"حق بابا عيشور ،القديدة ملوية على العواد ، هذا عايشور ما علينا لحكام ، لالا بيضة اعطيني واحد البيضة ، زمزم ، شعالة ، ريحة الجاوي طالعة فالدوار، فضيلة الليلة عاشوراء كبيرة ، كلها أهازيج وعبارات ارتبطت بعاشوراء، وارتبطت بحمولات ومعتقدات وخلفيات متداخلة منها الديني، ومنها الوثني والافريقي والشيعي واليهودي في تداخل وتباين يعيد تركيب كل هذه الروافد في طقوس احتفالية فرجوية أحيانا قد تبدو دون خلفية في الكثير من الأحيان . ويؤمن المغاربة أن احتفالاتهم مغربية موروثة عن الآباء والأجداد فقط، ولا يرون أنها تخالف الإسلام، أو تأخذ من سواه، فالإسلام الراسخ بعمق في قلوبهم قد جب كل ما قبله، وجعل من ميراث الأنبياء من قبل جزء من الدين المحمدي، الذي ختم الرسالات السابقة من دون أن ينكر فضلها، ويعتبرون عاشوراء يوما نجى فيه الله سبحان وتعالى نبيه موسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين وأغرق فرعون وأتباعه، ولعظم هذه المناسبة اختار الرسول الكريم صيام التاسع والعاشر من هذا الشهر في الوقت الذي وجد فيه اليهود يصومون يوم عاشوراء ، ويبدأ المغاربة في أداء أعشار محصولاتهم الزراعية ، في الفاتح من محرم ، وهناك من يربط بين الاعشار :الزكاة " وعاشوراء . ويمكن القول أن عاشوراء في المغرب لقاء مع الاحتفالية والفرجة بمظاهر شتى " بيع أدوات الموسيقى ، الفواكه الجافة وتجمعات عائلية حول اطباق مغربية مميزة ، وإعداد أطباق خاصة، تمتاز بتنوع كبير في الطقوس ويعرف بعض الانحرافات حاولنا استقاء مجموعة من أراء الشباب حول تمثلات عاشوراء ، وحمولاتها الثقافية وخلفياتها ، وكذا قراءتهم لما تعرف من طقوس ،في محاولة لمقاربة اي تمثل ديني للمغاربة عن عاشوراء ، فامتازت أغلبية الاراء بتركيزها على ذكرى الطفولة ، وألعاب الصبا من دمى وماء ونار ، ركز الأغلبية على المفاهيم الاحتفالية والفرجوية خصوصا بالنسبة للاطفال ، معتبرين أن عاشوراء موعد مع الفرح في زمن رخصت فيه الدماء ، وعاب الكثيرمنهم ما تعرفه الاحتفالات من انزلاقات وانحرافات كشيوع الشعوذة وبعض الطقوس الخرافية . السرات : لا عيب في احتفالات عاشوراء مالم تعارض الأصل أوضح حسن السرات، باحث في الفكر الإسلامي، أن عاشوراء هي مناسبة عظيمة لحدث ضخم جدا، يتمثل في سقوط نظام سياسي سخر كل الوسائل بما فيها الدين المزيف ليصير حاكما مقدسا، موضحا، في تصريح للتجديد، أن الفرعونية طغيان سياسي يسخر جميع الوسائل للتمكن من الضعفاء والفقراء والمساكين والمقهورين باسم دم إلهي له لون مختار، والفرعونية تلد الجبن والانبطاح للطاغية باسم الدين أيضا، مبرزا أن الله سبحانه وتعالى أرسل موسى عليه السلام رسولا برسالة مزدوجة نصفها موجه للفرعون ونصفها موجه لبني إسرائيل ضحايا الفرعونية المنبطحين لها ليتحرروا يحرروا، وفي لحظة الغرق، وما يعنيه من غرق النظام السياسي الرافض للرسالة السماوية ، واضاف السرات موضحا اصل عاشوراء أنه قد يكون سهلا أن تسقط نظاما طاغوتيا يكتم الأنفاس، لكن الأصعب منه أن تعطي بديلا راشدا يعيد العدل في الذات أولا بإرجاعها لحالة السواء ثم تقديم نموذج يغري، موضحا أن القوم الذين أرسل إليهم موسى هم بنو إسرائيل وتبين أن الخوف والجبن قد ترسخ فيهم، وبعد النجاة تبين أن حب المال لدرجة التأليه قد ترسخ فيهم ، يعود السرات ليقول ان هذه المعاني هي التي جعلت الإسلام يتخذ من عاشوراء مناسبة للاحتفاء بالأحداث الإلهية العظمى التي تسطرها يد الله في الواقع، ولذلك شجع الرسول محمد عليه الصلاة والسلام صحابته للاحتفاء بعاشوراء كأنها عيد، مبرزا أن فالصوم مظهر احتفالي ديني إيماني يتخلى فيه الإنسان عن الطعام واللذات شكرا لله على نعمة عظيمة وينتظر طول النهار ليفرح في فطره . وأوضح السرات أن