بما أن نفرا من قومنا أصبحوا يتبعون سنن من قبلنا من اليهود والنصارى حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلوه، وبما أن الحجة التي تأتي من وراء البحار بالنسبة لهؤلاء النفر أبلغ وأقوى من حجة الكتاب والسنة والاجماع والقياس، فإننا نقدم لقرائنا في هذا العدد مقالا حول جهود الحكومة الفرنسية في مقاومة آفة الخمور لعلهم يتعظون والسعيد من اتعظ بغيره، وكان الأولى لنا نحن البلد المسلم أن نكتفي بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون). ففرنسا العلمانية انشأت لغرض مكافحة الخمور والمخدرات لجنة وزارية مشتركة تشمل 17 وزارة وتعمل تحت الإمرة المباشرة للوزير الأول منذ سنة 1982. وفرنسا العلمانية أطلقت حملة ضد انتشار الخمور والمخدرات ساهمت فيها كبريات الصحف الفرنسية مثل لوموند وليبراسيون ولوفيغارو ولوباريزيان ولاكروا ولومانتيه وليكيب، وليكيب ماغازين وتيلزما وليكسبريس ولونوفيل أوبسيرفاتور وليوفيغارو ماغازين ولوبان ومريان وغيرها... وهذه الصحف ليست متهمة بأنها صحف أصولية وفي فرنسا العلمانية لا يضرب الحصار عن حقيقة الكوارث التي يتسب فيها الخمر وعن الأرقام الناطقة بحقيقة "الحرب الأهلية" التي تتسبب فيها هذه الآفة المنهي عنها في كتاب ربنا وسنة نبينا نحن المسلمين. الإحصائيات الفرنسية تقول إن الخمر تقتل سنويا 45.000 فرنسي وهو رقم أكبر من ضحايا الحروب الأهلية في بعض الدول الإفريقية، وأكبر من حصيلة شهداء وضحايا الانتفاضة في الجانبين الفلسطيني والصهيوني، وأكبر مما كان يسقط في الحرب الأهلية التي عرفتها الجزائر، والخمر كما تقول تلك الاحصائيات هي السبب الأول في حوادث السير وإنه في ثلث الحوادث كان السائقون قد تجاوزا الحد المنصوص عليه قانونيا عند الفرنسيين في تناول الخمر، وأنه في ثلثي الحوادث التي تقع في الليل كان الخمر هو المسؤول الأول، كما أنها مسؤولة عن 67% من مجموع الحوادث التي تقع في نهاية الأسبوع. وهي أيضا السبب الوفاة بالسرطان حيث تبلغ الحالات المسجلة سنويا 23000 حالة. ولو كانت لدينا في المغرب إحصائيات شفافة وكان من المتاح بالنسبة للجميع الوصول إليها ودراستها واستخلاص نتائجها لتبين للجميع أن مسؤولية الخمر في أكثر ما يقع من حوادث السير وإجرام مسؤولية ثابتة. وهو ما تردد أكثر من مرة على لسان رجال أمن وأطباء وممرضين في أقسام المستعجلات بالمغرب حيث يؤكدون أن شهر رمضان يعرف انعداما لحوادث السير وحوادث الإجرام ذات الصلة بتناول الخمر، وأن تلك الحوادث تتضاعف بشكل كبير في اليوم الأول من شهر شوال. والمسؤولية تقع على كاهل هذا المشروب المحرم. لو قدر الله أن حدثت مظاهرة أو اضطراب وأدى إلى اشتباكات بين بعض المواطنين أو بين بعض المواطنين ورجال الأمن وأدى ذلك إلى سقوط جرحى أو قتلى لأسباب اجتماعية أو سياسية لهرع المحللون والسياسيون والحقوقيون والبرلمانيون يتنادون إلى ضرورة تحديد المسؤوليات ومحاكمة المسؤولين عن إزهاق الأرواح وإعطاب الأبدان. والواقع أن هناك حربا "أهلية" خفية تذهب ضحيتها آلاف من الأرواح سنويا بسبب حوادث السير وحوادث الاجرام، وأنه عند تقصي الحقائق فإننا سنجد مجرما عاتيا من ورائها ألا وهو الخمر، ولنقل الأمر بصراحة سنجد أن من ورائها من يصنعون الخمر ويعملون على ترويجها وإشاعتها بين المسلمين ويعملون على الوقوف في وجه أية محاولة لإصدار قانون يمنع ذلك. لهؤلاء وأولئك نقول اتقوا الله في أرواح المغاربة وفي أسرهم وصحتهم فإن الحجة الاقتصادية التي ترفعونها داحضة بالمقارنة مع حجم الأضرار في الأرواح والكوارث الاجتماعية والصحية التي تخلفها... وهي داحضة قبل هذا وذاك من حيث أنها حرب معلنة على أمر الله ورسوله في القرآن الكريم والسنة النبوية اللذين قالا لنا إن الخمر والميسر توقع العداوة والبغضاء وتصد عن ذكر الله.