بدأت ظهر السبت أولى جلسات الحوار الوطني الفلسطيني الشامل، في إحدى ضواحي القاهرة، بلقاء مخصص للاتفاق على النقاط الأساسية، التي سيدور حولها النقاش، تعقبه عدة جلسات أخرى، بعدما عُقدت مساء الجمعة الجلسة الافتتاحية للحوار، والتي استمرت قرابة أربع ساعات، تخللها عشاء رسمي، أقامته الحكومة المصرية للوفود المشاركة في حوار القاهرة. وقد طرحت مصر في الجلسة الافتتاحية رؤيتها للوضع الفلسطيني والعربي والدولي الراهن، في كلمة ألقاها اللواء عمر سليمان، مدير المخابرات المصرية، حيث عرض قراءة للوضع السياسي العام، والتطورات الدولية والإقليمية، والمخاطر التي تهدد الوضع الفلسطيني، وتواجه الأمة. وطرح ضمنا عدة اقتراحات مصرية تتعلق بالثوابت الفلسطينية، ووسائل تحقيق الأهداف، والوحدة الوطنية الفلسطينية. وكان أبرز ما جاء في كلمة سليمان، وفق مصادر فلسطينية مشاركة في الحوار، تشككه في تدخل أمريكي محتمل لصالح القضية الفلسطينية بشكل موسع، على اعتبار أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش تعتبر أن الرئيس السابق بيل كلينتون تدخل بأقصى قدر ممكن، ولم يحقق شيئا، كما تعجز أوروبا عن فعل شيء، ويغلف الأجواء العربية حالة من الضعف، خصوصا مع احتمالات ضرب العراق، ما يحتم علي الفصائل الفلسطينية الارتفاع لمستوى المسؤولية، والاتفاق على أجندة موحدة، والخضوع لقيادة موحدة وأكد أسامة أبو حمدان عضو وفد حركة المقاومة الإسلامية "حماس" المشارك في المفاوضات لوكالة "قدس برس" أن اللواء سليمان تطرق لمسألة التهدئة والهدنة لمدة عام، ومسألة خلق إجماع وطني فلسطيني حول قيادة فلسطينية موحدة (الرئيس ياسر عرفات). وقال إن غالبية الأطراف الفلسطينية المشاركة في المفاوضات، بما فيها حركة حماس ترفض التهدئة أو الهدنة، وأنه من خلال الحوارات الثنائية والجانبية تبين للحركة أن الجميع يتمسك باستمرار المقاومة . وقال أبو حمدان إن رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل، عرض في كلمته ثلاثة محاور للنقاش خلال المؤتمر تدور حول ضرورة التوافق بين الحركات الفلسطينية المختلفة علي (الرؤية السياسية)، التي تقود القرار السياسي الفلسطيني والخطوات اللاحق، وعلى كيفية (إدارة الصراع مع العدو) بالأشكال المختلفة، بداية من فكرة الهدنة وحتى المواجهة الشاملة، بما يحقق الهدف الفلسطيني الأسمى، وهو المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، والاتفاق على (مرجعية) حقيقية لا شكلية للقرار الفلسطيني، بحيث تكون هي الفيصل في القرار، ويلتزم بقرارها الجميع. وحول ما يتردد بشأن طموح حركة "حماس" لتزعم الشعب الفلسطيني، وتحفظاتها على مواقف الرئيس عرفات، أكد أبو حمدان أن حماس ترى أنه "لابد من قيادة يشارك فيها الجميع يكون لها سلطة اتخاذ القرار، ويشارك فيها الجميع كلٌ بمستوى فعله في الوسط الفلسطيني". وأضاف أنه لا يجب لهذه القيادة أن يستأثر بها فرد أو فريق، مهما كان حجمه، وأن تكون قيادة حقيقية، لها برنامج ورؤية سياسية، وليس مجرد أشكال وهياكل . الفصائل ترفض الهدنة وتؤيد عدم استهداف المدنيين وكان قد عقب على كلمة رئيس المخابرات المصرية الافتتاحية عدد من رؤساء الوفود الفلسطينية، في صورة مداخلات، غلب عليها تسجيل مواقف القوى الفلسطينية المختلفة. وظهر من المداخلات أن أيا من الأطراف المشاركة لا يوافق على الهدنة أو التهدئة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، خصوصا في ظل الأوضاع المتفجرة الحالية. وفي المقابل أبدى بعض رؤساء الوفود تأييدهم للخروج باقتراح خاص بوقف استهداف المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين معا، على غرار اتفاق سابق بين حزب الله والدولة العبرية، بما يحمي المدنيين الفلسطينيين من العدوان الإسرائيلي اليومي المستمر، ويحصر النضال في أهداف عسكرية إسرائيلية . وفي هذا الصدد شدد أكثر من وفد فلسطيني على طرح مسألة رفض الهدنة والتهدئة، حيث أكد فهد سليمان رئيس وفد الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أنه لو جرى الحوار على أرضية وقف المقاومة أو تجميدها، فسيكون محكوما بالفشل، ولكنه قال إنه يمكن الحديث عن حصر المقاومة في الأهداف العسكرية والاستيطانية، وإن كانت حركته تعتبر المقاومة هنا واردة في فلسطينالمحتلة ككل، سواء ما احتل منها عام 1948، أو تلك التي جرى احتلالها في العام 1967. وألمح فهد إلى أن المطروح من قبل البعض هو بحث القبول الجماعي بمسألة وقف المواجهات ضد المدنيين، واعتباره خطا أحمر. كما قال الدكتور ماهر الطاهر رئيس وفد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إن وقف المقاومة معناه إلغاء الفصائل المقاومة الفلسطينية، والحكم عليها بالنهاية، وأنه أمر مرفوض. وشدد على ضرورة استمرار خيار المقاومة . وترجح مصادر مصرية وفلسطينية أن يكون اقتراحي بحث أشكال أخرى للمقاومة، دون وقف العمليات، إضافة إلى قصر العمليات على أهداف عسكرية إسرائيلية، بشرط التجاوب الإسرائيلي والعمل بالمثل، هما محور المناقشات المقبلة. في حين أن الاقتراح المصري الخاص بهدنة لمدة عام قد لا يلقى حظه من النقاش في الحوار. القاهرة - خدمة قدس برس