أكدت مداخلات ممثلي الفصائل الإسلامية المشاركة في وقائع الجلسة الافتتاحية للمؤتمر على ضرورة تنسيق الجهود لمواجهة التحديات التي تعترض الإسلام والمسلمين وطنيا ودوليا.وقد حظيت القضية الفلسطينية بحيز هام من كلمات المشاركين في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر والمنعقدة بالرباط مساء الجمعة الأخير.وشددت بعض المداخلات على مواصلة الإصلاح والتجديد لواقع التدين بالمغرب . أشغال افتتاح الجمع الثاني لحركة التوحيد والإصلاح بالرباط: مهرجان إسلامي يؤكد ضرورة الوحدة حول قضايا الأمة الإسلامية أجمعت مداخلات العلماء والفاعلين ومسؤولي الحركة الإسلامية المغربية ورؤساء هيئات فاعلة في الحقل الإسلامي بالمغرب، المشاركين في جلسة افتتاح أشغال الجمع العام الوطني الثاني لحركة التوحيد والإصلاح مساء الجمعة الأخير بقاعة علال الفاسي بالرباط على ضرورة تنسيق الجهود لمواجهة التحديات التي تواجه الإسلام والمسلمين وطنيا ودوليا. وقد حظيت قضية فلسطين بحيز هام من مداخلات المشاركين، باعتبارها قضية الإسلام الأولى حضاريا، مع التأكيد على مواصلة إصلاح وتجديد واقع التدين بالمغرب، وما يفرضه من تحديات تحتم الوحدة.وقد حضر الجلسة الافتتاحية فاعلون في حقل الدعوة والتربية من مختلف الطيف الاسلامي وإعلاميون من منابروطنية ودولية. اعتبر الدكتور أحمد الريسوني، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، ظهور هذه الأخيرة جزء من الحلقة المعاصرة لحركة الانبعاث والتجدد الإسلامي بالمغرب، وربط تسمية جمعها العام ب"الثاني" بالتأسيس الجديد للحركة المبثق عن الوحدة الاندماجية بين "حركة الإصلاح والتجديد" و"رابطة المستقبل الإسلامي". وحدد الريسوني واجهات ثلاثا في عمل الحركة الإسلامية المعاصرة تتجلى في القيام بالوظيفة الدعوية والإصلاحية، ومعالجة التحديات والمواجهات التي تقع فيها أو تفرض عليها، ثم إصلاح الذات وترشيد المسارات. وشدد على أن مهمة الإصلاح موكولة إلى جميع الهيئات والعاملين بالمؤسسات الإسلامية في إطار جبهة مشتركة لا تفرق "بين السلفي والصوفي والرسمي والشعبي والمنتمي واللامنتمي"، واعتبر قضية فلسطين جزء لا يتجزأ من أمة الإسلام، وأردف يقول: "لكي يعلم الشعب المظلوم أننا معه إلى النهاية ولكي يعلم العدو الغاصب أننا ضد عدوانه واغتصابه إلى النهاية". ودعا الدكتور أحمد الريسوني في ختام كلمته الحكومة المغربية إلى رفع يدها عن أشكال تضامن الشعب المغربي مع الشعب الفلسطيني دون تضييق أو عرقلة باعتبار ذلك جزء من أضعف الإيمان.(أنظر النص الكامل للكلمة في الصفحة الثانية) وباسم جمعية العلماء خريجي دار الحديث الحسنية، قال الدكتور محمد يسف، إن هذا الجمع العام مبشر لخطوة الوحدة والإصلاح لجميع الغيورين، وأشار إلى أن ما يشغل كل غيور صالح مصلح في دنيا الإسلام والمسلمين هو هم الوحدة، وحدة الصف والوجهة والكلمة والهدف. وبين الدكتور يسف أن ما تعرفه الساحة الإسلامية من حركة دائبة، وما يملأ فضاءها من خطابات، مؤشر لمخاض له أثر إيجابي، وهو بقدر ما يثير إلى التفاؤل ، يتابع الأمين العام لجمعية العلماء خريجي دار الحديث الحسنية، يشير بالمقابل إلى استحضارالمستقبل وما يلفه من قلق، وهو ما يتحتم على القيادات الإسلامية أخذه بعين الاعتبار وتضمينه أولوياتها وبرامجها، والمكونات الأخرى التي تعمل عكس عمله بدون ضجيج لإجهاض أي مشروع نهضوي، إما بإخراج جنود