قضت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالرباط، في وقت متأخر من يوم الأربعاء الماضي 13 يوليوز 2002، بإدانة كل من عميد الشرطة ورئيس الدائرة الرابعة للأمن بمدينة الرباط، وأحد مساعديه، وهو مفتش شرطة ممتاز، بعشر سنوات سجنا نافذا، وذلك بتهمة تزوير محاضر وتحريف أقوال الشهود و تلقي رشاوي. كما حكمت على صاحب محل لإصلاح الدراجات، بثلاث سنوات بتهمة المساهمة في تزوير محضر رسمي، وعلى المدعو رشيد المتسبب في قتل أحد العاملين بالمحل بسنة واحدة موقوفة التنفيذ وغرامة قدرها 1000 درهم. وقد جاءت هذه الأحكام بعد عدة جلسات عقدتها غرفة الجنايات، للكشف عن ملابسات هذه القضية الخطيرة التي تورط فيها رجال شرطة مكلفون بإعداد المحاضر وتدوين أقوال المواطنين، وهي القضية التي اهتز لها الرأي العام بمدينة الرباط بداية هذه السنة. ونظرا لخطورة هذا الملف فقد تم استجواب العميد و مساعده من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء والاستماع إلى أقوالهما، كما تم استجوابهما من طرف الغرفة الجنائية الرابعة للشرطة القضائية بولاية أمن الرباط. وترجع وقائع هذه القضية إلى أحد أيام شهر نونبر 2000، حيث شبت النار في إحدى الدراجات النارية، "موتوبيكان سوداء"، وكان قدر أحد العاملين (سعيد) بمحل إصلاح الدراجات، أن وجد قرب الدراجة التي انفجر خزان وقودها، فأصيب علي أثرها بحروق وجروح خطيرة أدت إلى وفاته بمستشفى ابن سينا بالرباط. وكان صاحب المحل (أحمد ب ) لا يتوفر محله على الوسائل الضرورية لإخماد النار، كما أنه كان غير مصرح بالعاملين معه لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وغير مؤمن على المسؤولية المدينة لهم، مما دفعه إلى الاتفاق مع العميد المدان من أجل التستر على هذه المخالفات القانونية.. وحسب محاضر الشرطة فقد وجدت محاضر أصلية قام بتحريرها ضابط بالدائرة الرابعة (دائر المحيط)، ومحاضر أخرى باسم (رئيس الدائرة) ليكشف الستار عن فضيحة كبرى وهي حذف المحاضر الأولى واستبدالها بمحاضر أخرى مزورة من إنجاز (ص. ع) وأحد أعوانه (ص.م). ومن خلال محاضر استجواب عميد الشرطة والمفتش الممتاز، تبين أن المحضر الذي تم فيه الاستماع إلى (رشيد ب )، وقع حذفه من المسطرة الموجهة إلى النيابة العامة، واعتماد محضر آخر مزور يتضمن تصريحات أخرى لم يدل بها الشاهد رشيد، كما تم تزوير توقيعه، ونفس العملية تمت بها قرصنة محضر الاستماع إلى أقوال الهالك (سعيد)، حيث تم حذفه وتغيير مضمونه وتزوير توقيع الهالك. وعندما انكشف أمر العميد ومساعده المفتش وصاحب محل إصلاح الدراجات، تم تقديمهم لقاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالرباط، الذي أجرى تحقيقا مفصلا في الموضوع، لتتم إحالتهم بعد ذلك على غرفة الجنايات بنفس المحكمة، التي اقتنعت مؤخرا بإدانتهم كما سبق ذكر ذلك. وقد تقدم دفاع العميد ومساعده يوم فاتح غشت الجاري بطلب نقض الحكم المذكور، أمام المجلس الأعلى، وقد سبق لهيئة الدفاع أن طلبت من المحكمة التسريح المؤقت للمتهمين لكن النيابة العامة رفضت ذلك. وتجدر الإشارة إلى أن جريدة "التجديد" في عددها 306، سبق أن تعرضت لهذه القضية بتفصيل. ومما يجعل هذه القضية في غاية الخطورة كونها تتعلق بمتهمين غير عاديين، لأنهم يمثلون هيئات ذات صفة معينة ومسؤولية جسيمة، من قبيل القيام بأعمال الشرطة القضائية و المفروض فيهم أن يمثلوا سلطة نزيهة تطبق القانون وتسهر على سير العدالة بالمغرب. وقد تدخل القضاء ليضرب على أيدي العابثين بمصالح المواطنين وشهاداتهم ومحرراتهم. عمر العمري