بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    "التقدم والاشتراكية": الحكومة تسعى لترسيخ التطبيع مع تضارب المصالح والفضاء الانتخابي خاضع لسلطة المال    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    التنويه بإقالة المدرب العامري من العارضة الفنية للمغرب التطواني    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    مجلس الأمن: بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    مباراة الزمامرة والوداد بدون جماهير    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025        بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التجديد تستطلع أوضاع مدينة خنيفرة بعد الفيضانات المهولة
نشر في التجديد يوم 23 - 12 - 2003

سبعون منزلا مهددة بالسقوط... والأوحال تعيق ذهاب التلاميذ إلى مؤسساتهم

الملف الجهوي لهذا الأسبوع حملنا عبر طريق أزرو إلى مدينة خنيفرة، حيث الطبيعة الخلابة الممتدة عبر الطريق المؤدي إليها، فما إن تطأ قدماك خنيفرة حتى يتبادر إلى ذهنك سؤال حول معايير الفرق بين المدينة والقرية، لأنك لا تكاد تجد طريقا أو شارعا يُشَرِف المنطقة ويغني الراكبين المارين بها عن الحركات الفلكلورية أحيدوس، مدينة تضررت بفعل الفيضانات الأخيرة التي زادت الطين بلة، فتلطخت بالأوحال التي زينت لون جدران بناياتها الحمراء وحملت المياه الملابس والكتب والأجهزة لتترك أبناءها يندبون حظهم التعس على ما فقدوه. التجديد وقفت على بعض مشاكل الجماعة الحضرية لخنيفرة ننقلها للقارئ عبر الاستطلاع التالي:

لو كانت السيارة آدميا لرفعت ضدي دعوى قضائية
شرع المجلس البلدي لمدينة خنيفرة في ترميم شارع محمد الخامس، وهو شارع رئيسي بالمدينة، أطلق عليه السكان اسم شارع موحى والحسين كناية عن الفنان الأمازيغي المنحدر من المدينة، وسبب هذه التسمية لم يكن حب الفنان دافعا لها، ولكن للحركات الفلكلورية التي يقوم بها كل راكب سيارة أو شاحنة مجبرا بفعل تأثير الحفر الموجودة بالشارع، يقول السيد أحمد (تاجر): «الشارع الرئيسي الوحيد بمدينة خنيفرة لم يحظ بالعناية منذ سنوات، فشوارع المدينة تخبر عن حالها وحال أهلها»، وتقول السيدة سعاد (موظفة) ملقية باللوم على المسؤولين الذين لم تحركهم الغيرة على مدينة تمتاز بطبيعتها الخلابة: «نكاد نتقيأ كلما مررنا بأحد الشوارع راكبين، لدرجة أصبحنا نفضل السير على أقدامنا على أن تنهكنا حركات الاهتزاز صعودا وهبوطا داخل السيارة».
وشبه رجل أمن حفر الشوارع بالآبار، مستغربا من أن طرقات مدينة لم تشهد تغيرا منذ أن بدأ عمله بها. ويحكي السيد (ع.ر)، سائق سيارة أجرة، عن معاناته اليومية مع الطريق، متمنيا أن يكون المجلس الجديد فاتحة خير على المدينة التي عانت طويلا: «عندما أروح ليلا إلى بيتي أشعر بالتعب الشديد جراء هذه الطريق المليئة بالحفر، خاصة أنني أستعملها يوميا»، ويضيف سائق الطاكسي مازحا: لو كانت السيارة آدميا لرفعت ضدي دعوى قضائية لدى المحكمة الابتدائية بخنيفرة.
وللصغار رأيهم الخاص في الموضوع، فقد تحدث الطفل أسامة لالتجديد، (12 سنة) موجها حديثه لمن يهمهم الأمر: «ينبغي على المسؤولين إصلاح الطرقات حتى ننعم بمدينة جميلة مستقبلا، ونتذكر عندما نكبر أن مسؤولين مخلصين أعدوا لنا شيئا نذكره لهم بالخير ونطلب لهم الرحمة والمغفرة عند وفاتهم».
ويرى بعض السكان أن المسؤولين لا يحسنون التخطيط الذي يوفر الجهد والمال، تقول السيدة حفيظة، (أستاذة): «مشكلتنا أننا نكرر العمل مرات عديدة، لقد كان على المسؤولين أن يبادروا إلى إصلاح الطرقات مباشرة بعد إتمام إصلاح البنية التحتية منذ سنتين».
يصف لنا التقني الممتاز المعطي عباز حال شوارع المدينة بتعبير يبين عشقه الكبير لمهنته «لم يعرف شارع محمد الخامس ترميما منذ سنة ,1980 وكنت قد أجريت له مراقبة أنذاك، أما باقي الشوارع فما تزال كما هي منذ عهد الحماية الفرنسية مثل زنقة حمرية وتعلالين وغيرها». ويضيف موضحا الطريقة التي ينبغي أن ينهجها المسؤولون لترميم الطرقات «ينبغي مستقبلا ألا تصلح الطرقات أو ترمم قبل تهييء البنية التحتية كاملة، ففي فرنسا مثلا يتم التخطيط وفق الاحتمالات المستقبلية، فقبل الإقدام على تبليط الشوارع يتم إعداد البنية التحتية بشكل جيد ليكون العمل متقنا.
ويرى التقني السعيدي أن مشكل الطرقات الحالي سببه يرجع إلى الانتقال من مجلس إلى آخر، فكل مجلس جديد يبحث عن عيوب تخطيط المجلس السابق ويصبح المقاول بين نارين، مما يؤدي إلى بقاء الحال على ما هو عليه».
وطمأن السيد حدو بومعزة، الخليفة الأول لرئيس المجلس البلدي، السكان على حال الطرقات مصرحا لنا: « شرعنا في ترميم شارع محمد الخامس، وسيكون لبنة وخطوة أولية ليطمئن السكان الذين خسروا الكثيرا بسبب هذا الشارع».