الدعوة من أبناء الصحوة، أوالعمل على تهميشهم وصرفهم عن المجال الحيوي للمجتمع. وأبرز الدكتور يسف أن حركات البعث الإسلامي السابقة كان لها الفضل في إرساء العمل الإصلاحي الحركي الراهن رغم ما يحاصرها من تحديات، ونصح القيادات الإسلامية بتنسيق مواقفها وجمع شملها وتنظيم علاقتها لأن دعاة المنهج الرباني في التوحيد و الوحدة أولى بلم الصف والشتات من أصحاب المذاهب السياسية. وذكر الدكتور يسف أن الفتن محصة للحق وأصحابه، مستدلا بقول المؤمنين في المنافقين من خلال سورة الأحزاب: (قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله). وأرشد أمين الجمعية إلى استحضار مكر الأعداء الخائنين إسوة بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم وابتلائه فتحقق له النصر. من جهته أكد الأستاذ السعيد خالد الحسن، منسق المؤتمر العام لنصرة القدس، أن الله لا ينسى عباده المجاهدين، مذكرا بالوضع الفلسطيني وحملات الطغيان والإفساد لتدمير مكامن القوة في أمة القدس في ما هو شائع بمحاربة الإرهاب. وأبرز أن ما يشكل الرأي والموقف العالمي ليس البحث العلمي الرصين، بل الفكر الصهيوني بتجريد القتال الفلسطيني من أبعاده التحررية والجهادية والتعميم على واقع الاحتلال والإفساد الصهيوني . وأوضح السعيد خالد الحسن أنه مع اختلال ميزان القوة المادي لصالح الطغيان المناوئ للأمة المغلوبة، وجب التسلح بسلاح الفكرة الصادقة، المجادلة بالتالي هي أحسن مع ثورة المعلومات، والكلمة المبنية، يقول ابن فلسطين، وهو ما يجمع المستضعفين للمطالبة بحقهم ويجمع همتهم في مواجهة الطغيان والطغاة، وهي سلاح دحض الباطل. وأخبر منسق المؤتمر العام لنصرة القدس بعقد المؤتمر الجامعي لمكونات المؤتمر الشعبية ومن الجمعيات المناصرة للسلام حول " القدسوفلسطين"، ودعا إلى تعبئة الطاقات واستنفارها لمواجهة خصوم الأمة ومخاطبة المستضعفين في فكرهم لنيل قوة إرادتهم. أما الدكتور إدريس الكتاني، رئيس نادي الفكر الإسلامي، فقد نادى بضم قضية العراق إلى قضية فلسطين باعتبار الحرب على المسلمين حربا حضارية شمولية، وطالب بعدم السكوت عن دور أمريكا ورئيسها بوش في تسليح "إسرائيل"وسعيها للظفر بمنابع النفط، وخلص إلى أن العالم الإسلامي اليوم يواجه مصيره، وكله ثقة بأن الإسلام سيسقط الطغيان الأمريكي بسرعة كما أسقط الاتحاد السوفياتي. وفي حديثه عن حركة التوحيد، تحدث الكتاني عما أسماه الوضعية النشاز بين حركة التوحيد والإصلاح وجماعة العدل والإحسان والتي اعتبرها الكتاني خطأ سياسيا وإعلاميا واستراتيجيا. ودعا إلى التوافق من أجل إيجاد ميثاق إسلامي يمكن من وحدة الحركة الإسلامية. هذا فيما طرح محمد المرواني، رئيس الحركة من أجل الأمة عدة تساؤلات واستفسارات في مقاربة لمنهجية حركة التوحيد والإصلاح وتنزيل تصورها بأرض الواقع في ظل التحديات المحلية والدولية، منبها إلى ضرورة التأني في قراءة نتائج الانتخابات الأخيرة. إذ لايعكس فوز الاسلاميين، حسب المرواني، مستوى التدين المطلوب لدى المجتمع، الشيء الذي يفرض تفعيل العمل الدعوي والتربوي مع مساءلة تجربة الحزب السياسية. وأكد على تشييد صرح الكتلة الاسلامية المنشودة كإطار يدعم المتفق فيه ويحررالقضايا الخلافية. واعتبر المرواني المجاهدين في فلسطين مدافعين عن شرف الأمة وعزتها، مما يوجب دعمهم" فلا انتماء بدون عربون". وانتقد أسلوب الدولة في التعامل مع المواطنين باستعمال