بعد منتصف الليل وبإلحاح كبير استطعنا أن ننتزع هذا الحوار من الأستاذ لحسن شكيرا رئيس المجلس البلدي لمدينة خنيفرة، وهو في حالة تعب نظرا لانشغالاته المتعددة، تحدث إلينا عن واقع الجماعة الحضرية بعد ثلاثة أشهر من ترؤسه لها، وما تعانيه هذه الجماعة من عراقل للتنمية الاقتصادية خاصة عوائق الاستثمار. بعد ترؤسكم للمجلس البلدي لمدينة خنيفرة ما هي أهم انشغالاتكم الحالية والمستقبلية؟ من أولى الأولويات بالمنطقة: إصلاح الطرق ونظافة المدينة وتوفير فضاءات خضراء ليجد السكان متنفسا لهم خاصة في الصيف، وسنسعى جاهدين لأن تتميز المدينة بجمالية مقبولة. وسنعمل على أن تتوفر على مسالك رئيسية مشرفة خصوصا مدخل المدينة بطريق مكناس في اتجاه تادلة، ليشعر العابر للمدينة أنه يعبر مدينة وليست قرية، كما سنسعى لتوفير منطقة صناعية للمستثمر عبر فض نزاعات ملكية الأراضي بيننا وبين المالكين بالتراضي ليصبح المستثمر مطمئنا.
ما هي أهم المشاكل المطروحة على المجلس البلدي حاليا؟ غياب الاستثمار يعتبر أكبر معوق للتنمية المحلية في الجماعة الحضرية لخنيفرة، وهذا ينعكس سلبا على الوضع الاقتصادي للجماعة، وعلى المستوى المعيشي للمواطن وعلى أمنه وعمله، ثم المديونية التي تثقل كاهل الميزانية، والمنازعات القضائية التي ورطت الجماعة في تعويضات تفوق المليارين وهي أحكام ما زالت تنتظر التنفيذ، والخراب الذي لحق الطرق، ولا أبالغ إذا قلت إن خنيفرة لا تتوفر على شارع يشفع لها كي تسمى مدينة.
حسب بعض المتخصصين فإن من أهم عوائق الاستثمار بالمدينة مشكل تحفيظ الأراضي، ما رأيكم في هذا؟ صحيح أن المدينة تعاني هذا المشكل، لأنه بعد خروج المستعمر تم تقسيم الأراضي الفلاحية بين السكان ومنهم من قام بتحفيظها، كما أنه لدينا منازعات مع بعض الأفراد، وهناك من قضت المحكمة لصالحهم بعدما تبين أن الجماعة ترامت على أملاكهم وكمثال على ذلك أحدهم قضت المحكمة لصالحه ب750 مليون سنتيم، وهذه من بين الأسباب التي تجعل المستثمر لا يستطيع المجازفة بإنجاز مشروع فوق أرض تعرف نزاعات.
ما هي الحلول المقترحة لتجاوز الأزمة؟ من بين الحلول المقترحة بخصوص الاستثمار، سنحاول تفعيل كل ما نراه إيجابيا فيما سطره من سبقونا وسنجتهد لإنجاز برنامجنا، فضفاف أم الربيع مغرية ومؤهلة لجلب المستثمرين لإنشاء فضاءات خضراء ومسابح ومقاهي وخلق عدة متنفسات للسكان، وبهذا سنجعل مدينتنا قبلة للسياح القادمين من فاسومكناس والمتوجهين إلى مراكش، خاصة أن إقليمخنيفرة يزخر بموارد طبيعية جميلة ونادرة مثل غابة الأرز ومنابع أم الربيع وغيرها، وبهذا نستطيع خلق فرص شغل للساكنة وتنمية الموارد الاقتصادية للمنطقة. هذا من جهة ومن جهة ثانية لما بدأت عملي كرئيس قمنا بجولة في الأحياء الهامشية، والنتيجة التي خلصنا إليها هي أن البناء العشوائي موجود، ولما اطلعنا على مشروع التهيئة وجدنا أن التصميم لم يصادق عليه بعد وطلبنا قبل المصادقة عليه الترخيص لبناء تلك الأحياء حتى تستفيد الجماعة من المداخيل من جهة وتسوى أوضاع الأحياء من جهة ثانية، فالبناء العشوائي موجود لأن المواطنين يبنون بطرق ملتوية وسنحاول الحد منه قدر الإمكان.
