تقدم "التجديد" في العدد الأخير ملفا موسعا عن ظاهرة الغش في مجتمعنا وبلادنا. وهي ظاهرة تضخمت حتى تورمت فصارت سرطانا مزمنا يصعب الفكاك منه والعلاج. لا يقتصر الغش على ما هو متداول بين الناس من تزوير في المواد الغذائية، ولكنه تطاول إلى المجالات الاقتصادية كلها ثم استفحل في المجالات الاجتماعية والثقافية والإدارية والسياسية، والإعلامية والتربوية. فمن الغش ما نراه من مواد غذائية وطنية وأجنبية ملوثة بالأشعة النووية والمكونات الكيماوية، أو مأكولات ومشروبات فات أوان استعمالها. ومن الغش ما نراه من نفاق اجتماعي وحمل وجوه متعددة أو أقنعة لا حصر لها، وقطع للأرحام وهدم للأسر، وانتهاك للأعراض.. ومن الغش ما نراه من إعراض عن القيام بالواجبات التربوية في الأسر والمدارس والإعداديات والثانويات والمعاهد والجامعات.. سواء في صفوف المربين أو المتعلمين، وما الغش في الامتحانات إلا تتويج أخير للآفة. ومن الغش ما نراه من ترويج لثقافة هدامة غريبة عن أصولنا وحالنا تحت غطاء التحديث والعولمة. ومن الغش خيانة العهود والمواثيق في الإدارات المركزية والجهوية والمحلية بين المسؤولين والموظفين والنقابيين ومن صور الغش الكبرى التزوير في الانتخابات التشريعية والمحلية وبذل الوسع والطاقة في ذلك، والاجتهاد والإبداع فيه. ويزكي الإعلام كل ذلك فيصدق أو يكذب، والمشهور عنه أنه أخطر المروجين للغش العام والخاص. كلنا نحفظ قول رسولنا الكريم وهو أول ما نردده عندما يخطر ببالنا الغش، فنقول معه "من غشنا فليس منا" فهل أوشك أن يصبح جميع المغاربة غشاشين، سواء منهم الذين يصنعون الغش ويروجونه، وينظمون حملات دعوية له، أو الذين يستهلكونه ويستقبلونه دون أدنى معارضة له، أو الساكتون عنه سكوتا مطبقا. الدولة بهيئاتها وهياكلها ووسائلها وإعلامييها والمجتمع بجمعياته ومنظماته وأحزابه وحركاته.. كل أولئك مطالبون اليوم بالوقوف في وجه الغش الصاعد النازل، حتى لا يصدق علينا قول الرسول عليه الصلاة والسلام "من غشنا فليس منا". ندوة التجديد حول الغش: الغش يغزو المجتمع http://www.attajdid.press.ma/tajdid/DETAIL.ASP?Articleid=3311