مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    بعد استهدافها بصواريخ باليستية من إيران.. إسرائيل تهدد برد قوي وحازم    بعشرة لاعبين.. اتحاد طنجة يتعادل مع بركان ويتربع على صدارة البطولة الوطنية    اقليم اسفي : انقلاب حافلة للنقل المدرسي واصابة 23 تلميذا    الحبس النافذ لطبيب بتهمة الإساءة للقرآن والدين الإسلامي على وسائل التواصل الاجتماعي    تنفيذا للتعليمات الملكية السامية.. منح مساعدات مالية مهمة للسكان الذين هدمت مساكنهم جراء فيضانات الجنوب الشرقي‏    نقابة مغربية تتضامن مع عمال فلسطين    نتائج اليوم الثاني من جائزة "التبوريدة"    تعنت نظام الكبرانات.. احتجاز فريق مغربي بمطار جزائري ليلة كاملة ومنعهم دخول البلاد    نائلة التازي: الصناعات الثقافية و الإبداعية رهان لخلق فرص الشغل    ملكة هولندا "ماكسيما" تفتتح معرضاً حول "الموضة المغربية" في أوتريخت    مغربي يقود مركزاً بريطانياً للعلاج الجيني    السياحة المغربية: رافعة أساسية للتشغيل، لكن هناك حاجة ملحة لتعبئة أكبر لجميع المناطق    انخفاض جديد في أسعار الغازوال والبنزين بمحطات الوقود    الرئيس الإيراني يتعهد ب"رد أقسى" في حال ردت إسرائيل على الهجوم الصاروخي    في العروق: عودة ليزلي إلى الساحة الموسيقية بعد 11 عامًا من الانقطاع    طقس الخميس .. امطار بالشمال الغربي ورياح قوية بالواجهة المتوسطية    مواجهة أفريقيا الوسطى.. منتخب الأسود يقيم في مدينة السعيدية        عبد اللطيف حموشي يستقبل المستشار العسكري البريطاني لمناقشة تعزيز التعاون الأمني    بلينكن يجدد دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء        دريانكور: الجزائر تنسى اتفاق الحدود مع المغرب .. والنظام يعاني من العزلة    أساتذة الطب والصيدلة يتضامنون مع الطلبة ويطالبون ب"نزع فتيل الأزمة"    الودائع لدى البنوك تتجاوز 1.200 مليار درهم    "حزب الله" يعلن تدمير 3 دبابات إسرائيلية    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ثمانية من جنوده في معارك مع حزب الله بجنوب لبنان    القاهرة.. الجواهري يستعرض التجربة المغربية في مجال دور المصارف المركزية في التعامل مع قضايا التغير المناخي    إحباط عملية للتهريب الدولي لشحنة من الكوكايين بمعبر الكركرات    الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024: انتهاء مرحلة تجميع المعطيات من لدن الأسر    اعتداء جنسي على قاصر أجنبية بأكادير    فيلم…"الجميع يحب تودا" لنبيل عيوش يتوج بجائزتين    الدنمارك: انفجار قنبلتين قرب سفارة إسرائيل    بسبب "عدم إدانته" لهجوم إيران.. إسرائيل تعلن غوتيريش "شخصا غير مرغوب فيه"    الصويرة بعيون جريدة إسبانية    لقجع: "سننظم كأس العالم لكرة القدم داخل القاعة 2028 وسنفوز بها على أراضينا"    نزاع يؤدي إلى طعن النائب البرلماني عزيز اللبار ومدير الفندق    إيران تقصف إسرائيل وتهدد باستهداف "كل البنى التحتية" لها    لهذا السبب تراجعت أسعار الدواجن !    ابتداء من 149 درهما .. رحلات جوية صوب وجهات اوروبية انطلاقا من طنجة    الولايات المتحدة تعيد التأكيد على دعمها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء كحل جاد وموثوق وواقعي    وفاة شاب في الأربعينات متأثراً بجروح خطيرة في طنجة    الولايات المتحدة تثمن الدور الحيوي الذي يضطلع به جلالة الملك في تعزيز السلام والأمن في الشرق الأوسط    الرياضة .. ركيزة أساسية لعلاج الاكتئاب        الاعلان عن موسم أصيلة الثقافي الدولي 45 بمشاركة 300 من رجال السياسة والفكر والادب والاعلام والفن    أبطال أوروبا.. أرسنال يحسم القمة أمام سان جرمان وإنتصارات عريضة للفرق الكبيرة    احتفاء بذكرى المسيرة الخضراء.. الداخلة تستعد لاحتضان حدث رياضي دولي في المواي طاي    السيد: مستشرقون دافعوا عن "الجهاد العثماني" لصالح الإمبراطورية الألمانية    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    رجل يشتري غيتاراً من توقيع تايلور سويفت في مزاد… ثم يحطّمه    دراسة: التلوث الضوئي الليلي يزيد من مخاطر الإصابة بالزهايمر    جدري القردة يجتاح 15 دولة إفريقية.. 6603 إصابات و32 وفاة    تناول الكافيين باعتدال يحد من خطر الأمراض القلبية الاستقلابية المتعددة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التجديد تستطلع أوضاع مدينة خنيفرة بعد الفيضانات المهولة
نشر في التجديد يوم 23 - 12 - 2003

