعوا على أن الملك رمز للدين إذ هو أمير للمؤمنين ورمز للدولة إذ وحامي حمى الملة والدين وضامن الوحدة الترابية والاستقرار الداخلي والمدافع عن البلاد ضد أي عدوان أجنبي. كلهم أيضا استندوا إلى الطابع الديني للدولة المغربية من أول يوم أسست فيه على يد المولى إدريس إلى يوم الناس هذا، إذ هي دولة مستمرة ترث الأسر المتعاقبة والملوك المترادفون عليها تمثيل الدين والدولة معا، ولا تعمل بمقولة كلما جاءت أمة لعنت أختها كما قال الدكتور أحمد الريسوني. أما فيما يتعلق بالعلاقة بين الدين والسياسة، فقد أجمع كل الحاضرين على ضرورة التمييز بين المجال الديني والمجال السياسي، وإبعاد الدين عن ساحة الاستغلال والمزايدة السياسية وتهييج المشاعر ودغدغتها، وإسناد الأمور الدينية إلى أهلها من العلماء والمجالس العلمية والمجلس العلمي الأعلى. بعض المشاركين عبر عن العلاقة بين الدين والسياسة بالفصل وبعضهم عبروا عن ذلك بالتمييز والتخصص، إلا أن القراءة المتأنية الحصيفة لجميع المشاركين تبرهن على أن المتكلمين الجامعيين والسياسيين لا يتحدثون عن فصل أفقي، بل يتكلمون عن فصل تخصصي عمودي يسند الوظائف الدينية من خطابة ووعظ وإرشاد ومساجد ومجالس علمية وفتاوى إلى أهلها تحت المسؤولية العليا لأمير المؤمنين. أما مسألة المرجعية فقد حظيت هي الأخرى بإجماع المتدخلين الذين لم يجدوا أي مانع من الاستناد إلى المرجعية الإسلامية لدى الأحزاب والهيئات والجمعيات، خاصة وأنها مرجعية الدولة، ومرجعية كل الأحزاب السياسية المغربية التي يقول كل زعمائها ومنظريها ومواثيقها وبياناتها إنها إسلامية ونحن جميعا مسلمون، لكن مع فتح الباب على مصراعيه أمام الاجتهاد ومواكبة العصر والاندماج في العولمة والتنافس الشريف في تقديم الحلول والبرامج السياسية للمجتمع المغربي والدولة المغربية. وفي موضوع الجماعات الإسلامية والدينية أجمع المشاركون أيضا على الاعتصام بالاعتدال والتسامح والديمقراطية وحرية التعبير والتفكير وتحريم الاحتكار وادعاء التمثيلية الوحيدة. ننشر اليوم وقائع المائدة المستديرة الأولى حول الإسلام والسياسة على أن ننشر وقائع المائدة المستديرة الثانية حول السياسة والإسلام في العدد المقبل بإذن الله. تقديم المسير د. محمد عيادي قدم الدكتور محمد عيادي للمائدة الأولى بوضع اللقاء في سياقه السياسي والظرفي المباشر وحث المشاركين على الجواب المباشر عن أسئلته دون العودة إلى التحليل النظري، وذلك سلوك كرره المسير الثاني الاستاذ عبدالعالي بنعمور مع المشاركين في المائدة الثانية وتميز بالقساوة الشديدة. مما قاله محمد العيادي لا نريد الخوض في النقاش الفكري والنظري حول العلمانية ومدى مطابقتها لنا، ولكننا نريد الانطلاق من واقع المغرب وواقع النضال السياسي والاجتماعي المغربي، وكيف تطرح فيه اليوم قضية العلاقة بين الدين والسياسة وفي عرض للأسباب التي دفعت المجموعة إلى عقد هاتين الندوتين أشار العيادي إلى ظهور الحركات الإسلامية وأدوارها المتزايدة وتطبيع وضعية بعض منها ووصولها إلى المؤسسات المنتخبة، كما توقف أمام أحداث 16 ماي 2003 بالدارالبيضاء، وأخيرا الخطابين الملكيبن حول تنظيم الحقل الديني في شهر ابريل 2004 وحول الدين والدولة والسياسة في شهر يوليوز .2004 وقسم العيادي محاور المائدة الاولى إلى ثلاثة هي: 1 طبيعة الدولة والنظام السياسي بالمغرب ومكانة الدين فيه الدستور الملك أمير المؤمنين. قانون الجمعيات والأحزاب السياسية. منع تأسيس أي حزب على أساس ديني. 2 بناء الدولة الحديثة الديمقراطية ومكانة الدين في هذه الدولة، وليس في إطار الدولة السلطانية. 3 ما هي مكانة الفقيه ورجل الدين في إطار هذه الدولة الحديثة.