ماذا عن الميزانية، وهل هي كافية؟ تناهز ميزانية المجلس البلدي ثلاثة ملايير سنتيم، غير أن 72 بالمائة منها تخصص للموظفين والقروض، ولقد بلغنا مع صندوق التجهيز الحد الأقصى من الديون، إضافة إلى أن حوالي مليارين و 640 مليون هو الباقي استخلاصه من الضرائب لدى المواطنين، ونناشد المواطنين أن يؤدوا ما بذمتهم من أموال حتى نستطيع أن نؤدي لهم حقوقهم التي تحظى بالعناية لدينا، ولقد راسلنا وزير المالية لتزويدنا على الأقل بتسبيق لمواجهة الأوضاع المزرية ريثما يتم تحصيل الباقي استخلاصه.
تقام بالمنطقة مهرجانات للفنون الشعبية كيف يتعامل المجلس البلدي مع مثل هذه المهرجانات خاصة أن المجلس يرأسه حزب العدالة والتنمية؟ يقام مهرجان سنوي عنوانه ثقافي غير أن مضمونه يطبعه الاحتفال، الرقص والغناء، وأغلب أعضاء المجلس هم ضد طريقة التنظيم، ونحن نناقش باستمرار هذا الأمر لنعطي للمهرجان بعده الثقافي حقيقة، وسنستمر في تنظيمه وستكون لنا قوة اقتراحية لنبرز الوجه الحقيقي للمدينة، ولن نقصي فنا ولا فلكلورا بل سنشرك ذوي الاختصاص وسنترك الحكم للمواطن، فحزب العدالة والتنمية لم يأت ليفرض أفكاره على الناس بل جاء ليقنع بها.
عرفت مدينة خنيفرة الأسبوع الماضي فياضانات مهولة هل استطعتم مقاومتها؟ وجدنا أنفسنا عاجزين عن المقاومة لأن حجم الخسائر فاق إمكاناتنا، والخسائر المادية كانت جسيمة ويوجد حاليا 70 منزلا يجب إفرغه بشكل فوري، لكن لا نستطيع توفير سكن لهم خاصة أن المواطنين لهم أنفة ولا يرضون العيش في الخيرية لارتباطهم ببيوتهم، ولقد خلفت التساقطات والفياضانات أضرارا كبيرة، لقد زارتنا مؤسسة محمد الخامس مشكورة وقدمت لنا مساعدات عبارة عن أغطية وأفرشة ومواد غذائية ل 318 أسرة متضررة، لكن قدر المساعدة لم يكن كافيا ويبقى قليلا مقارنة مع حجم الخسائر، فقد بلغ عدد الأسر المتضررة، حسب آخر إحصاء، حوالي 700 أسرة، كما أن عجزنا تمثل في عدم وجود آليات لنظافة الشوارع مما دفعنا إلى إعارة بعضها من بعض المقاولين، مع الإشارة إلى أن تدخل العمالة والوقاية المدنية والسكان، الذين أبانوا عن تضامنهم، خفف من حجم الكارثة، وعموما وضع الناس بعد الفياضانات فوق طاقتنا وطاقة الإقليم والجهة ، الأمر يتطلب تدخل الحكومة.
كلمة أخيرة... هي في الحقيقة بشرى للسكان، لقد تم رصد غلاف مالي أولي قدره 500 مليون سنتيم وزعناها كالآتي: بناء قنطرتين بجوار قنطرة مولاي إسماعيل بغلاف مالي يقدر ب 300 مليون سنتيم، ترميم وتقوية السور على جنبات أم الربيع بغلاف مالي قدره 83 مليون سنتيم، وإصلاح بعض الشوارع الصغيرة وإعادة تعبيدها بغلاف مالي قدره 80 مليون سنتيم، وتصريف مياه الأمطار بغلاف مالي قدره 37 سنتيم، هذه الأشغال ستبدأ في الأيام القليلة القادمة. كما أن رصد 1,5 مليار سنتيم سيخصص منها 1,2 مليار سنتيم للطرقات و300 مليون سنتيم للكهرباء و100 مليون للمساحات الخضراء، إذا سارت الأمور كما يجب ستتغير معالم مدينتنا بعد أشهر قليلة إن شاء الله.