سبعون منزلا مهددة بالسقوط... والأوحال تعيق ذهاب التلاميذ إلى مؤسساتهم

الملف الجهوي لهذا الأسبوع حملنا عبر طريق أزرو إلى مدينة خنيفرة، حيث الطبيعة الخلابة الممتدة عبر الطريق المؤدي إليها، فما إن تطأ قدماك خنيفرة حتى يتبادر إلى ذهنك سؤال حول معايير الفرق بين المدينة والقرية، لأنك لا تكاد تجد طريقا أو شارعا يُشَرِف المنطقة ويغني الراكبين المارين بها عن الحركات الفلكلورية أحيدوس، مدينة تضررت بفعل الفيضانات الأخيرة التي زادت الطين بلة، فتلطخت بالأوحال التي زينت لون جدران بناياتها الحمراء وحملت المياه الملابس والكتب والأجهزة لتترك أبناءها يندبون حظهم التعس على ما فقدوه. التجديد وقفت على بعض مشاكل الجماعة الحضرية لخنيفرة ننقلها للقارئ عبر الاستطلاع التالي:

لو كانت السيارة آدميا لرفعت ضدي دعوى قضائية
شرع المجلس البلدي لمدينة خنيفرة في ترميم شارع محمد الخامس، وهو شارع رئيسي بالمدينة، أطلق عليه السكان اسم شارع موحى والحسين كناية عن الفنان الأمازيغي المنحدر من المدينة، وسبب هذه التسمية لم يكن حب الفنان دافعا لها، ولكن للحركات الفلكلورية التي يقوم بها كل راكب سيارة أو شاحنة مجبرا بفعل تأثير الحفر الموجودة بالشارع، يقول السيد أحمد (تاجر): «الشارع الرئيسي الوحيد بمدينة خنيفرة لم يحظ بالعناية منذ سنوات، فشوارع المدينة تخبر عن حالها وحال أهلها»، وتقول السيدة سعاد (موظفة) ملقية باللوم على المسؤولين الذين لم تحركهم الغيرة على مدينة تمتاز بطبيعتها الخلابة: «نكاد نتقيأ كلما مررنا بأحد الشوارع راكبين، لدرجة أصبحنا نفضل السير على أقدامنا على أن تنهكنا حركات الاهتزاز صعودا وهبوطا داخل السيارة».
وشبه رجل أمن حفر الشوارع بالآبار، مستغربا من أن طرقات مدينة لم تشهد تغيرا منذ أن بدأ عمله بها. ويحكي السيد (ع.ر)، سائق سيارة أجرة، عن معاناته اليومية مع الطريق، متمنيا أن يكون المجلس الجديد فاتحة خير على المدينة التي عانت طويلا: «عندما أروح ليلا إلى بيتي أشعر بالتعب الشديد جراء هذه الطريق المليئة بالحفر، خاصة أنني أستعملها يوميا»، ويضيف سائق الطاكسي مازحا: لو كانت السيارة آدميا لرفعت ضدي دعوى قضائية لدى المحكمة الابتدائية بخنيفرة.
وللصغار رأيهم الخاص في الموضوع، فقد تحدث الطفل أسامة لالتجديد، (12 سنة) موجها حديثه لمن يهمهم الأمر: «ينبغي على المسؤولين إصلاح الطرقات حتى ننعم بمدينة جميلة مستقبلا، ونتذكر عندما نكبر أن مسؤولين مخلصين أعدوا لنا شيئا نذكره لهم بالخير ونطلب لهم الرحمة والمغفرة عند وفاتهم».
ويرى بعض السكان أن المسؤولين لا يحسنون التخطيط الذي يوفر الجهد والمال، تقول السيدة حفيظة، (أستاذة): «مشكلتنا أننا نكرر العمل مرات عديدة، لقد كان على المسؤولين أن يبادروا إلى إصلاح الطرقات مباشرة بعد إتمام إصلاح البنية التحتية منذ سنتين».
