سنتناول في هذا الموضوع الآيات القرآنية التي تتحدث على وجوب امتثال المرأة المسلمة للأمر الإلهي في لبسها للحجاب الشرعي مع تفسير لهذه الآيات، وسنعتمد على تفسير الجلالين للإمامين جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي في تفسيرنا لهذه الآيات القرآنية. يقول الله سبحانه وتعالى في الآيتين 30 و 31 من سورة النور :{ قل للمومنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم، إن الله خبير بما يصنعون، وقل للمومنات يغضضن من أبصارهن ويحفضن فروجهن،ولا يبدين زنتهن إلا ماظهر منها، وليضربن بخمرهن عل جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهم أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الاِربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء، ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن، وتوبوا إلى الله جميعا أيها المومنون لعلكم تفلحون}. قل للمومنين يغضوا من أبصارهم عما لا يحل لهم نظره، ويحفظوا فروجهم عما لا يحل لهم فعله بها، ذلك خير لهم إن الله خبير بما يصنعون بالأبصار والفروج فيجازيهم عليه، ونفس الشيء للمؤمنات. "ولا يبدين"، يظهرن زينتهن إلا ما ظهر منها. ورأى بعض العلماء أن القصد مما ظهر منها هو الوجه والكفان، فيجوز نظره للأجنبي إن لم يخف الفتنة، ورأى غيرهم أنه يحرم النظر إليهما لأنه مظنة فتنة، ورُجِّح الرأي الثاني حسما للباب. وليضربن بخمرهن على جيوبهن، أي يسترن الرؤوس والأعناق والصدوربالمقانع. "قلت: سبحان الله وكأن بعض نساء عصرنا يتعمدون مخالفة أمر الله فيتفننون في إظهار الرؤوس والأعناق والصدور، ثم ربما يسترون ما دون ذلك، والله سبحانه يعلم أن نساء عصرنا سوف يكشفون عن صدورهم وأعناقهم ورؤوسهم لذلك خاطبهم بهذه الآية، والعبرة لمن تعتبر". ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن، جمع بعل أي زوج أو أبائهن أو …ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن من خلخال يقعقع، "ولي وقفة هنا أيضا فإذا اعتبر سبحانه الخلاخل الذي كانت تلبسه نساء الجاهلية فتنة للرجال وجب الإبتعاد عنه في الإسلام، فماذا نقول لنساء عصرنا اللواتي يلبسن أحذية لها أكعاب عالية يحدثن بها أصوات فاتنة في مشيهن، ويُعرضهن كذلك للتمايل في المشي والتراقص، فهلا استجبن لأمرالله سبحانه". وتوبوا إلى الله جميعا أيها المومنون مما وقع من النظر الممنوع. قال سبحانه في الآية 58 من سورة النور:{والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا، فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن, والله سميع عليم}. "والقواعد من النساء"، قعدن عن الحيض والولد لكبرهن اللاتي لا يرجون نكاحا لذلك، فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن من الجلباب والرداء والقناع فوق الخمار،"غير متبرجات" مظهرات زينة خفية كقلادة وسوار وخلخال وأن يستعففن بأن لا يضعنها خير لهن والله سميع لقولكم عليم بما في قلوبكم. وهنا لي وقفة أيضا، فإذا رجح سبحانه ألا تضع المرأة الكبيرة في السن التي ذبل جمالها وذهب رونقها بعض الزينة من القلائد والخلاخل لأن ذلك خير لها، فماذا نقول أيضا للشابة الحسناء التي لا تخرج من بيتها حتى تصبغ وجهها بجميع مساحيق التجميل وتتعطر بأزكى أنواع العطور، فإن هذا حرام بلا شك، حرام لأن المرأة الكبيرة ليست مضنة للفتنة والأفضل لها عدم التزين بمجرد خلاخل، أما الشابة الصغيرة فهي تثير الفتنة بدون زينة فما أدراكم بوضعها للزينة. وفي الآيتين 32 و 