فندق للإنسان أم للحيوان؟
تضم بلدية خنيفرة 11 فنْدَقًا، تقدر ساكنة هذا الأخير، حسب إحصاء للجماعة الحضرية ب 724 فردا، على ساحة إجمالية تقدر ب3 هكتارات، وتتوزع الفنادق بين فنادق سكنية وأخرى تجارية تعود ملكيتها إلى العشائر (ما يصطلح عليه بالعظم) بضواحي المدينة، وهي عبارة عن بيوت قصديرية، كان أفراد كل عشيرة يستخدمونها للراحة عندما يقصدون السوق الأسبوعي بالمدينة، فيعقلون فيها دوابهم ويرتاحون فيها وقت القيلولة قبل أن يعودوا إلى بيوتهم بالبادية مساء، لم يعد مالكي الفنادق يستخدمونها لأن الدواب أصبحت وسيلة نقل متجاوزة، فمنهم من أنجز مشروعا مكانها فأقام سوقا ممتازا أو فندقا، ومنهم من فضل كراء البيوت الصفيحية للفقراء الذين حالت ظروفهم المزرية دون كراء بيوت لائقة.
اخترنا أن نعاين عن كتب حالة هذه الأماكن، عند مدخل فنْدَقْ ديور الشيوخ أو تدارت إزيان بالأمازيغية، تجد قوسا كتب عليه بالفرنسية Izianedar، فيخيل إليك أنك ستلج معلمة تاريخية، وبمجرد دخولك تشد انتباهك مناظر مرعبة، فتشهد حيا صفيحيا تقدر مساحته بهكتار ونصف يض» 104 براكة، حسب إحصاء الجماعة الحضرية.
حي صفيحي محاط بسور عال يخفي مآس اجتماعية، آهات النساء وحسرتهن تدفعك إلى طرح سؤال عريض عن المسؤول عن الفقر المدقع والغنى الفاحش.. وسرعان ما تستفزك وتثير استغرابك طريقة تفكير وزرائنا الذين تهمهم كثيرا السيارات الفارهة وإغداق المال على البرلمانيين... ولا يهمهم أن شريحة عريضة من بني جلدتنا تتضور جوعا ولا تتوفر على سكن لائق يستجيب للمتطلبات الدنيا لحقوق الإنسان.

