على إثر الحملة المسمومة التي تشنها بعض الصحف المغربية ضد الفقهاء والخطباء والوعاظ أوردت الصحيفة الفرنكوفونية (ماروك ويست) الصادرة بتاريخ3 و4 شتنبر الجاري خبرا مفاده أن الأئمة والمدرسين بالكتاتيب القرآنية يقومون باغتصاب الأطفال بالمساجد ومؤسسات التعليم الأولي. وقد بني هذا الادعاء الباطل على ما وقع بإقليم طانطان، وكانت المبالغة كبيرة وذلك بتزوير الحقائق دون الاستناد على معطيات واقعية. وفي نفس السياق سارعت بعض الجرائد الأخرى كالصباح والأحداث المغربية اللتين ادعيتا أن الأمر يتعلق بحادثي اغتصاب: الأولى بمنطقة في طانطان تدعى "الوطية" والثانية بمدشر"تلمزون" في طانطان نفسها. وادعت كذلك أن الجاني في هذه الأخيرة فقيه يبلغ من العمر 50 سنة. "التجديد" قامت بإجراء تحقيق في الميدان واتصلت بمصالح الدرك الملكي بطانطان، وبسكان بلدة تلمزون ومن ضمنهم أسرة الطفلة الضحية كما قامت الجريدة بالاطلاع على محضر الضابطة القضائية ومحاضر جلسات المحكمة الابتدائية بطانطان، وتبين من خلال هذه المعطيات أن الأمر يتعلق بقضية واحد وقعت بتلمزون التي تبعد عن طانطان ب30 كلم. والمتهم فيما هو المدعو (ب.ل) الذي لا يناهز عمره 30 سنة على عكس ما ذكرت جريدة "الأحداث المغربية" وهو حديث العهد بالزواج وقد التحق بالقرية المذكورة سالفا منذ حوالي 3 سنوات، ويعمل إماما بالمسجد الوحيد بالمنطقة ومذررا بنفس المسجد متحملا مسؤولية تدريس حوالي 30 طفلا وطفلة، حيث تم تحفيظ بعضهم ما بين 7 و20حزبا من القرآن الكريم إضافة إلى مجموعة من الأحاديث النبوية والأشعار، وهذا بشهادة أهل القرية الذين كانوا يتكفلون به (من حيث المأكل والمشرب والإقامة) وفي يوم 91 80 2002، تقدمت أم الطفلة القاصرة المسماة (ش.ا) المزدادة في 17 50 95، بشكاية لدى الضابطة القضائية للدرك الملكي بمركز تلمزون مفادها أن "الفقيه" كان يراودها دون استعمال العنف ودون اغتصابها، حيث أنه كان يأخذها إلى غرفة منعزلة ويترك الأطفال الآخرين داخل المسجد. وكان يفاخدها بعد نزع ثيابها وفي بعض الأحيان كان يضغط عليها لكتم الأمر عن أسرتها. وقد استمعت المحكمة إلى الظنين وصرح بأنه كان ينفرد بهذه الطفلة لمعاقبتها على تصرفاتها أو عدم حفظها نافيا كونه كان يمارس عليها الجنس بدعوى أن بكارتها لازالت سليمة وفق شهادة الطبيب. كما استمعت المحكمة إلى عدد من الأطفال كشهود حيث أكدوا ما صرحت به الطفلة وأمها، وقد اقتنعت المحكمة بثبوت التهمة المنسوبة وأصدرت حكما جنحيا علينا وابتدائيا وحضوريا بمؤاخذة المتهم بشهرين حبسا نافذا مع الصائر والإجبار في الأداء. علما أن عائلة القاصرة قد تنازلت عن القضية، ويتضح من خلال هذه الحقائق أن الأمر يتعلق بحادثة واحدة وليس فيها اغتصاب بل تحرش جنسي، لا تستحق أن تتخذ كمطية لشن حملة مسعورة على الفقهاء والوعاظ والمذررين. وكانت الصحيفة الفرنكوفونية (ماروك ويست) قد قالت إن الوزير المشرف على الكتاتيب القرآنية، وتقصد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، يغض الطرف عما يجري، وأضافت في أسلوب ساخر تقول: " إن أي أحد يمكنه أن يفتح مرآبا(كراج) ويضع فيه حصيرا ووسادة تحته ويدعي أنه فقيه في دروس خاصة". ومضت الجريدة إلى القول "إن طفلا صغيرا يرى أباه يقبل يد مغتصبه الفقيه لن يستطيع أن يصرخ عاليا مصرحا أن فقيهه مصاب بالشبقية الجنسية الطفولية". ثم انعطفت الجريدة، في أجواء الحملة الأمريكية الدولية واقتراب الذكرى السنوية الأولى ل11شتنبر، انعطفت لتحمل على الكتاتيب القرآنية وتحرض عليها قائلة" إن الكتاتيب القرآنية المتكاثرة في المغرب أصبحت منذ سنوات مشاتل لزراعة الدين المزيف"، ثم قال الجريدة " تصوروا أن كثيرا من المغتصبين هم أكبر المرشدين في هذا البلد. فيوم الجمعة، وبعد فترة رائعة من التلذذ المسروق، يتوجهون إلى المساجد ليقدموا لنا دروسا في العفة والقيم الأخلاقية، وفي محبة الأطفال، والالتزام العملي بتوجيهات الإسلام، ومنوعات أخرى في النفاق الاجتماعي" ( عدد السبت الأحد 7و8 شتنبر2002.ص 3). ولم تكتف الصحيفة بالخبر فقط، رغم عدم دقته، ولكن ضخمته تضخيما، وحولته إلى قضية في ملف من خمس صفحات، مع تخصيص الصفحة الرئيسية الأولى له. الملف تضمن مقالات مختلفة عن ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال في المغرب، مع تصريحات لبعض الاختصاصيين في الموضوع، ومنهم آسية أقصبي، وهي التي كانت تفتي في جريدة الاتحاد الاشتراكي مدة من الزمن في قضايا التحلل الجنسي، وتنصح الشبان والشابا بتكسير العادات والتقاليد البالية، والابتعاد عن التوجيهات الدينية. يذكر أن المغرب شهد هذه السنة ظهور عدة حالات من اغتصاب الأطفال في الشوارع بعدد من المدن المغربية وعدة قطاعات ومؤسسات دون أن تجد العلاج الملائم، وأن دعارة الأطفال رائجة في عدة مدن، ويقف وراءها تجار النخاسة الجديدة المنظمين في شبكات وطنية ودولية، والذين يةدون الحماية والتشجيع من بعض الجهات. حسن صابر عبدالكريم البريكي بلال إبراهيم