كشفت دراسة أنجزها الدكتور إدريس لكريني الأستاذ الباحث بجامعة القاضي عياض قي ثلاث دول مغاربية، أن المغرب شكل استثناء بخصوص حجم التخوفات من تأثير صعود حزب العدالة والتنمية إلى الحكم على التراجع المكتسبات الحقوقية للمرأة، إذ أكد 62 في المائة، حسب الدراسة التي شملت الجنسين ومختلف الأعمار، أن وصول الإسلاميين يساهم في التمكين للمرأة ويدعم حقوقها، مقابل 3,5 في تونس مثلا، في حين يرى حوالي 25 في المائة فقط أنه صعود الإسلاميين في المغرب سيؤدي إلى التراجع عن المكتسبات مقابل 80 في تونس و56 في المائة في ليبيا. وقال لكريني إن طرحه هذا السؤال في الدراسة مرتبط باقتران الحراك بصعود تيارات إسلامية وفتح نقاشات واسعة صاحبتها مطالب متطرفة خاصة في تونس. وأضافت الدراسة التي قدمت بمراكش أخيرا خلال ندوة حول "التمكين السياسي للمرأة المغربية والمغاربية" أن أغلب المستجوبين المغاربة اعتبروا أن التعليم هو المدخل الرئيس لتمكين المرأة ب34 في المائة متبوعا بالمقاربة الاجتماعية ب18 في المائة، فيما اختار التونسيين التعليم أيضا على رأس الخيارات ب27 في المائة، ثم الضمانات الدستورية ب23 في المائة أما في ليبيا فقد اعتبروا أن الضمانات الدستورية على رأس القائمة ب33 في المائة. وأبرزت الدراسة أن المكتسبات القانونية التي اكتسبتها المرأة في هذه الدول خاصة في تونس والمغرب، لم تسمح للمرأة بولوج مراكز القرار، سواء تعلق الأمر بالحضور في المجالس المنتخبة، وطنيا ومحليا، أو المؤسسات العامة والخاصة ومؤسسات الأحزاب الوطنية، وذلك بسبب الثقافة التي تعوق مشاركة المرأة السياسية، وعدم بلورة الكثير من التشريعات والضمانات الدستورية على أرض الواقع. وأكدت الدراسة تشير أن انطلاق الحراك قوبل بتجاوب كبير من قبل النساء، اللائي وجدن فيه فرصة كبيرة للتعبير عن مطالبهن، وتحسين أحوالهن. من جهة ثانية لكريني أكد أن النقاشات التي أعقبت إقرار الدستور المغربي، حاولت أن تختزل المناصفة في الجانب الكمي وفي المشاركة السياسية رغم أهميتها، في حين يجب تفعيل المناصفة في جميع مناحي التمكين للمرأة، وتعبر عن تواجد فعلي وليس من أجل التأثيث فقط. وأبرز الباحث أن دعم مشاركة المرأة لا يتأتى إلا عبر مقاربة شمولية، فبالرغم من أهمية التمكين السياسي للمرأة والذي يساعد على وصولها إلى مركز القرار والتأثير في مجمل مناحي الحياة، إلا أن التمكين الثقافي (التربية والتنشئة الاجتماعية، وترسيخ ثقافة المساواة) والاقتصادي (ولوج سوق الشغل والأجر المتساوي) والقانوني(الضمانات الحقوقية) له أهمية كبرى في تطور البناء الديمقراطي. واعتبر أن التمكين السياسي للمرأة يعتبر مؤشرا هاما على التحول الديمقراطي المبني على التشاركية وعلى احترام حقوق الإنسان. وقال لكريني إن تطور وضعية المرأة مرتبط بمآلات الحراك ومدى جدية المبادرات السياسية والقانونية. وأضاف أن الاستفادة من التحارب الماضية يفترض البعد عن ثقافة الإقصاء والأحادية في التدبير والذي كان سببا رئيسيا في انطلاق شرارة الحراك.