33 من سورة الأحزاب يقول سبحانه: {يا نساء النبيء لستن كأحد من النساء إن التقيتن، فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، وقلن قولا معروفا، وقرن في بيوتكن، ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}. يا نساء النبيء لستن كجماعة من النساء إن اتقيتن الله فإنكن أعظم، فلا تخضعن بالقول للرجال فيطمع الذي في قلبه مرض النفاق، وقلن قولا معروفا من غير خضوع، وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ما قبل الإسلام من إظهار النساء محاسنهن للرجال. من العلوم أن أطهر نساء الأرض هن نساء النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك أمرهن سبحانه في هذه الآية بثلاث أمور: عدم الخضوع بالقول وعدم الخروج من البيت بدون ضرورة وعدم التبرج، لسبب واحد هوألا يطمع الذين في قلوبهم مرض النفاق، فإذا تقرر هذا وعلمنا أن في عصرنا هذا كثير من الذين ابتعدوا عن منهج الإسلام بسبب المغريات والفتن وغيرها، فإن هذه الأمور الثلاثة هي من أوجب الواجبات على نساء عصرنا لأنهن أولا: لسن في مقام نساء النبي في الشرف والطهر ومع ذلك أمرهن الله بتلك الأمور، ومن جانب آخر أن أصحاب القلوب المريضة هم بكثرة في زمننا هذا. لذلك ماذا يعني أن نرى المرأة تلين صوتها عند حديثها مع رجل أجنبي عبر الهاتف أو مباشرة وهي تقرأ هذه الآية؟ وماذا يعني أن تخرج المرأة من بيتها إلى الشارع من غير ضرورة وهي تسمع قوله سبحانه " وقرن في بيوتكن"؟ وماذا يعني أن تخرج المرأة في كامل زينتها من بيتها وهي متبرجة إلى أبعد حدود وهي تقرأ هذه الآية؟. وفي الآية 53 من نفس السورة يقول سبحانه: {وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقوبكم وقلوبهن}. وإذا سألتم أزواج النبي متاعا فسألوهن من وراء ستر ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن من الخواطر المريبة. من هؤلاء؟ إنهم الصحابة الكرامة ونساء النبي اللواتي يأمرهن الله بالتستر عن الصحابة كي لا يقع في قلوبهم جميعا خواطر مريبة, فماذا عسانا نقول ونحن في عصر غير عصر الصحابة، فأكيد أن الريبة ستكون أسرع إلى قلوبنا من قلوبهم، فهلا تسترت نساء عصرنا، فأمر التستر أولى لهن من زوجات النبي. وفي الآية 59 من سورة الآحزاب أيضا يقول سبحانه وتعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المومنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يوذين، وكان الله غفورا رحيما}. يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المومنين يدنين عليهن من جلابيبهن، جمع جلباب، وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة، أي يرخين بعضها على الوجوه إذا خرجن لحاجتهن ذلك أقرب إلى أن يعرفن بأنهن حرائر فلا يؤذين بالتعرض لهن،(بخلاف الإماء فلا يغطين وجوههن فكان المنافقون يتعرضن لهن) وكان الله غفورا لما سلف منهن من ترك الستر رحيما بهن إذا تسترن. وهذه الآية لم تدع لأي كان أن يشكك في أمر فرضية الحجاب على كل نساء المسلمين في أي عصر كان، فالله سبحانه يأمرالنبي، وأمره مطاع، أن يوصل هذا الأمر إلى سائر نساء الأمة بأن الله يأمرهن بالحجاب الشرعي الذي فرضهن عليهن كلهن بما فيهن نساء النبي وبناته،لأن حجابهن دليل على أنهن يتمتعن بالحرية الكاملة "حرائر" وأنهن ليسوا سلعة تباع وتشترى وأنه دليل على أنهن يعبدن الله وحده ولا يطيعون في أمر الحجاب غيره، فهلا استجبتم لأمر الله في لبسكن للحجاب الشرعي يا نساء أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