نظمت حركة التوحيد والإصلاح دورة تكوينية لفائدة أطرها أي مسؤولي المناطق ونائباتهم وأعضاء اللجنة الوطنية تنتهي يوم الثلاثاء القادم بعد أن افتتحت يوم السبت الماضي، دورة نظمت تحت شعار من أجل تأهيل قيادات محلية فعالة، وسطرت لها الأهداف التالية: 1 إشاعة المناخ التربوي والأجواء الربانية .2 ترسيخ تصورات ومبادئ الحركة.3 تشخيص الواقع الداخلي والوطني والدولي. 4 إعادة الاعتبار للقضايا الفكرية والتربوية. 5 التأهيل الإداري والقانوني. وقد شارك الدكتور أحمد الريسوني عضو المكتب التنفيذي للحركة بمداخلة هامة حول المنهج العام لحركة التوحيدوالإصلاح، وتعميما للفائدة ننشر هذه المداخلة:
هوية الحركة وأهدافها: تعرف حركة التوحيد والإصلاح نفسها بأنها: (حركة دعوية تربوية على منهاج أهل السنة والجماعة، تعمل في مجال الدعوة الإسلامية عقيدة وشريعة وقيما وآدابا، من أجل الالتزام بمقتضيات الإسلام والمساهمة في إقامة أركانه وأحكامه على صعيد الأفراد والمجتمع والدولة). وهذه الأهداف التي يشكل العمل لأجلها مكونا أساسيا لهوية حركة التوحيد والإصلاح، تم تفصيلها وبيانها في ميثاق الحركة الذي حدد أهدافها في إقامة الدين على صعيد الأفراد، وعلى صعيد الأسرة، وعلى صعيد المجتمع، وعلى صعيد الدولة، وعلى صعيد الأمة. وكذلك دعم التوجه الوحدوي في الأمة الإسلامية، والإسهام في تحسين أوضاع المسلمين ومناصرة القضايا العادلة، والإسهام في نشر الإسلام في العالم، والإسهام في بناء حضارة راشدة. ويؤكد الميثاق تعريف الحركة وأهدافها بصيغة أخرى فيقول حركة التوحيد والإصلاح حركة مستقلة عن أي جهة داخلية أو خارجية وأنها مفتوحة في وجه كل مسلم من أبناء هذا الوطن يريد أن يتفقه في دينه، ويعمل به، ويدعو إليه.
منهج الحركة من خلال اسمها: اسمحركة التوحيد والإصلاح اختير من جملة أسماء كثيرة اقترحت ونوقشت في مجلس الشورى الذي انعقد في صيف ,1996 والذي كان بمثابة مؤتمر تأسيسي للحركة الموحدة، المنبثقة عن الوحدة الاندماجية بين حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي. وقد سجل الميثاق أهم المعاني والاعتبارات المنهجية التي روعيت في ترجيح هذا الاسم واعتماده.
فالتوحيد: يتضمن توحيد الخالق، وتوحيد الخلق، وتوحيد الجهود: 1 توحيد الخالق-سبحانه- إيمانا بوحدانيته وصمديته...وتوحيده بالعبودية له وعبادته وحده، وتوحيده بتوحيد المرجعية العليا لكتابه ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. 2 توحيد الخلق، وهواتباع نهج يؤمن بضرورة التحاور والتشاور والتعاون والائتلاف بين المسلمين أهل التوحيد وأهل القبلة، أيا كانت الاختلافات بينهم .كما أن هذا النهج الإيجابي يتعدى المسلمين إلى غيرهم حسب مقاصد الشرع الحنيف وضوابطه. 3 توحيد الجهود، ويتم تفعيل هذا النهج التوحيدي التعاوني وترجمته أيضا في عدد من المبادئ والمواقف العملية للحركة فالميثاق ينص على مبدأ التعاون على الخير مع الغير. وورقة توجهات واختيارات تنص على أن الحركة تؤمن بالتعاون مع غيرها من الهيئات والمؤسسات في عملها الدعوي والتربوي وجهادها الإصلاحي، عملا بقوله تعالى( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ والعدوان) (المائدة:2) وقوله)وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (التوبة:17) ومن هنا فإن الحركة تضع ضمن أهدافها والتزاماتها( السعي إلى توحيد جهود الدعاة وتحسين العلاقات ودعم التقريب والتعاون بينهم...) فهذه كلها أشكال ودرجات من التوحيد التي يتضمنها ويرمز إليها اسم الحركة، وهي تتلخص في العبارة الجامعة التي يقولها بعض العلماء وهي كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة.
