بين التصعيد الإسباني والإمعان في احتلال جزيرة تورة ، والإلحاح المغربي على أحقية الرباط التاريخية والقانونية والشرعية في الجزيرة، ومطالبته بالانسحاب الإسباني اللامشروط منها، كشفت مصادر مطلعة أمس الجمعة أن السيد محمد بنعيسى وزير الخارجية المغربي أعلن أن المغرب لن يعيد قواته إلى جزيرة "تورة" إذا انسحبت منها القوات الإسبانية، وقال بنعيسى في تصريح لإذاعة "كادينا سير"، أن المغرب سيحتفظ بوعده بعدم العودة إلى الجزيرة عندما تنسحب منها القوات الإسبانية مؤكدا أنه عندما يتحدث وزير، في إشارة إليه، فإن تصريحاته تكون رسمية. كما تحركت وساطات عربية وأجنبية لاحتواء الموقف، فقد أعلنت المملكة العربية السعودية دعمها للمغرب في هذه الأزمة المفتعلة ووقوفها إلى جانبه حتى استرجاع ترابه الوطني وذلك في بيان صادر عن وزارة الخارجية السعودية. وفي أبو ظبي أعلن مصدر مسؤول في دولة الإمارات العربية المتحدة "أن دولة الإمارات تعرب عن وقوفها إلى جانب المملكة المغربية الشقيقة في نزاعها مع إسبانيا حول جزيرة "تورة"< وقال المصدر نفسه إن >دولة الإمارات تؤكد تأييدها للمغرب ووقوفها إلى جانبه في مطالبته إسبانيا سحب قواتها من جزيرة "تورة" المغربية. وفي نفس السياق دعا عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية إسبانيا لسحب قواتها والدخول في مفاوضات عاجلة مع المغرب. مؤكدا ضرورة احترام الحقوق الثابتة. وأشار موسى إلى أنه سيجتمع مع وزيرة خارجية إسبانيا يوم الثلاثاد المقبل للتشاور بشأن هذا الموضوع. وحول تفاعلات قضية احتلال جزيرة تورة المغربية وصل إلى الرباط أول أمس وزير خارجية الجماهيرية العربية الليبية الشعبية السيد عبد الرحمان شلقم لاجراء مباحثات مع المسؤولين المغاربة ثم بعد ذلك بمسؤولي إسبانيا لنفس الغرض. وقال السيد عبد الرحمان محمد شلقم لدى وصوله إلى الرباط أول أمس إن بلاده لا يمكن لها إلا أن تكون إلى جانب المغرب في خلافه مع إسبانيا حول جزيرة تورة. وقال المسؤول الليبي إن بلاده، وبرغبة من الرئيس معمر القذافي، تأمل بحكم رئاستها مجموعة 5+5 التي تضم كلا من المغرب وإسبانيا على حد سواء، أن تلعب دورا إيجابيا في حل القضية بعيدا عن منطق القوة. وتأتي كل هذه الدعوات في أعقاب إعلان وزيرة خارجية إسبانيا أنا بالاثيو أن مدريد لن تسحب قواتها من الجزيرة إلا بعد أن يتعهد المغرب بعدم إرسال قوات مغربية إلى الجزيرة. واستبعدت أنا بالاثيو أي وساطة من الأممالمتحدة أو الولاياتالمتحدةالأمريكية وأضافت في تصريحات إذاعية أنه من الحماقة الحديث عن وسطاء في مثل هذه الأزمة، وأن هذه المسألة يتعين حلها بين المغرب وإسبانيا فقط وأنها ليست معقدة إلى الحد الذي يستلزم وساطة< وأضافت أيضا أن إسبانيا ستنسحب من الجزيرة بمجرد أن تضمن ما أسمته احترام الرباط للوضع المحايد للجزيرة. وقالت إن تعهدا من العاهل المغربي يكفي للانسحاب الإسباني من الجزيرة "تورة" ويبدو أن هذا الموقف الإسباني يحمل في ذاته شروطا للانسحاب، وهو الأمر الذي رفضه محمد بن عيسى وزير الشؤون الخارجية المغربي حيث أكد في أكثر من مناسبة أن المغرب لن يدخل في حوار مع إسبانيا ما لم تنسحب بداية دون شروط من الجزيرة، كما رفض إجراء أي حوار تحت أي ضغط أو تهديد كيفما كان. على الصعيد المغربي وفي أفق التعريف بالموقف المغربي من الجزيرة التي احتلتها إسبانيا بالقوة، حل أمس بالجمهورية الفرنسية السيد محمد بن عيسى قبل أن ينتقل بعد ذلك إلى بروكسيل. وكشفت بعض المصادر أن الوزير محمد بن عيسى حمل إلى الرئيس الفرنسي جاك شيراك رسالة من العاهل المغربي محمد السادس حول الموضوع.. وهنا اعتبر محمد بن عيسى أن الموقف الفرنسي الذي استغرب لجوء إسبانيا إلى منطق القوة هو موقف أقل ما يقال عنه أنه أكثر إنصافا واعتدالا من موقف الاتحاد الأوروبي الذي وقع شيكا على بياض لفائدة إسبانيا وكان قمة في الانحياز لذاك الطرف. وقد اعتبر محمد بن عيسى أن الاتحاد الأوروبي لم يأخذ علما بمجمل المعلومات الضرورية والحجج القانونية والتاريخية التي يملكها المغرب حول الجزيرة. كما نقلت بعض المصادر الصحافية أن هناك تحولا في موقف بعض الدول الأوروبية التي تفهمت موقف الرباط. عبد الرحمان الخالدي