مشهدنا يغني عن ألف كلمة
فاطمة برعو امرأة في الخمسين من عمرها تسوق عربة تضم قارورات ماء، استوقفناها لتحدثنا عن أحوال العيش بديور الشيوخ، فأجابتنا بصوت مبحوح: «لا نعيش كباقي الناس، لدي خمسة أبناء ونفترش الكارطون ونعيش دون مرحاض ولا ماء ولا كهرباء»، رافقناها لنطلع على بيتها الذي يؤلم منظره كل قلب حي، لم نكد نخرج من براكة فاطمة حتى وجدنا زمرة من النساء، كل واحدة منهن تصر على أن ندخل براكتها ونطلع على حالها، كالسيدة كمي يطو التي أخذت تلقي اللوم على المقدم الذي لم يدرج اسمها ضمن لائحة المستفيدين من إعانة مؤسسة محمد الخامس للتضامن رغم أنها تضررت بفعل التساقطات، فالحالة واحدة ولا توجد براكة أحسن حالا من الأخرى.
بالجانب المحادي لإحدى البراريك يجتمع بعض الشباب يدخنون السجائر ويستمتعون بأشعة الشمس الدافئة، آثروا ألا يصموا آذاننا بشكاويهم فالنساء قمن بالواجب، غير أن أحدهم قال متأسفا: «هذا قدرنا، حالتنا لا تحتاج إلى وصف أو كلام، مشهدنا يغني عن ألف كلمة».
إحدى النساء تكلمت والدمع يكاد ينهمر على خديها: «نحن نعيش مثل الحيوانات، من منا لا يحب أن يعيش في سكن لائق ويشعر بالدفء والكرامة».غادرنا تدارت إزيان ونحن نرثي لحال سكانها البئيس، وكلنا أمل أن تتحسن وضعية هذه الفئة المحرومة، ونجدها يوما تنعم بالعيش الكريم في منازل تستر عوراتها. وعن مستقبل هذه الفئة يرى السيد المعطي عباز أن حوالي مائة أسرة ستستفيد من تجزئة الزهراء، خاصة أن ساكنة الفنادق من الفئة المحرومة، فالدولة وضعت لهم سقاية للاستفادة من الماء بثمن رمزي.

بت صحبة ابني في الشارع
ساكنة خنيفرة ما تزال تدعو بالخير لقائد ممتاز سابق يسمى البارودي لأن له الفضل في بناء الجدار الواقي سنة ,1975 ولولا هذا السور لكانت الفيضانات التي وقعت أكثر هولا. زنقة 20 غشت الموجودة بجانب نهر أم الربيع، ما تزال شاهدة على هذه الفيضانات، فبمجرد بزوغ الشمس تسارع النساء إلى إخراج أمتعتهن (حصير، أغطية...) لتجففها أشعة الشمس، ركام الأوحال الذي ما يزال أمام البيوت يجعل كل والج إليها مضطرا إلى البحث عن ملابس بديلة إن لم يكن حريصا في المرور بحذر شديد حتى لا تنزلق قدماه فيغوص في الوحل.
الكبيرة العمراني (80 سنة)، من سكان هذا الحي، تصيح بصوت عال وكأنها أصيبت بهستيريا: «لا أعرف لماذا لم أستفد من المساعدة (عبارة عن أربعة أغطية وأربعة أفرشة ودقيق وزيت وسكر) التي وزعتها العمالة» وتتابع قولها وهي تسرد واقعة الفيضانات وكأنها وقعت اليوم: «سمعت الناس يصيحون، ولم أكترث رغم أني رأيت الماء يغمر بيتي، فلقد اعتدت ذلك منذ 46 سنة، بيد أنني لم أكن أتصور أن الماء سيصل إلى درجة لم أستطع معها الخروج من المنزل، ولم أجد بدا من إخبار ابني المعتوه الذي خرج مسرعا، فصحت بصوت عال أنادي على رجال الوقاية المدنية، هذه الأخيرة رمت لي سلما لإنقادي عبر سطح بيت الجيران».
وتكمل السيدة العمراني حديثها قائلة: «تعذبت كثيرا في تلك الليلة، بت صحبة ابني في الشارع، لأنني رفضت المبيت عند الجيران بسبب الوضع الصحي لابني»، تتابع والدمع ينهمر على خديها بقولها: سأفني عمري من أجل ابني ولا أتركه للشارع.