يصف لنا التقني الممتاز المعطي عباز حال شوارع المدينة بتعبير يبين عشقه الكبير لمهنته «لم يعرف شارع محمد الخامس ترميما منذ سنة ,1980 وكنت قد أجريت له مراقبة أنذاك، أما باقي الشوارع فما تزال كما هي منذ عهد الحماية الفرنسية مثل زنقة حمرية وتعلالين وغيرها». ويضيف موضحا الطريقة التي ينبغي أن ينهجها المسؤولون لترميم الطرقات «ينبغي مستقبلا ألا تصلح الطرقات أو ترمم قبل تهييء البنية التحتية كاملة، ففي فرنسا مثلا يتم التخطيط وفق الاحتمالات المستقبلية، فقبل الإقدام على تبليط الشوارع يتم إعداد البنية التحتية بشكل جيد ليكون العمل متقنا.
ويرى التقني السعيدي أن مشكل الطرقات الحالي سببه يرجع إلى الانتقال من مجلس إلى آخر، فكل مجلس جديد يبحث عن عيوب تخطيط المجلس السابق ويصبح المقاول بين نارين، مما يؤدي إلى بقاء الحال على ما هو عليه».
وطمأن السيد حدو بومعزة، الخليفة الأول لرئيس المجلس البلدي، السكان على حال الطرقات مصرحا لنا: « شرعنا في ترميم شارع محمد الخامس، وسيكون لبنة وخطوة أولية ليطمئن السكان الذين خسروا الكثيرا بسبب هذا الشارع».

فندق للإنسان أم للحيوان؟
تضم بلدية خنيفرة 11 فنْدَقًا، تقدر ساكنة هذا الأخير، حسب إحصاء للجماعة الحضرية ب 724 فردا، على ساحة إجمالية تقدر ب3 هكتارات، وتتوزع الفنادق بين فنادق سكنية وأخرى تجارية تعود ملكيتها إلى العشائر (ما يصطلح عليه بالعظم) بضواحي المدينة، وهي عبارة عن بيوت قصديرية، كان أفراد كل عشيرة يستخدمونها للراحة عندما يقصدون السوق الأسبوعي بالمدينة، فيعقلون فيها دوابهم ويرتاحون فيها وقت القيلولة قبل أن يعودوا إلى بيوتهم بالبادية مساء، لم يعد مالكي الفنادق يستخدمونها لأن الدواب أصبحت وسيلة نقل متجاوزة، فمنهم من أنجز مشروعا مكانها فأقام سوقا ممتازا أو فندقا، ومنهم من فضل كراء البيوت الصفيحية للفقراء الذين حالت ظروفهم المزرية دون كراء بيوت لائقة.
اخترنا أن نعاين عن كتب حالة هذه الأماكن، عند مدخل فنْدَقْ ديور الشيوخ أو تدارت إزيان بالأمازيغية، تجد قوسا كتب عليه بالفرنسية Izianedar، فيخيل إليك أنك ستلج معلمة تاريخية، وبمجرد دخولك تشد انتباهك مناظر مرعبة، فتشهد حيا صفيحيا تقدر مساحته بهكتار ونصف يض» 104 براكة، حسب إحصاء الجماعة الحضرية.
حي صفيحي محاط بسور عال يخفي مآس اجتماعية، آهات النساء وحسرتهن تدفعك إلى طرح سؤال عريض عن المسؤول عن الفقر المدقع والغنى الفاحش.. وسرعان ما تستفزك وتثير استغرابك طريقة تفكير وزرائنا الذين تهمهم كثيرا السيارات الفارهة وإغداق المال على البرلمانيين... ولا يهمهم أن شريحة عريضة من بني جلدتنا تتضور جوعا ولا تتوفر على سكن لائق يستجيب للمتطلبات الدنيا لحقوق الإنسان.