الفرح قد يتخذ شكلا ثقافيا وفنيا واجتماعيا، فتدخل على الخط الإبداعات والمبتدعات، مؤكدا أنه لا عيب في الإبداعات والمبتدعات مالم تعارض الأصل معارضة صريحة، وقد تكون للاحتفالات التي درج عليها الناس أصولا صحيحة ولكن العقلية الجماعية تفقد القدرة على التفكير والنقد والتمييز فيسقط الناس في البدع والضلالات، داعيا إلى ضرورة رد الأمور لنصابها الأول وتذكير المحتفلين بأصل الاحتفال وترك الحرية لهم للتعبيرات الأخرى دون هدم الأصل. وعن أعمال الشعوذة والطقوس المحيطة بعاشوراء قال السرات إن أعمال الشعوذة القديمة السابقة على وجود الإسلام والتي تظهر في عاشوراء ليست سوى إحياء لعقائد نسختها أركان الإيمان الستة التي تجعل الإنسان بمنأى عن النكوص للجاهلية والخضوع للأهواء والنزوات وتجار الضعف الإنساني والتلاعب بمخاوف الناس ورغباتهم في مكافحة مختلف أنواع القلق. واعتبر السرات، في التصريح ذاته ، أن هناك حقيقة واضحة في أركان الإيمان كثيرا ما تنسى ألا وهي الإيمان بالأنبياء جميعا والإحتفاء بهم جميعا دون تفريق بينهم ولا تفضيل، مشيرا أن المؤمن يؤمن برسالات الله المتتابعة لجميع المجتمعات، وهي في الجوهر رسالة واحدة محورها التحرر والتحرير، وأضاف موضحا أن التحرر يكون من الشرك الذي هو العتبة الأولى لكل طغيان واستبداد، والتحرير يقصد به تحرير الناس من أشكال الإشراك والاستعباد بما فيها الإلحاد.
علي الشعباني: إحياء مظاهر بائدة بدعوى التراث قتل للوعي والذكاء المغربي أكد السوسيولوجي علي الشعباني أن حتفالات عاشوراء في السنوات الاخيرة تبدو بدون خلفية وكأنها ظاهرة احتفالية، لكنها في الموروث المغربي تعتبر مناسبة دينية بحمولة عقدية ، موضحا في تصريح لجريدة التجديد الورقية، أن المغرب في التاريخ القديم، عرف وجود بعض الجهات تتبع المذهب الشيعي، و كانت تحتفل بعاشوراء ببعد ديني، مذكرا أن المغاربة يحرصون على تخليد الكثير من المناسبات ذات البعد الديني وعاشوراء واحدة منها ، ويبرز الشعباني أن المغاربة أخذوا احتفالية عاشوراء بمظاهر الفرح عكس الشيعة الذين يخلدون الذكرى بمظاهر الحزن وطقوسه. وعن الطقوس والعادات المرتبطة بعاشوراء قال الشعباني أنها متداخلة ومتشابكة منها الخاص والاصيل ومنها الدخيل ومنها ما لا يعرف له أصل كاللعب بالماء واهداره موضحا ان ما يسمى بزمزم مظهر جديد لا تعرف أصوله ومصدره، بالاضافة إلى الاحتفال بالنار شعالة ناعتا هذه التمظهرات بالغربية ، ولم ينفي الاصل الوثني لبعض الاحتفالات والتي قال انها لا تخص فقط عاشوراء بل هي رموز غير معروفة. وعن الشعوذة والدجل قال الشعباني إنها من الانحرافات التي تقتتحم الاحتفالات والمواسم عموما، ملاحظا ان الانحرافات مردها لضعف الوازع الديني وضمور الوعي ، ودعا الشعباني إلى الإبتعاد عن ممارسات تستمد بعض تمظهراتها من معتقدات قديمة بدائية لا تمت لا للدين وللحضارة بشيء ، مطالبا الفاعلين والمؤطرين للراي العام من إعلام ووعاظ وجمعيات إلى رفع مستوى الوعي عند المغاربة ، وعاب الشعباني على الجمعيات انشغالها بإحياء تمظهرات بائدة بدعوى "إحياء التراث"، معتبرا أن ما قوم به بعض الجهات من إلهاء للناس وإبعادهم وشغلهم بالخرافات والاساطير فعل سياسي توجهت اليه الدولة لمواجهة التطرف والغلو، وشدد على كون هذا الموروث الذي يحيا (بابا عيشور ، بوجلود ..) لا يخدم وعي المواطن وسيعود به إلى الوراء ، موضحا أنه إن كان لابد من إحياء فليكن له بعد اخر ثقافي تهذيبي تربوي، يظهر الشكل الإيجابي، وينمي ذكاء وفطنة المواطن المغربي، لا أمور تشوش على العقيدة والثقافة وتعود بالناس إلى الوراء وتضيع الأهداف، ناعتا بعض التمظهرات والسلوكات بالمتخلفة جدا تعود إلى ما قبل التفكير العقلاني، لتفكير بدائي يحاكي الحيوانات .