مشروع إيجابي على أرضية غير صلبة
ولجنا منزلا بني على مستوى أقل من مستوى نهر أم الربيع صحبة مالكته سعيدة التيجاني ولم نستطع المكوث به طويلا نظرا لشعورنا بالغثيان نتيجة الرائحة الكريهة المنبعثة من إحدى غرفه، فمنزل التيجاني تخترقه قناة الواد الحار، تعلق سعيدة عن وضعية المنزل: «من يستطع العيش في مثل هذا المنزل؟ لقد استغلوا طيبوبة أمي رحمها الله التي سمحت لهم بأن تخترقه قناة الواد الحار».
وعن الحل الذي تراه سعيدة مناسبا لأملاكها المحاذية للنهر تقول جازمة: «لم أعد أرى ضرورة لوجود هذه المنازل هنا، من الأفضل أن تشتريها الدولة».
يشدد بعض السكان على ضرورة الإسراع بحل ما تبقى من مشكل قنوات الصرف الصحي، يقول السيد (م،ع) «المجلس البلدي وذوو الاختصاص تقع عليهم مسؤولية إصلاح ما ينبغي إصلاحه في قنوات الصرف الصحي».
عرفت مدينة خنيفرة توقيع شراكة بين المكتب الوطني للماء الصالح للشرب وبلدية خنيفرة والجماعة القروية لموحى ومحمد الزياني وبنك ألماني، هذا الأخير مكلف بتمويل المشروع عبر ثلاثة أشطر. وقدرت تكاليف الدراسة ب200 مليون سنتيم إضافة إلى 33 مليون سنتيم مازالت في ذمة المجلس البلدي.
ويعتبر السيد حدو بومعزة الخليفة الأول لرئيس المجلس البلدي أن المشروع إيجابي غير أنه لم ينجز على أرضية صلبة، كما أن المسير للشراكة وهو المكتب الوطني للماء الصالح للشرب ليس لديه تخصص في ميدان المياه المستعملة».
واعتبر الخليفة الأول أن من بين العراقل التي أجلت أشغال الطرقات المشاكل التي يعرفها المكتب الوطني للماء الصالح للشرب مع شركة صماترا التي وقع معها الصفقة، وقال إن شارع محمد الخامس الذي تسلمه المكتب الوطني للماء ليمرر منه القنوات الشتوية لم تسلمه له الشركة المذكورة، ليسلمه بدوره إلى المجلس البلدي، غير أن ضغط الشارع جعل المجلس يتحمل على عاتقه تأدية مصاريف إضافية خارج كناش التحملات.

سبعون منزلا تستدعي الإفراغ العاجل
حسب آخر إحصاء، يوجد 300 منزل مشقوق، سبعون منها ينبغي إفرغه عاجلا لأنه آيل للسقوط، سكان هذه البيوت يرفضون التوجه إلى الخيرية، هذه الأخيرة، حسب اعتقادهم، علامة على الذل والتعاسة، منهم من يفضل الموت في بيته تحت تأثير السقوط على أن يصبح عرضة للتشرد نتيجة قلة ذات اليد.
السيدة خديجة البارودي أفرغت بيتها يوم واحد قبل يوم الفيضانات، دخلنا بيتها الذي يطبعه الخراب من كل جانب.. شقوق تشكل لوحة تشكيلية من أثر السنين ورسم ماء المطر والوحل، خرجنا للتو قبل أن نكون أحد ضحايا منزل السيدة خديجة، هذه الأخيرة صرحت لالتجديد بقولها: «بناء على إنذار من السلطات يفيد بضرورة إفراغ بيتي لأنه بات مهددا بالسقوط، آوتني إحدى السيدات بمنزلها، فأعطتني غرفة أقطنها رفقة طفلاي إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، خاصة أنني لا أملك مالا أستطيع به إصلاح البيت، فعملي كخادمة بالبيوت لا يكفي إلا لسد رمق الجوع».
فاطمة أشقير فضلت النوم ببهو المنزل لأن سقف الغرف مهدد بالسقوط، تحكي فاطمة، التي ترفض التوجه إلى الخيرية عن وضعها: "أسعى لإصلاح بيتي جهد الإمكان، رغم أنني سئمت النوم بالبهو خوفا من سقوط سقف إحدى الغرف التي تأثرت بشكل أكبر بفعل التساقطات الأخيرة".

