كثفت الفلول الفرونكوفونية المتطرفة من حملتها على الهيئات والرموز الإسلامية الرسمية والشعبية ببلادنا. فبعد ريح عقيم لما سمي "سلفية جهادية"، هبت هذا الأسبوع ريح جديدة تحمل تهمة جديدة للأئمة والخطباء ولوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. وجاءت محمولة على صفحات جريدة جهوية جديدة فرونكوفونية هي أسبوعية "ماروك ويست"، أي المغرب الغربي. التهمة هي قيام الأئمة والمذررين بالكتاتيب القرآنية باغتصاب الأطفال في المساجد ومؤسسات التعليم الأولي. الجريدة المذكورة بنت اتهاماتها على ما وقع في طانطان يوم الجمعة الماضي من اغتصاب لفتاتين قاصرتين، على يد "فقيهين" على ما تقول الصحيفة المذكورة، والتي تعنى بتغطية جهات الدارالبيضاء والرباط- سلا، والجديدة وسطات والقنيطرة. وخلافا لما ذكرته الصحيفة فإن الحادث لم يقع في مدينة طانطان، ولكن في مدشر يبعد عنها بحوالي 30 كيلومتر، ولا يتعدى عدد سكانها 70فردا، ومسجدها الوحيد مغلق مهجورطول العام. فمن حادثة معزولة في منطقة نائية، إن صحت، وقبل أن يقول القضاء كلمته، وجهت الصحيفة الاتهام السريع والعام لكل الفقهاء والمذررين، ولوزارة الأوقاف التي قالت عنها إن الوزير المشرف عليها يغض الطرف عما يجري، وأضافت في أسلوب ساخر تقول: " إن أي أحد يمكنه أن يفتح مرآبا(كراج) ويضع فيه حصيرا ووسادة تحته ويدعي أنه فقيه في دروس خاصة". ومضت الجريدة إلى القول "إن طفلا صغيرا يرى أباه يقبل يد مغتصبه الفقيه لن يستطيع أن يصرخ عاليا مصرحا أن فقيهه مصاب بالشبقية الجنسية الطفولية". ثم انعطفت الجريدة، في أجواء الحملة الأمريكية الدولية واقتراب الذكرى السنوية الأولى ل11شتنبر، انعطفت لتحمل على الكتاتيب القرآنية وتحرض عليها قائلة" إن الكتاتيب القرآنية المتكاثرة في المغرب أصبحت منذ سنوات مشاتل لزراعة الدين المزيف"، ثم قال الجريدة " تصوروا أن كثيرا من المغتصبين هم أكبر المرشدين في هذا البلد. فيوم الجمعة، وبعد فترة رائعة من التلذذ المسروق، يتوجهون إلى المساجد ليقدموا لنا دروسا في العفة والقيم الأخلاقية، وفي محبة الأطفال، والالتزام العملي بتوجيهات الإسلام، ومنوعات أخرى في النفاق الاجتماعي" ( عدد السبت الأحد 7و8 شتنبر2002.ص 3). ولم تكتف الصحيفة بالخبر فقط، رغم عدم دقته، ولكن ضخمته تضخيما، وحولته إلى قضية في ملف من خمس صفحات، مع تخصيص الصفحة الرئيسية الأولى له. الملف تضمن مقالات مختلفة عن ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال في المغرب، مع تصريحات لبعض الاختصاصيين في الموضوع، ومنهم آسية أقصبي، وهي التي كانت تفتي في جريدة الاتحاد الاشتراكي مدة من الزمن في قضايا التحلل الجنسي، وتنصح الشبان والشابا بتكسير العادات والتقاليد البالية، والابتعاد عن التوجيهات الدينية. في اتصال أولي بالجهات المعنية أكد لنا مراسلنا أن الحادث معزول، وأنه وقع في مدشر بعيد عن مدينة طانطان، وأن الأمر لم يتضح تماما، وقد تكون وراءه حسابات عائلية. ومن جهته اعتبرالأستاذ عبدالله بوغوتة (متفقد للكتاتيب القرآنية ومؤسسات التعليم، وعضو في المجلس العلمي بالناضور) ، أن الأمر معزول وغير دقيق، وما زال التحقيق فيه جاريا، وأن المربين العاملين في القطاع ليسوا ملائكة معصومين، وأن عامتهم على خلق ودين، وأضاف أن توقيت هذا الاتهام الباطل يصب في مصلحة جهة سياسية معينة، وأنه شبيه باتهامات ما سمي"سلفية جهادية"، وأضاف أنه إن صح الحدث فلا ينبغي التعميم، وإلا فإن بعض الاغتصابات التي وقعت في صفوف قطاع التربية الوطنية، وفي الشوارع وفي مجالات أخرى تستدعي من الوزراء والمسؤولين أيضا أن لا يغضوا الطرف عما يجري في قطاعاتهم. ومن جهته قال السيد محمد بشار رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات التعليم الأولي إن الظروف الحالية ليست بعيدة عن توجيه مثل هذا الاتهام لتشويه جهة سياسية معينة، ولصرف الأنظار عن الانتخابات القادمة وإشغال فئة من المشاركين في قضية جزئية صغيرة توجد في عدة قطاعات، كما تورد تلك الصحيفة نفسها، فلماذا التركيز على المذررين وحدهم في الافتتاحية والتعليق وتوجيه الاتهام لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. يذكر أن المغرب شهد هذه السنة ظهور عدة حالات من اغتصاب الأطفال في الشورع بمدينة وجدةوسلا، وفي مؤسسة تربوية تابعة لنيابة وزارة التربية الوطنية بسلا كذلك، وأن دعارة الأطفال رائجة في عدة مدن، ويقف وراءها تجار النخاسة الجديدة الذين تحميهم بعض الجهات. حسن صابر