مشهدنا يغني عن ألف كلمة
فاطمة برعو امرأة في الخمسين من عمرها تسوق عربة تضم قارورات ماء، استوقفناها لتحدثنا عن أحوال العيش بديور الشيوخ، فأجابتنا بصوت مبحوح: «لا نعيش كباقي الناس، لدي خمسة أبناء ونفترش الكارطون ونعيش دون مرحاض ولا ماء ولا كهرباء»، رافقناها لنطلع على بيتها الذي يؤلم منظره كل قلب حي، لم نكد نخرج من براكة فاطمة حتى وجدنا زمرة من النساء، كل واحدة منهن تصر على أن ندخل براكتها ونطلع على حالها، كالسيدة كمي يطو التي أخذت تلقي اللوم على المقدم الذي لم يدرج اسمها ضمن لائحة المستفيدين من إعانة مؤسسة محمد الخامس للتضامن رغم أنها تضررت بفعل التساقطات، فالحالة واحدة ولا توجد براكة أحسن حالا من الأخرى.
بالجانب المحادي لإحدى البراريك يجتمع بعض الشباب يدخنون السجائر ويستمتعون بأشعة الشمس الدافئة، آثروا ألا يصموا آذاننا بشكاويهم فالنساء قمن بالواجب، غير أن أحدهم قال متأسفا: «هذا قدرنا، حالتنا لا تحتاج إلى وصف أو كلام، مشهدنا يغني عن ألف كلمة».
إحدى النساء تكلمت والدمع يكاد ينهمر على خديها: «نحن نعيش مثل الحيوانات، من منا لا يحب أن يعيش في سكن لائق ويشعر بالدفء والكرامة».غادرنا تدارت إزيان ونحن نرثي لحال سكانها البئيس، وكلنا أمل أن تتحسن وضعية هذه الفئة المحرومة، ونجدها يوما تنعم بالعيش الكريم في منازل تستر عوراتها. وعن مستقبل هذه الفئة يرى السيد المعطي عباز أن حوالي مائة أسرة ستستفيد من تجزئة الزهراء، خاصة أن ساكنة الفنادق من الفئة المحرومة، فالدولة وضعت لهم سقاية للاستفادة من الماء بثمن رمزي.

بت صحبة ابني في الشارع
ساكنة خنيفرة ما تزال تدعو بالخير لقائد ممتاز سابق يسمى البارودي لأن له الفضل في بناء الجدار الواقي سنة ,1975 ولولا هذا السور لكانت الفيضانات التي وقعت أكثر هولا. زنقة 20 غشت الموجودة بجانب نهر أم الربيع، ما تزال شاهدة على هذه الفيضانات، فبمجرد بزوغ الشمس تسارع النساء إلى إخراج أمتعتهن (حصير، أغطية...) لتجففها أشعة الشمس، ركام الأوحال الذي ما يزال أمام البيوت يجعل كل والج إليها مضطرا إلى البحث عن ملابس بديلة إن لم يكن حريصا في المرور بحذر شديد حتى لا تنزلق قدماه فيغوص في الوحل.
الكبيرة العمراني (80 سنة)، من سكان هذا الحي، تصيح بصوت عال وكأنها أصيبت بهستيريا: «لا أعرف لماذا لم أستفد من المساعدة (عبارة عن أربعة أغطية وأربعة أفرشة ودقيق وزيت وسكر) التي وزعتها العمالة» وتتابع قولها وهي تسرد واقعة الفيضانات وكأنها وقعت اليوم: «سمعت الناس يصيحون، ولم أكترث رغم أني رأيت الماء يغمر بيتي، فلقد اعتدت ذلك منذ 46 سنة، بيد أنني لم أكن أتصور أن الماء سيصل إلى درجة لم أستطع معها الخروج من المنزل، ولم أجد بدا من إخبار ابني المعتوه الذي خرج مسرعا، فصحت بصوت عال أنادي على رجال الوقاية المدنية، هذه الأخيرة رمت لي سلما لإنقادي عبر سطح بيت الجيران».
وتكمل السيدة العمراني حديثها قائلة: «تعذبت كثيرا في تلك الليلة، بت صحبة ابني في الشارع، لأنني رفضت المبيت عند الجيران بسبب الوضع الصحي لابني»، تتابع والدمع ينهمر على خديها بقولها: سأفني عمري من أجل ابني ولا أتركه للشارع.