وأما الإصلاح : فهو ما بعث به ولأجله الأنبياء الذين كان شعارهم دائما هو( إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الإصلاح مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (هود:88) وهو (الإصلاح الذي يثبت عناصر الخير والصلاح القائمة ويقويها وينميها، ويسعى إلى إقامة ما هو مفقود منها... وهو الإصلاح الذي يقاوم الفساد بدفعه وإزالته ومنع أسبابه ومدافعتها. وهو الإصلاح الذي يلخصه علماؤنا في كون رسالة الأنبياء جميعا تتمثل في (جلب المصالح وتكثيرها ، ودرء المفاسد أو تقليلها). ثم يقول الميثاق بعد توضيحه لدلالات اسم الحركة ( فهذا هو نهج التوحيد والإصلاح الذي تتبناه وتدعوا إليه حركة التوحيد والإصلاح). وبهذا يتضح أن اختيار اسم الحركة جاء تعبيرا مختصراعن منهجها الذي تم تفصيله وتفعيله في وثائقها وأعمالها.
القضية الأساس: إقامة الدين وليس إقامة الدولة: من أهم القضايا التي شغلت الحركات الإسلامية المعاصرة مسألة إقامة الدولة الإسلامية ذات النظام الإسلامي. وقد تضخمت هذه القضية بفعل عوامل متعددة، فكرية وسياسية، حتى أصبحت قضية القضايا وأصبحت مقياس النجاح والفشل والربح والخسارة... حركة التوحيد والإصلاح لها رؤيتها الواضحة والمحسومة في هذه القضية. فهي ترى أن التركيز والاهتمام يجب أن ينصب على إقامة الدين الذي هو الهدف وهو الواجب. أما الدولة فهي مجرد وسيلة من جملة وسائل كثيرة لإقامة الدين والدنيا. كما أن الحركة وهي تتفاعل مع بيئتها وتتلاءم مع خصوصياتها المغربية- وجدت أن الدولة المغربية مستمرة منذ كانت في التمسك بإسلاميتها. وقد تعزز ذلك بالتنصيص عليه في دستور البلاد. كما أن الملك ملتزم دستوريا بكونه حاميا للدين. وهذا يعني أن إقامة الدين وخدمة الدين مع هذه الدولة ومن خلالها وفي ظلها، أمر لا غبار عليه من الناحية المبدئية والدستورية والفعلية، بغض النظر عن الصعوبات والعوائق العرضية. ومن جهة أخرى يقتضي النهج الإصلاحي للحركة - كما تقدم- تثبيت عناصر الخير والصلاح القائمة وتقويتها وتنميتها ودعمها. ومنها بدون شك الصفة الإسلامية للدولة المغربية، ومنها كذلك صفة إمارة المومنين، التي تعني خدمة الدين وحمايته، ومنها المكتسبات الإسلامية الفعلية المتحققة في عدد من مؤسسات الدولة ومصالحها الحكومية، مع قابليتها لمزيد من التوسيع والتحسين إذا توفرت لها العوامل المساعدة على ذلك. بناء على هذا كله ترى حركة التوحيد والإصلاح أن الصواب والرشد والسداد هو في دعم هذه الدولة ودعم أسسها ومكتسباتها الإسلامية. علما بأن الدولة المغربية، كالمجتمع المغربي، تبقى عرضة لمختلف المؤثرات السلبية والإيجابية، وكلها يمكن أن تزيد أو تنقص، أو تسوء أو تتحسن، بحسب ظروف وعوامل وتوجهات كثيرة، نحن جزء منها وطرف من أطرافها. كما أن اعتماد الحركة لهدف (إقامة الدين) هدفا جامعا وموجها لكافة أعمالها ومواقفها جعلها تنظر إلى كافة الأعمال والجهود التي تصب في هذا الاتجاه على أنها منها وإليها. وأن من يقومون بها ليسوا منافسين أو مزاحمين، ولا يشكلون لها أي حرج أو مضايقة، بل هم شركاء يقتسمون معها ويحملون عنها جزءا من الواجب ومن أعبائه . فكل عمل يخدم الإسلام والمسلمين فهو جزء من عملنا ونحن نسانده ونرحب به ونضع أنفسنا في خدمته، سواء صدر من مؤسسات حكومية أو أحزاب أو جمعيات أو طرق صوفية أو من أفراد أو علماء أو خطباء...