ثكنة القوات المساعدة وفعل التساقطات

المأساة واحدة فزنقة تازة هي الأخرى، شأنها شأن زنقة 20 غشت، تضررت بفعل الفيضانات... أسر ضاع منها كل شيء (كتب الدراسة وأثاث المنزل وكل شيء ذا قيمة، أشياء لا يعوضها فراش ولا غطاء...).
قصدنا تجمعا رجاليا في مرتفع بجانب حي سكني يقطنه المخازنية لنعرف ارتساماتهم حول معاناة جيرانهم بزنقة تازة، فآثروا الحديث عن تضررهم من التساقطات المطرية الأخيرة، فولجنا القشلة التي يعود تاريخها إلى سنة ,1914 حسب ما صرح لنا أحد سكانها، هذه الثكنة شبيهة بالإسطبل في مظهرها الخارجي غير أن منازلها أحسن حالا من الفنادق التي تحدثنا عنها، فهي تتوفر على الماء والكهرباء وقنوات الصرف الصحي، بيد أن بيوتها مبنية بالحجر وسقفها من القصدير، يقول السيد (أ.ح) مخزني متقاعد «نحن ما نزال نعيش في سكن غير لائق، والمسؤولون لم يسمحوا لنا بالبناء لنتفادى أضرار التساقطات مستقبلا». وتقول لبنى العايدي (تلميذة بالتاسعة أساسي): «نضطر أحيانا بفعل التساقطات أن لا نتوجه للدراسة لأن الثكنة تمتلئ بالوحل ويصعب علينا المرور».
أحد سكان القشلة، التي تضم 34 بيتا، أوضح لنا أن خطرا آخر يهددهم، إلى جانب السكن غير اللائق، ويتمثل في الأسلاك الكهربائية المثبتة على مدخل القشلة لأنه يخشى أن «يسقط جزء من جدارالمدخل وتحترق المنازل».
تركنا مدينة خنيفرة ومآسي أهلها وطموحات مسؤوليها، متمنين أن نعود لها مرة أخرى وقد تغيرت ملامحها لترتدي حلة جديدة تناسب جمال طبيعتها الخلابة وخضرة جبال الأطلس الكبير والمتوسط.


أعد الملف: خديجة عليموسى


معطيات حول إقليم خنيفرة

ينتمي إقليم خنيفرة إلى جهة مكناس تافيلالت، ويتميز موقعه الجغرافي بامتداده على الأطلس الكبير والأطلس المتوسط والهضبة الوسطى، وتقدر مساحته ب 1 مليون و341 ألف هكتار. يحده شمالا إقليما مكناس والخميسات، وجنوبا إقليم الرشيدية، وشرقا إقليما إفران وبولمان وغربا إقليما خريبكة وبني ملال.
حسب إحصاء 1994 عدد سكان الإقليم 564 ألف نسمة.
عدد المشتغلين 71300 شخص بنسبة 15%.
أما الجماعة الحضرية لخنيفرة تحدها شمالا الجماعة القروية للبروج، أما جنوبا وشرقا وغربا فتحدها الجماعة القروية للهري، عدد ساكنتها 60835 نسمة (إحصاء 1994).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.