أشرنا في عدد سابق إلى أن عصبة الأبطال الإفريقية تتميز هذه السنة بأن طرفيها شقيقين عربيين يجمع بينهما الدين والعروبة، وأن هذه المواجهة الكروية لا يمكن أن تكون سوى تجسيدا وترسيخا لمبادئ التسامح والتعاون بين الشعبين الشقيقين، وأشرنا إلى ضرورة التزام الروح الرياضية سواء داخل الملعب أو خارجه، وخاصة من طرف الصحافة الرياضية لكل البلدين، التي عليها أن تكون في مستوى الحدث، وإذا كان الزملاء المغاربة قد التزموا الحياد في لقاء الذهاب وناقشوا المباراة بعيدا عن التعصب الضيق، فإن المفاجأة الكبرى أن وسائل الإعلام المصرية استغلت الأمر لتشعل فتيل الأزمة، وتكشف عن وجهها الحقيقي البعيد كل البعد عن الخطابات الظاهرة، والتي لا تستند إلى الواقع في شيء. فقد تحدثت الصحافة المصرية بما فيها القومية (الأخبار، الجمهورية...) عن مزاعم وأكاذيب ومغالطات، لا تمت للحقيقة بصلة، وأوضحت "عبر مقالات موجهة" مدى الحقد الذي تكنه لكل ما هو عربي وليس مصري، حيث أبرز أحد الصحافيين من جريدة المصور مثلا، ما تعرض له اللاعبون والوفد، وحتى رجال الإعلام، من اعتداء بالحجارة داخل ملعب تسيما من قبل آلاف من الجماهير الرجاوية، وهو كذب وافتراء، لأن الذين حضروا الحصة التدريبية للمصريين لم يتجاوز عددهم المائة، وعبروا بكل حضارة عن دعمهم اللامشروط لفريقهم، كما يقع في كل بقاع الدنيا، حتى حين تجاوز بعض الأطفال حدود اللياقة تدخل رجال الأمن، أما لحظة المباراة فإن الزملاء المصريين احتلوا أفضل الأماكن بالمنصة الصحافية، بل إن رئيس قسم مجلة المصور صرح لنا أنه سعيد بالأجواء التي تمر فيها المباراة، التي تابعها ما يزيد عن سبعين ألفا، في جو حضاري نادر أبهر حتى الوفد المصري، وواصلت الصحافة المصرية افتراءاتها لتتهم المسؤولين الرجاويين بأنهم تعمدوا إغراق أرضية الملعب بالماء لتصعيب مهمة لاعبي الزمالك، وهو أمر غريب إذا علمنا أن الأرضية المبللة كانت في صالح الزوار، وأثرت على عطاءات أصدقاء أبو شروان الذين وجدوا صعوبة كبيرة في اللعب بكل حرية، وهم الذين يركزون على جانب الفرجة الذي يفترض أرضية مناسبة، ولعلنا نفهم سر إصرار الأقلام المصرية على اعتماد مقالات استفزازية، وهو محاولة تهييج جمهور الزمالك والتأثير على معنويات الخصم، الذي سجل بالقاهرة، وكأنه سيواجه جيشا عرمرما، وليس فريق كرة قدم، خاصة وأن المصريين يعرفون جيدا قوة الرجاء، الذي يعتبر من خيرة الأندية الإفريقية، ومن ثم تبقى هذه هي الطريقة الأنسب للتأثير على معنويات اللاعبين. المباراة ستكون صعبة للغاية، وسيتحمل النسور الخضر كل الضغط باعتبار نتيجة الذهاب التي انتهت بالتعادل الأبيض، وهو ما يجعل المدرب والترموس يلعب كل أوراقه، فهو مطالب بالحذر من تلقي هدف الخصم، وفي نفس الوقت محاولة التسجيل، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لفرض سيطرته، وفي هذه الحالة فإن من المهم جدا اعتماد خطة تأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على نظافة الشباك، وكذلك الحملات المضادة التي ستكون عاملا حاسما في هذه المباراة، مع حضور لاعبين مميزين يجيدون التموقع من أمثال فرانسوا وأبو شروان وديالو. لاعبون سيعيشون من دون شك على أعصابهم بحكم الضغط الذي سيتحملونه، وكذلك الحراسة اللصيقة التي سيفرضها عليهم المصريون. لقد أثبت الرجاء الرياضي المغربي طيلة الأطوار الإقصائية أنه فريق كبير، وأنه فريق المهمات الصعبة، كما حدث ضد الاستيك حين تغلب عليه بأربعة أهداف نظيفة، كما أن عدد من لاعبيه لديهم خبرة طويلة بهذه المناسبات، وسبق لهم أن واجهوا الفرق المصرية وتغلبوا عليها بذكاء، ولذا فإن المواجهة لن تكون سهلة للطرفين، خاصة فريق الزمالك. ربما سيكون عامل الضغط عاملا في صالح فريق النسور، الذين يحتاجون إلى الاستعداد النفسي بالدرجة الأولى، ووالترموس الذي تجاوز حتى الآن كل الحواجز مطالب بالرفع من معنويات لاعبيه، والتقليل من أهمية نتيجة مباراة الذهاب، واللعب وكأن النهاية تجري في مباراة واحدة، وهذا ربما يساعد العناصر الرجاوية على دخول أرضية "سطاد القاهرة" دون مركب نقص خصوصا مع حضور بعض جماهير الرجاء الذين سافروا إلى القاهرة لمؤازرة فريقهم. لقد حققت الوداد في الأسبوع الماضي إنجازا غير ومسبوق من قلب كوماسي الغانية، وعادوا بكأس الكؤوس الإفريقية، والرجاء بإمكانها إعادة نفس السيناريو والعودة سبكأس العصبة من قلب القاهرة المصرية، وهو ما يعني ديربي آخر بين الفريقين للفوز بالكأس الممتازة، ونظن أن ذلك سيكون حافزا ودافعا إضافيا للاعبين الرجاويين. على بركة الله ودعوات المغاربة قاطبة، لتحقيق النصر إنشاء الله يا رجاء الخير والبركة.