النهج السلمي والقانوني للحركة. نصت ( الرؤية السياسية) للحركة على أن من مرتكزاتها في الإصلاح (اعتماد مبدأ المشاركة والتدافع السلمي) ونصت على أن (كلا من منهج الخروج والاعتزال مرفوضان). كما نصت ورقة (توجهات واختيارات) على أن (حركتنا حركة وسطية معتدلة ترفض الغلو في الدين وتكفير المسلمين وتلتزم التزاما تاما بالأساليب السلمية في كافة أعمالها ومواقفها في إطار المشروعية والمقتضيات القانونية لبلادنا) وأضافت أن الحركة (ترفض وتدين خ بصفة خاصة- أعمال العنف وإثارة الفتن داخل صفوف المسلمين ومجتمعاتهم، وتدعو جميع مكونات المجتمع من حكام ومحكومين إلى حفظ الأمن والطمأنينة واجتناب أسباب الفتن والصراع). وبالإضافة إلى هذه المواقف والبيانات المسطرة في وثائق الحركة فإن سلوكها العملي كان دائما و على مدى سنين طويلة و في مختلف الظروف والأحوال أبلغ تجسيد لهذا النهج. هذا النهج هو أولا امتداد لمنهج أهل السنة والجماعة القائم على النصوص الشرعية، وخاصة منها الأحاديث النبوية التي تأمر بلزوم الجماعة واجتناب الفتنة، وبطاعة أولي الأمر ما لم يأمروا بمعصية، وما لم يصدر منهم كفر بواح. منها حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فقال -فيما أخذ علينا- أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لاننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان. فالمسؤول -أيا كانت مسؤوليته ودرجته- حين يحسن، نقول له أحسنت ونعينه في ذلك، وحين يسيئ نقول له أسأت ولا نعينه على إساءته، ولكن لا نخرج عليه. فهذا ما عليه جماهير علماء أهل السنة والجماعة في مختلف العصور. وهذا هو مقتضى النصيحة لهم الواردة في حديث :(الدين النصيحة) قالوا لمن؟ قال (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم). قال الإمام النووي: (وأما النصيحة لأئمة المسلمين، فمعاونتهم على الحق، وطاعتهم فيه، وأمرهم به، وتنبيههم وتذكيرهم برفق ولطف،وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين، وترك الخروج عليهم، وتأليف قلوب الناس لطاعتهم. قال الخطابي رحمه الله: ومن النصيحة لهم: الصلاة خلفهم والجهاد معهم، وأداء الصدقات إليهم، وترك الخروج بالسيف عليهم، إذا ظهر منهم حيف أو سوء عشرة، وأن لا يُغَرُّوا بالثناء الكاذب عليهم، وأن يدعى لهم بالصلاح.. كما يتعزز هذا النهج كذلك بالخيار الديموقراطي الذي تتبناه الدولة المغربية منذ فجر الاستقلال. فهذا الخيار- بغض النظر عن نقائصه وتعثراته وآفاته-يضمن قدرا جيدا من حرية العمل لمختلف فئات المجتمع ولمختلف توجهاتها وهيئاتها الثقافية والسياسية والنقابية وغيرها... ومن هذا الباب عرف المغرب على مدى نصف قرن منذ استقلاله مئات الجمعيات الإسلامية، مارست أعمالها الدعوية والتربوية والتعليمية والاجتماعية، بقدر كبير من الحرية والطمأنينة، فأسهمت بذلك- إلى جانب مؤسسات رسمية وجهود شعبية متنوعة- في حفظ الشخصية الإسلامية للدولة وللمجتمع وللأفراد، وفي حفظ ما يربط الجميع من وحدة ثقافية وسياسية ومذهبية. لهذه الاعتبارات كلها، فإن حركة التوحيد والإصلاح قد اختارت بكل وعي وإصرار أن تسلك في كافة أعمالها مسلك الشفافية والوضوح والتزام العمل القانوني السلمي. وهي متمسكة بذلك منذ بداياتها الأولى، وفي جميع الظروف والأحوال. وحتى في الحالات التي يرفض فيها بعض المسؤولين الاعتراف بها والتعامل معها بصفة قانونية، فإن الحركة تظل متمسكة بواجباتها وبحقوقها القانونية، معتبرة أنها بذلك تسهم في بناء دولة الحق والقانون، وفي خدمة المكتسبات الحقوقية ببلادنا.