سياسة الكيل بمكيالين، وأن الحركة ضد "سايس بيكو" ثقافي للأمة الإسلامية . وصرح المتحدث باسم الحركة من أجل الأمة للتجديد أن من حق حركة التوحيد والإصلاح، ومن حق كل الحركات الإسلامية والوطنية أن تنشط وتشتغل وتعمل في إطار الحرية الكاملة مادامت تلتزم بالقوانين المعمول بها في البلاد. وتابع يقول :"الحقوق ليست منة من أحد، والانتماء للوطن لا تحدده بطاقة التعريف،الانتماء للوطن يحدده منسوب الحريات والحقوق، لذلك نحن مبتهجون لهذا الذي حصل، ونتمنى من السلطة أن تغير من منهجيتها،لكي يتسع هذا الأمر، ويشمل باقي الحركات الإسلامية". جماعة العدل والإحسان حضرت وقائع الجلسة الافتتاحية ممثلة ببعض أعضائها، حيث تحدث الناطق الرسمي للجماعة، فتح الله أرسلان، عن تأثيرات أحداث ما بعد 11 شتنبر على المسلمين فيما يسمى بمكافحة الإرهاب، وعدم تمييزها بين الحاكمين والمحكومين، ومحاصرتها لحركة الانبعاث الاسلامي، ولكن رغم هذا الوضع، يقول أرسلان، فقد سجلت هذه التأثيرات انتفاضة للأمة طبقا للمقولة "رب نقمة في طيها نعمة"، وهو مايضاعف من مسؤولية العلماء والحركات الإسلامية. وعن ترخيص السلطة لحركة التوحيد والإصلاح بعقد مؤتمرها علنا قال أرسلان: "الأصل هو أن الحركة الاسلامية مجموعة من المواطنين قدمت أوراقها للسلطة لأخذ تراخيص لجموعها العامة ولقاءاتها بشكل طبيعي دون تعسف أو منع أوتضييق. والآن، أصبح السماح لحركة إسلامية أو فصيل منها بعقد جمعه العام حدثا غير طبيعي. وبخصوص حركة التوحيد والإصلاح، أشار أرسلان إلى أن مسؤولية الإصلاح السياسي لا يجب أن تكون على حساب الدعوة والتربية وفاء لمبادئها وما تتطلبه المرحلة. وتمنى أرسلان حصول التوحد بين الجماعتين في المستقبل القريب بل:"بين جميع الحركات الإسلامية ". من جهته وضح الأستاذ مصطفى المعتصم، رئيس البديل الحضاري أن واقع الأمة أمام طغيان الاستكبار العالمي والصهيوني يستهدف تصفية مناعتها الثقافية والسياسية والاجتماعية وتعطيل الحركة الاسلامية والتشكيك في أهدافها ونعتها بالسلبية. وطالب المعتصم من المسلمين التخلي عن إلقاء التبعات على الغرب، كما أرشد إلى الوعي الذاتي بالمسؤولية في إنتاج الوضع المتردي مع تغليب التسامح والحوار وفق المنظور الحضاري الإسلامي. وأمل المعتصم أن تكون محطة الجمع بالنسبة لحركة التوحيد والإصلاح مساءلة للذات حول الإنجازات لتتميمها وحول الإخفاقات لتجاوزها. وأشار المعتصم إلى تعنت السلطة في الترخيص القانوني لحزب البديل الحضاري وعقب يقول:" لن نرضى الهوان في ديننا ومواطنتنا ونرفض أن نذل ونستباح". وعن قطاع المرأة المسلمة، أكدت الدكتورة فاطمة خليل،عاملة في الحقل الاجتماعي، على أن التغيير الاجتماعي لا يحصل إلا بعد العمل المضني في تصحيح التصورات وفتح حوارلتكوين رؤية جماعية يجتمع الكل عليها ويسير في ضوئها. وقالت إن التجارب الميدانية علمت المسلمين أن اتخاذ القرارات واستحداث القوانين لا يكفي بحد ذاته لإحداث التغيير والترقي المنشود ما لم يقترن التشريع بامتثال القيم وأداء الشعائر بتلقائية وطيب نفس. ولتحقيق الأهداف المرجوة، تقول فاطمة خليل :"لا بد من المثابرة في الإصلاح وتجاوز العزوف عن الدين". وأشادت من جهتها بتجربة حركة التوحيد والإصلاح في سعيها لإحداث إطار قانوني يكفل لها العمل في النور ويكمنها من تحقيق أهدافها المرسومة دون اكتراث بالمعيقات. إعداد:دحمني خديجة وعبد لاوي لخلافة