الأستاذ محمد يتيم (6) البرلماني الذي يأكل الطعام ويمشي في الأسواق... بعض الناس أو إن شئنا أكثرهم دفعهم ضعف التأطير الحزبي وانصراف الأحزاب إلى بحث المصالح دون مشاغل المواطن إلى الوقوع في خلط دائم بين وظيفة "البرلماني" ووظيفة "رئيس مجلس بلدية" أو غيره ممن يملكون سلطة التنفيذ لا التشريع فحسب. هؤلاء لا يتوانون في تعليق أصواتهم بشرط تحقيق مطالب واقعية، أو حل مشاكل آنية، أو التدخل لدى "المخزن" لرفع شكوى أو فك بلوى... مثل ذلك أن اشترطت سيدات على الأستاذ محمد يتيم خلال حملته الانتخابية ببني ملال "أن لا يمنحن أصواتهن له إلا أن تعهد بإصلاح مجاري الواد الحار"... فمثلهن لا يفهمن من مجريات الانتخابات أمرا، إلا أن تصلح لهن المجاري... بل ولا يفهمن قبلها في برامج الانتخاب ولا طرقه غير حاجتهن إلى طرق معبدة خالية من "المطبات". شأن هؤلاء السيدات أيضا شأن رجل التقى الأستاذ يتيم في عين أسردون ببني ملال... كان إذا فرغ من صلاته قام فهنأ الأستاذ على فوزه في الانتخابات ثم توجه له بقول فيه كثير من الأدب: "يا سعادة الرئيس نريد أن تبني لنا مسجدا في عين أسردون فالناس لا تصلي هنا إلا على العشب الأخضر".. فما زاد قول الرجل إلا هما على هموم "سعادة الرئيس" من إشكالية الخلط الواقع عند الناس بين البرلماني و"الرئيس" فعليا.. الواقع أن "البرلماني" راكم في مخيلة "العامة" صورة مسؤول "من دون أي حقيبة"، فلا يظهر خلال ولايته التشريعية إلا حين يريد جمع الأصوات مجددا... بذلك يكون مقصرا حتى في أداء وظيفته فالأحرى وظيفة "سعادة الرئيس".. هذه الصورة دفعت بمواطني بعض الأحياء ببني ملال إلى الدهشة من نزول الأستاذ يتيم إليهم بعد إعلان فوزه طالما لم يألفوا مثل هذا السلوك من سلفه... حتى إن أحدهم خاطب مرشح "العدالة والتنمية" بالقول: >مدّ يدك أصافحك فإني أريد ولو مرة واحدة في حياتي أن أصافح برلمانيا"... فما كان من الأستاذ يتيم إلا أن بادره بالرد: "إن البرلماني لرجل يأكل الطعام ويمشي في الأسواق" و... وليس طبعا من يأكل تمر "الانتخاب" ويرجم ناخبيه بالنوى... أو يسعى للبرلمان سعي الملهوف المتلهف وإن صرف كل ماله في شراء الذمم وتزوير إرادة الناس... صحيح أن التزوير من قبيل ما سلف لم يطل عملية الاقتراع الأخيرة بشكل سافر مثلما في السابق، حيث أضاع على الأستاذ يتيم مقعده المستحق ببني ملال خلال استحقاق 7991... وهو ما دفع بعض الشبان، في نادرة من النوادر التي يحكيها الأستاذ، إلى تبديل شعارات رياضية خلال مقابلة الرجاء الملالي مع أحد الفرق الأخرى بشعارات ثانية عجيبة، إذ رددوا بصوت واحد: "البرلمان هاهو أويتيم فين هو". الملاليون أصروا على رد الاعتبار لمرشح "العدالة والتنمية" في الانتخابات الأخيرة فتجاوبوا مع برنامجه تجاوبا أذهل منافسيه... بل إن دائرة المتعاطفين معه اتسعت فشملت أيضا شبابا يمكن أن يعتبرهم البعض "منحرفون" كما حكى الأستاذ يتيم... كانوا يتعاطون الخمور ويدمنون على تناول أنواع من الحشيش، ومع ذلك ومن غريب الأمور أن كانوا يقفون بصرامة ضد كل أنواع الفساد خلال الحملة الانتخابية، بل إن بعضهم كان يحرم على بعض المرشحين المعروفين بممارساتهم الإفسادية في المجال الانتخابي من دخول بعض الأحياء للدعاية لأنفسهم... ثم إنه من النوادر المرتبطة بهؤلاء الشباب... يروي الأستاذ يتيم أنه كان كلما نزل إليهم بحي من الأحياء الملالية الهامشية، إلا وتحلقوا حوله هاتفين شعارات تثير الضحك من قبيل قولهم: "مانكميو ما نسكرو.. أويتيم الله ينصرو". الواقع أن فوز مرشح "العدالة والتنمية" ببني ملال تطلب فضلا عن حماسة المواطنين وتعاطفهم علما ومعرفة كاملة بما سماها الأستاذ يتيم ب"الثقافات" الموجودة داخل المنطقة... ومدعاة الحديث عن ذلك ما لفت انتباه الأستاذ خلال الأيام الانتخابية من كون رمز "المصباح" شكل مناسبة للدخول في هذه "الثقافات" التي تمنح كل واحدة منها مصطلحا خاصا برمز "العدالة والتنمية"... فهناك من الناس من يسميه "المصباح" وهناك من يطلق عليه مصطلح "القنديل" وآخرون يسمونه "لامبا" أو "الفنار" أو "الفتيلة"... وغيره كثير مما يلزم مرشح "العدالة والتنمية" بمعرفة الإسم المناسب في ثقافة المخاطب قبل استعراض أي برنامج انتخابي عليه.. يونس