تعهَّد الرئيس الأمريكي جورج بوش بالتحلي بالصبر والتعقل، ومشاورة الكونجرس، وحلفائه قبل اتخاذ القرار بشأن أي خطة للإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين، يأتي هذا التعهد في أعقاب التحفظات التي أبدتها العديد من الدول إزاء توجيه ضربة عسكرية للعراق. وقال بوش أثناء زيارته إلى مدينة جاكسون بولاية ميسيسيبي مساء الأربعاء 7-8-2002م: أعدكم بأني سأكون صبورًا ومتعقلاً، وسأواصل التشاور مع الكونجرس، وبالتأكيد مع أصدقائنا وحلفائنا، كما سأتفحص كل الخيارات، وكل الوسائل المتوافرة لديّ: الدبلوماسية، الضغوط الدولية، وربما أيضًا القوة العسكرية. وأضاف: هناك دول تخفي أو تطور أسلحة دمار شامل، ودول يديرها أشخاص يسمِّمون مواطنيهم، ودول لا تعير أهمية للقيم الإنسانية، هذه الدول تشكِّل تهديدًا حقيقيًّا ينبغي علينا مواجهته من أجل مستقبل أولادنا، والتاريخ يدعونا إلى العمل. ومن جانبه، أعلن نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني أن واشنطن لم تتخذ أي قرار بعدُ بشأن التدخل ضد العراق، وقال: أود التأكيد أن الرئيس بوش لم يتخذ أي قرار بعد في هذه المرحلة بالتوجه إلى الحرب، وأننا نبحث كل الخيارات. وأضاف تشيني: ما نعرفه الآن من مصادر عديدة، هو أن الرئيس صدام حسين يواصل تطوير قدراته النووية، وأسلحته الكيماوية والجرثومية، وهو يسعى للحصول على سلاح نووي، مؤكدًا أن الولاياتالمتحدة لن تخفي وجهها، في الوقت الذي تتراكم التهديدات أمامها. وكان حلفاء واشنطن الأوروبيون قد عبَّروا في الآونة الأخيرة عن تحفظاتهم إزاء قيام الولاياتالمتحدة بعملية عسكرية في العراق، وجاء التحفظ الأقوى من ألمانيا، حيث حذَّر المستشار جيرهارد شرودر من أن هجومًا عسكريا محتملاً قد يدمر التحالف الدولي ضد الإرهاب. ومعلوم أن قائد القوات الأمريكية في الخليج الجنرال تومي فرانكس قد عرض أمام بوش الإثنين 5-8-2002م مختلف الخيارات العسكرية المتوفرة لديه للقضاء على صدام حسين، ومنها خطة جديدة تعتمد على قوة من 50 ألفا إلى 80 ألف جندي مدعومة بوجود جوي مكثف، وقد حظيت هذه الخطة بدعم عدد من مسؤولي إدارة بوش. من جهتها وارتباطا بالملف العراقي شنت الحكومة المصرية حملة اعتقالات ضد عناصر إسلامية ومنهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين خلال الأسابيع الأخيرة في إطار هجمة واسعة، وقد استهدفت بشكل خاص الدوائر الأكاديمية في مصر! ويبدو أن الضربات الموجعة الأخيرة ذات طابع سياسي أكثر منها أمني! ناهيك أن تأتي ردا على تهديدات قريبة الوقوع صادرة من مجموعات معارضة. وحسب عدد من المحللين المصريين، فإن ما أقدمت عليه الأجهزة الأمنية من هجوم مركز واعتماد ضربات وقائية، إنما هو لتحييد المعارضة السياسية ضد الحرب الأمريكية على العراق!. ومع احتمال ضرب بغداد، يبدو أن القاهرة حاليا تستعد لهذا الحدث بالتركيز على تطويق الاضطرابات السياسية المرتقبة n كأحد متطلبات علاقتها مع واشنطن n من خلال استهداف أبرز أطياف المعارضة السياسية!، ولعل في مقدمتها جماعة الإخوان باعتبار تجذرها في المجتمع المصري وسعة انتشارها. وقد أوقفت القوات الأمنية 34 عضوا في جماعة الإخوان في 21 يوليوز الماضي ومن بينهم أستاذان جامعيان، محامي، رجل أعمال وموظف إداري في أحد المستشفيات، اقتحمت بيت أحدهم حيث كانوا مجتمعين في مدينة الإسكندرية!. وأسبوع قبل هذا الاعتقال، اعتقلت قوات الأمن 28 من عناصر الجماعة بتهمة التخطيط لتنظيم مظاهرة في القاهرة أمام جامع الأزهر!. وفي المجموع، اعتقلت السلطات المصرية 300 عضوا من جماعة الإخوان خلال الثلاث أشهر الأخيرة!. إلى جانب هذا، استهدفت الأجهزة الأمنية المصرية فصيلين إسلاميين آخرين، ففي 22 يوليوز المنصرم أوقفت الشرطة 15 بتهمة طباعة منشور يطالب بالإطاحة بالحكومة!، وأسفرت التحقيقات أن أعضاء هذه الجموعة حاولوا إحياء تنظيم الهجرة والتكفير الذي ظهر في بداية السبعينيات!، وفي مارس الماضي، اعتقلت السلطات المصرية 26 شخصا من بينهم ثلاث بريطانيين بتهمة العضوية في حزب التحرير المحظور!.