مشروع إيجابي على أرضية غير صلبة
ولجنا منزلا بني على مستوى أقل من مستوى نهر أم الربيع صحبة مالكته سعيدة التيجاني ولم نستطع المكوث به طويلا نظرا لشعورنا بالغثيان نتيجة الرائحة الكريهة المنبعثة من إحدى غرفه، فمنزل التيجاني تخترقه قناة الواد الحار، تعلق سعيدة عن وضعية المنزل: «من يستطع العيش في مثل هذا المنزل؟ لقد استغلوا طيبوبة أمي رحمها الله التي سمحت لهم بأن تخترقه قناة الواد الحار».
وعن الحل الذي تراه سعيدة مناسبا لأملاكها المحاذية للنهر تقول جازمة: «لم أعد أرى ضرورة لوجود هذه المنازل هنا، من الأفضل أن تشتريها الدولة».
يشدد بعض السكان على ضرورة الإسراع بحل ما تبقى من مشكل قنوات الصرف الصحي، يقول السيد (م،ع) «المجلس البلدي وذوو الاختصاص تقع عليهم مسؤولية إصلاح ما ينبغي إصلاحه في قنوات الصرف الصحي».
عرفت مدينة خنيفرة توقيع شراكة بين المكتب الوطني للماء الصالح للشرب وبلدية خنيفرة والجماعة القروية لموحى ومحمد الزياني وبنك ألماني، هذا الأخير مكلف بتمويل المشروع عبر ثلاثة أشطر. وقدرت تكاليف الدراسة ب200 مليون سنتيم إضافة إلى 33 مليون سنتيم مازالت في ذمة المجلس البلدي.
ويعتبر السيد حدو بومعزة الخليفة الأول لرئيس المجلس البلدي أن المشروع إيجابي غير أنه لم ينجز على أرضية صلبة، كما أن المسير للشراكة وهو المكتب الوطني للماء الصالح للشرب ليس لديه تخصص في ميدان المياه المستعملة».
واعتبر الخليفة الأول أن من بين العراقل التي أجلت أشغال الطرقات المشاكل التي يعرفها المكتب الوطني للماء الصالح للشرب مع شركة صماترا التي وقع معها الصفقة، وقال إن شارع محمد الخامس الذي تسلمه المكتب الوطني للماء ليمرر منه القنوات الشتوية لم تسلمه له الشركة المذكورة، ليسلمه بدوره إلى المجلس البلدي، غير أن ضغط الشارع جعل المجلس يتحمل على عاتقه تأدية مصاريف إضافية خارج كناش التحملات.

