تكاد تجمع الرسائل التي تتوصل بها بعض الجرائد الوطنية، حسب شهادات زملاء عاملين بها، على أن المشاهدين المغاربة الذين يتابعون البرامج بالقناتين يصابون في كثير من الأحيان بالإحباط وخيبة الأمل، من الإنتاج المحلي التلفزيوني طبعا (برامج وأخبارا). غير أنه من المفارقات العجيبة أن العارف بالأمور يستغرب استمرار هذا الوضع، لكون أغلب الزملاء الصحفيين العاملين بالقناتين لا تنقصهم الكفاءة المهنية والقدرة الإبداعية... وبالتالي يبقى طرح الأسئلة مشروعا حول أسباب الرداءة، والتي في كثير من الأحيان تأتي من أناس جيئ بهم من "خارج الدار" كما يقال، وهو الأمر الذي طالما احتج عليه العاملون داخل المؤسستين، خاصة إذا علمنا أن بعض المتعاقد معهم، من خارج المؤسسة، تصرف لهم ملايين السنتيمات عن برنامج معين، وإذا كان البرنامج متفق عليه في إطار عقدة مع شركة "إنتاج" فالتكاليف مضاعفة، ويذكر أن الصحافة الوطنية كثيرا ما أثارت موضوع العلاقة بين هذه الشركات وبعض الأشخاص داخل القناتين، هذه العلاقة التي تحتاج إلى تدقيق وتوضيح، لأن الأمر يتعلق أولا بأموال المواطنين دافعي الضرائب، وثانيا بما ينتظرونه من منتوج تلفزيوني جيد. واليوم وبعد مرور أربعة عقود على التلفزيون المغربي أصبح فتح النقاش حول الإنتاج التلفزي ضروريا، لتشريح واقعه ومعرفة مكامن القوة والضعف فيه، ووضع اليد على مقومات النهوض به وتجاوز العراقيل والعقبات التي تحول دون تطوره. إن الرهان الحقيقي حاليا أمام الإنتاج التلفزي المغربي، هو النجاح في التعامل الإيجابي مع المتغيرات المتسارعة، للاتصال السمعي البصري على كل الأصعدة، خاصة وأننا أصبحنا منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي في تنافسية حادة مع كم هائل من القنوات، واتساع دائرة البث الفضائي بشقيه العمومي والخاص، بمختلف دول العالم، وما رافق ذلك من ارتفاع في حجم الطلب والعرض، في مجال البرامج التلفزية ومن هنا تأتي أهمية وراهنية الأسئلة التالية: ماهي السبل نحو الرفع من كمية الإنتاج التلفزي، مع ضمان جودته والاستجابة لحاجيات المشاهد المغربي وتوجهات الرأي العام؟ كيف يمكن توفير الحد الأدنى من البعد الثقافي والهوياتي الوطني، في مضامين البرامج التلفزية، بدل الوقوع في مضامين لا تمت بأية صلة لهذا البعد؟ أية مسالك ومقاربات تعتمد على الكفاءات الداخلية، التي تتوفر عليها القناتان لتطوير الإنتاج التلفزيوني؟ كيف تكسب برامجنا الإخبارية (بما فيها النشرات) قيمتها التواصلية. ومكانتها اللائقة وسط القنوات الأجنبية. لمقاربة هذه الأسئلة تستضيف جريدة التجديد آراء مجموعة من الزملاء الصحفيين والمهتمين وسنعمل على نشرها في الأيام المقبلة.