منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات الأخيرة والندوات التقييمية لا تنقطع، فمن ندوة جمعية بدائل لتقييم نتائج الانتخابات واستشراف آفاق الخريطة السياسية الناتجة عنها والسيناريوهات المحتملة، إلى ندوات مماثلة هنا وهناك تنظمها جمعيات ومؤسسات إعلامية وغيرها. غير أن الملاحظ أن المشاركين في أغلب هذه الندوات، قد حاد أغلبهم عن الهدف من الندوة الذي كان ينبغي أن يكون التقييم الموضوعي والاستنتاج الأكاديمي لسير ونتائج الاقتراع الأخير، وتأثيراته المحتملة على المسار الديموقراطي لبلادنا. فعوض ذلك ذهب أغلب المتدخلين المغرضين إلى التخلي عن صفاتهم الأكاديمية ومؤهلاتهم التحليلية والانبراء إلى البحث عن أحسن الطرق لتشويه صورة حزب العدالة والتنمية والعمل على وضع العصي في طريقه إذا ما اختار المشاركة في الحكومة وحتى إذا مافضل عدم المشاركة. بل إن بعض الذين يسمون محللين سياسيين واجتماعيين لم يتوانوا في الإعلان صراحة عن ضرورة البحث عن أحسن الطرق وأيسرها لتشويه صورة هذا الحزب. (Le meilleur moyen de griller le P.J.D) (TEL QUEL الأخير) وأصر بعضهم إلى أن أحسن طريق إلى ذلك هو دفعه إلى المشاركة في تدبير الشأن العام، بل منهم من استعمل صراحة لفظ توريطه في تحمل المسؤولية حتى يفقد عذريته السياسية، وإلا فإن نتائج الانتخابات المقبلة لسنة 2007 ستكون كارثية بالنسبة للمشروع التغريبي والتطبيعي والمتصهين. أما نحن فإننا نتمنى لمن يتولى مسؤولية الشأن العام، سواء كان متحزبا أو غير ذلك، وحتى لو كان من حزب خصم، النجاح في إخراج البلاد من أزماتها، لأننا نضع مصلحة بلادنا فوق كل اعتبار ولا يمكن للهوى الحزبي أو الايديولوجي أن يغلب عندنا حب بلادنا. لأن مستقبل بلادنا لا يمكن عندنا أن يكون موضوع مخاطرة نسعى بكل الوسائل للتضحية به من أجل توريط خصم سياسي قد يكون له نصيبه من الصواب، ومن المشروعية السياسية والمجتمعية. ولذلك ابتكر حزبنا في الولاية التشريعية السابقة ولأول مرة في التاريخ البرلماني للمغرب "المساندة النقدية" وساند حكومة من يقودها حزب مختلف معه في المبادئ والمنطلقات الايديولوجية. وحتى عندما انتقل من المساندة إلى المعارضة الناصحة فإنه لم يتوان في العديد من المناسبات في التصويت لصالح مشاريع جاءت بها الحكومة بما أنه رآها في مصلحة البلاد، لأن المعارضة الناصحة لا يمكن أن تكون معارضة منهجية أو معارضة من أجل المعارضة. ولكن المعارضة كما يراها حزب العدالة والتنمية هي لدفع الحكومة إلى طريق الصواب والنجاح في عملها وليس توريطها في الأخطاء بغرض انتخابي انتهازي. إن مصير البلاد ليس وسيلة لتوريط هذا أو ذاك أو تشويه سمعته، بل هو غاية يجب أن تتضافر جهود الجميع لبلوغها سواء بالمشاركة الفاعلة أو المعارضة الناصحة. إبراهيم الخشباني