سبعون منزلا تستدعي الإفراغ العاجل
حسب آخر إحصاء، يوجد 300 منزل مشقوق، سبعون منها ينبغي إفرغه عاجلا لأنه آيل للسقوط، سكان هذه البيوت يرفضون التوجه إلى الخيرية، هذه الأخيرة، حسب اعتقادهم، علامة على الذل والتعاسة، منهم من يفضل الموت في بيته تحت تأثير السقوط على أن يصبح عرضة للتشرد نتيجة قلة ذات اليد.
السيدة خديجة البارودي أفرغت بيتها يوم واحد قبل يوم الفيضانات، دخلنا بيتها الذي يطبعه الخراب من كل جانب.. شقوق تشكل لوحة تشكيلية من أثر السنين ورسم ماء المطر والوحل، خرجنا للتو قبل أن نكون أحد ضحايا منزل السيدة خديجة، هذه الأخيرة صرحت لالتجديد بقولها: «بناء على إنذار من السلطات يفيد بضرورة إفراغ بيتي لأنه بات مهددا بالسقوط، آوتني إحدى السيدات بمنزلها، فأعطتني غرفة أقطنها رفقة طفلاي إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، خاصة أنني لا أملك مالا أستطيع به إصلاح البيت، فعملي كخادمة بالبيوت لا يكفي إلا لسد رمق الجوع».
فاطمة أشقير فضلت النوم ببهو المنزل لأن سقف الغرف مهدد بالسقوط، تحكي فاطمة، التي ترفض التوجه إلى الخيرية عن وضعها: "أسعى لإصلاح بيتي جهد الإمكان، رغم أنني سئمت النوم بالبهو خوفا من سقوط سقف إحدى الغرف التي تأثرت بشكل أكبر بفعل التساقطات الأخيرة".

ثكنة القوات المساعدة وفعل التساقطات

المأساة واحدة فزنقة تازة هي الأخرى، شأنها شأن زنقة 20 غشت، تضررت بفعل الفيضانات... أسر ضاع منها كل شيء (كتب الدراسة وأثاث المنزل وكل شيء ذا قيمة، أشياء لا يعوضها فراش ولا غطاء...).
قصدنا تجمعا رجاليا في مرتفع بجانب حي سكني يقطنه المخازنية لنعرف ارتساماتهم حول معاناة جيرانهم بزنقة تازة، فآثروا الحديث عن تضررهم من التساقطات المطرية الأخيرة، فولجنا القشلة التي يعود تاريخها إلى سنة ,1914 حسب ما صرح لنا أحد سكانها، هذه الثكنة شبيهة بالإسطبل في مظهرها الخارجي غير أن منازلها أحسن حالا من الفنادق التي تحدثنا عنها، فهي تتوفر على الماء والكهرباء وقنوات الصرف الصحي، بيد أن بيوتها مبنية بالحجر وسقفها من القصدير، يقول السيد (أ.ح) مخزني متقاعد «نحن ما نزال نعيش في سكن غير لائق، والمسؤولون لم يسمحوا لنا بالبناء لنتفادى أضرار التساقطات مستقبلا». وتقول لبنى العايدي (تلميذة بالتاسعة أساسي): «نضطر أحيانا بفعل التساقطات أن لا نتوجه للدراسة لأن الثكنة تمتلئ بالوحل ويصعب علينا المرور».
أحد سكان القشلة، التي تضم 34 بيتا، أوضح لنا أن خطرا آخر يهددهم، إلى جانب السكن غير اللائق، ويتمثل في الأسلاك الكهربائية المثبتة على مدخل القشلة لأنه يخشى أن «يسقط جزء من جدارالمدخل وتحترق المنازل».
تركنا مدينة خنيفرة ومآسي أهلها وطموحات مسؤوليها، متمنين أن نعود لها مرة أخرى وقد تغيرت ملامحها لترتدي حلة جديدة تناسب جمال طبيعتها الخلابة وخضرة جبال الأطلس الكبير والمتوسط.


أعد الملف: خديجة عليموسى


معطيات حول إقليم خنيفرة

ينتمي إقليم خنيفرة إلى جهة مكناس تافيلالت، ويتميز موقعه الجغرافي بامتداده على الأطلس الكبير والأطلس المتوسط والهضبة الوسطى، وتقدر مساحته ب 1 مليون و341 ألف هكتار. يحده شمالا إقليما مكناس والخميسات، وجنوبا إقليم الرشيدية، وشرقا إقليما إفران وبولمان وغربا إقليما خريبكة وبني ملال.
حسب إحصاء 1994 عدد سكان الإقليم 564 ألف نسمة.
عدد المشتغلين 71300 شخص بنسبة 15%.
أما الجماعة الحضرية لخنيفرة تحدها شمالا الجماعة القروية للبروج، أما جنوبا وشرقا وغربا فتحدها الجماعة القروية للهري، عدد ساكنتها 60835 نسمة (إحصاء 1994).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.