تقسيم الأعمال وترتيب الأولويات مرت حركة التوحيد والإصلاح والفصائل التي اندمجت في إطارها بعدة تجارب وتطورات في مختلف مجالات عملها. وقد انتهت الحركة الآن إلى تقسيم أعمالها وأوجه نشاطها إلى قسمين هما: الوظائف الأساسية والأعمال التخصصية. وقد تم تحديد هذه الوظائف الأساسية في ثلاث هي: الدعوة، التربية، التكوين. وواضح من تسميتها وظائف أساسية، أنها تمثل الشغل الشاغل والعمل الدائم. فالوظيفة والوظيف يعنيان العمل الدائم المستمر المتكرر المنتظم. كما أن وصفها بالأساسية، يجعل منها أسساً لقيام الحركة واستمرارها، وأُسساً لكافة أعمالها. بل هي وظائف أساسية للرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم. وهي مستوحاة من قوله عز وجل )هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) (الجمعة:2) . 1 فتلاوة آيات الله على الناس، وبيانها وبيان أحكامها لهم لكي يتبعوها ويعملوا بها، هذه هي وظيفة الدعوة. 2 وتزكية المقبلين على الدعوة المستجيبين لندائها هو التربية، فالتزكية هي جوهر التربية. 3 وتعليم الناس الكتاب والحكمة، هي درجة عليا من الفهم والتفقه والخبرة، فهي ترقية علمية وعملية فوق ما سبق (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) (البقرة:962) . على أن اعتماد هذه الوظائف الأساسية ( الدعوة والتربية والتكوين) لا ينحصر سنده في هذه الآية الكريمة وآيات أخرى مماثلة، بل هي مضمنة فيما لا يحصى من الآيات والأحاديث، كما أن السيرة النبوية المطهرة كلها تجسد هذه الوظائف وأولويتها وأساسيتها. وقد وضعت الحركة كتابا خاصا لكل من وظيفة الدعوة ووظيفة التربية هما (الرؤية الدعوية) و(الرؤية التربوية)، يبينان أهميتهما وأحكامها ومنهج الحركة في فهمها وممارستهما. ونظرا للأهمية البالغة لهاتين الوظيفتين خاصة، فإن الحركة تعتبر أن جميع أعضائها، مهما كان موقعهم الحركي أو الاجتماعي، ملزمون بالانخراط فيهما وأخذ نصيبهم منهما. فلا أحد يعفى من القيام بالدعوة وبخدمة الدعوة ، ولا أحد يستغني عن التربية وإعادة التربية ومزيد من التربية. وأما التكوين، فبحكم أن نصيبا منه يتحقق من خلال العمل الدعوي والعمل التربوي، وبحكم أن مستوياته العليا لا تتأتى لجميع الناس، فإن الانخراط في برامجه لا يمكن تعميمه على جميع الأعضاء وفي جميع الأوقات. ولعل أهم ما تتميز به الرؤية الدعوية لحركة التوحيد والإصلاح هو ما يمكن تسميته بتحرير الدعوة، تحريرها من كثير من العوائق النفسية والفكرية، ومن شروط فرضت عليها وعلى القائمين بها ما أنزل الله بها من سلطان. فالدعوة إلى الإسلام، وإلى أي حكم من أحكامه، تجب على جميع المسلمين، وليس لها من قيد او شرط. نعم هناك شروط لكي تكون الدعوة أكثر سداداً وأكثر نجاحا، كالعلم والحكمة والقدوة الحسنة والأسلوب الأنجع والوسيلة الأوسع...، لكن نقصان هذه الشروط والمواصفات، أو فقدان بعضها، لا يسقط وجوب الدعوة حيثما وجبت وتعينت. كما أن تحرير الدعوة يتمثل في جانب آخر، هو وسائل الدعوة. جاء في خاتمة الرؤية الدعوية:(فالدعوة لكي تتحرر وتتسع وتتطور، يجب أن تكون دائمة التوسيع والتجديد والتنويع في وسائلها ومداخلها ومسالكها...) ومن هنا فإن أبواب الدعوة وأشكالها ووسائلها، ليس فيها تحديد ولا حصر، بل هي مفتوحة على كل ما هو مباح ومتاح، وقابلة لكل ابتكار وإبداع. حينما تتحرر الدعوة ووسائلها، وحينما تنفتح أبوابها للجميع ليمارسها ويسهم فيها ويساعد عليها، وحينما تنفتح أبوابها لجميع الناس لكي يستفيدوا منها ويتفاعلوا معها، حينئذ يجب إعداد المحاضن التربوية والمجالس التربوية والأجواء التربوية، ليلجها ويستفيد من خدماتها كل راغب وكل طالب. فحينما تدعو الناس فيستجيبون لدعوتك، لا بد أن تفتح لهم بيتك وتقدم لهم ضيافتك، ونعني بها الخدمة التربوية والمائدة التربوية. من هنا أقدمت حركة التوحيد والإصلاح منذ بضع سنوات على فتح جلساتها وأنشطتها التربوية لغير أعضائها، ممن لهم رغبة واستعداد للانتظام فيها. وهكذا فإن العمل التربوي الذي كان مقصورا على أبناء الحركة وأعضائها، أصبح مفتوحا لأقاربها وأصدقائها وجيرانها ومؤيديها. وبعد أن كان محصورا داخل جدرانها، أصبح يتم على جنباتها وفي حدائقها وممراتها... فالوظيفة التربوية تمثل امتدادا وتثبيتا وصيانة وتنمية لمكاسب الوظيفة الدعوية. الوظيفة الدعوية تخدم الامتداد الأفقي للدين والتدين، والوظيفة التربوية تخدم الامتداد العمودي لهما ثم تأتي وظيفة التكوين لتعطي مزيدا من الارتقاء ومزيدا من العمق، ومزيدا من الكفاءة والخبرة والإعداد لتحمل المسؤولية، حسب الاستعدادات والاختصاصات.