1. بنود تتعلق بالنظافة واعتمادا كذلك على هذا النوع من الوثائق والأعراف المحلية يظهر أن مجتمع الواحات كان يمنع أيا كان من استغلال بعض الأماكن العمومية لحسابه الخاص بل يتوجب على كل السكان أن يلتزموا بتنظيفها، بحيث تمنع الأعراف رمي الأزبال كيفما كان نوعها ومن ثبت عليه أنه رمى عليها أوساخا أو قاذورات يؤدي على ذلك ذعيرة مالية. فقد منعت إحدى شروط اتفاق قصر الكارة وسعيا وراء الحفاظ على نظافة الأزقة التغوط بين الأسوار وداخل المسجد ما يلي: 1 – وأما من نجس في داخل القصر في جميع الزقائق نصافه مثقالا وكذلك جميع الفنادق يعطي مثقالا سوى الحفرة إلى فندق تسلتين وجميع الفندق الكبير المعلوم لذلك. 2 – ومن تنجس بين الأسوار من برج آيت جبور إلى فم المعسرة ومن رأس البرج الذي ينسب لعيشة احساين إلى الذي للمعسرة في الخارج نصافه مثقال. عملت أيضا هذه الأحكام العرقية على رفع الضرر الذي يسببه الماء المستعمل في حالة عدم صرفه وكذلك ماء المطر الساقط الى الشارع العام من ميازيب الدور للحفاظ على نظافته لما يترتب من ضرر للمارة والسكان عامة ولضمان السلامة من الأمراض وتفادي الرائحة الكريهة فدائما بحسب أعراف آيت عطة بالرتب" فمن هرق الماء في المزاب للفحل الكبير نصافه مثقالا وإن حلف وحده أنه لم أعلم بهرقه ولا أردته إلا هرق بدون طاقتي فلا شيء عليه. ونظرا لطبيعة الاقتصاد السائد في الواحات والمعتمد بشكل كبير على الحاجيات الضرورية من المأكل والملبس والذي ترتكز قاعدته المعيشية على الغذاء النباتي، فإن ما كان يستغنى عنه من فضالات ونفايات قليل جدا، وكل ما يمكن طرحه من بقايا المواد الغذائية المستهلكة يعطى للماشية والدواجن التي تشغل حيزا هاما بأسفل المنزل. فهذه الحياة المعيشية البسيطة ليس من شأنها أن تخلق أزبالا في الطرقات وساعدت الأعراف على إبقاء هذا النظام بسن قوانين نورد بعضها في الأمثلة الآتية: - فمن باع التبن لأحد من غير أهل البلد ليخرجه عنها أو الغبار نصافه خمس مثاقيل ويرد ذلك. - وكذلك الدكار ليبيعه أو ليعطيه لشياهه نصافه ريال. وتؤكد أحد أعراف تودغة على أهمية الأزبال بالبند التالي الذي يلزم من سرق الزبل يعني الغبار من الفدادين يعطي خمسة أواق لكل حمل. إن الفائدة الكبرى والأهمية التي توليها هذه الأعراف للأزبال، الهدف منها معالجة الأراضي الزراعية، سيما وأن زبول بني آدم حسب ما يفيدنا به أبو الخير الأندلسي مؤكدا بأن:"أفضل الزبول زبل بني آدم الذي قدم وعتق في الكنف وفتيت بعض رطوبته فإن رطب صار يصلح به جميع الشجر والحبوب وتصلح به المقاثي والقرع إذا توقفت واصفرت وله تأثير في شجر السفرجل إذا شرف وسوس ثمره وفسد واعترته التواليل في أعناق شجره وأغصانه فإنه يصلحه صلاحا بينا". ولهذا فنساء المنطقة تدر ما يجتمع لها من رماد فوق الزبل المجتمع أسفل المنزل من روث البهائم وغير ذلك قصد معالجته وتعتيقه والمحافظة على قوة فعاليته ورطوبته ودرء ضرر رائحته الكريهة للخروج به إلى الحقول لمعالجة الأراضي الزراعية خاصة البحائر.ونصت القوانين العرفية أيضا على ضرورة إلقاء ما تبقى من الأواني والصهاريج المستعملة في معاصر زيت الزيتون من فضالات وتفالات أو ما يسمى محليا بالزرديخ أو النخنيخ بحسب الأماكن في حفر خاصة توضع خارج المعصرة. 2. قوانين الرعي عملت الأعراف لما كانت تمليه الطروف الإيكولوجية الصعبة بوجه عام للحد من أشكال تدهور البيئة لحساستها الكبرى بالمراعي لتدفق القطعان الجائعة، فالجفاف يزيد من هشاشتها والإفراط في الرعي يودي إلى تفاقم عوامل التدهور. لما عملت هذه الأعراف على تقنين الرعي في بعض الأماكن وفي بعض الأوقات بخلقها ما يسمى بأمغار نمردول أو شيخ المراعي لتنظيم عملية جمع الحطب"أزدام" والمحافظة على المراعي الاحتياطية وفي حالة تسجيل خروقات من لدن الرعاة يلزمهم بدفع ما يسمى بتمكدولت مشتقة من كلمة أكدال وهي عبارة عن شاة للقبيلة ويشترط في أمغار نمردول أن يكون بالغا ومطلعا على حدود القبيلة والمراعي الاحتياطية ودو صحة جيدة لأن مهمته جد صعبة؛ لأنه يتحول إلى حاكم في النزاعات بين الرعاة ويمثل القبيلة في كل ما يتعلق بالمراعي. وقد سنت الأعراف قوانين جد صارمة بتعيين المواضيع التي يجب أن يرتادها الرعاة فمنعت عليهم مثلا المقابر والأنادر لا سيما عندما يبدأ وضع المحاصيل الزراعية بهذه الأخيرة كما منعت على الرعاة الأجانب استعمال حريم البلد اللهم إلا إذا تعلق بالتزود بالماء أو غير ذلك وأحسن مثال لذلك نجده في البند 147 من عرف آيت عطا بالكارة بالرتب الذي ينص ما يلي: - وأما البهائم إن سرحوا في المقابر أو في النوادر نصافهم مدنا شعير لكل بهيمة. - وأما من سرح في المقابر أو في النوادر حيث ينزل فيه الحمل الأول من الخريف أو الصيف حتى ينقضي جميع ما فيهم من الزروع والثمر نصافه ربع مدنا شعير لكل شاة . - وأما من حطب وحش أو قلع افسيس من غير السارح من أرماس الى ومسمسة إلى النخلة المذكورة نصافه خمسة أواق. - وأما من قطع انكرف مع السدر وتلكوت وتونغت أو دخلهم أحد إن كانوا خضر انصافهم خمسة مثاقل. هذا إن وجدهم الشيخ وإن شك فيه يربط له خمسة بلا ترمت بقول لا قطعت ولا علمت وينجى وأما من قطع اليابس فلا شيء عليه. - وأما من نتف الفرسيك في شاطيء الوادي فنصافه خمسة مثاقيل سوى إن أراد فدانه فيقلعه حتى يوقف على شاطئ الوادي ولا يقلع الذي كان فيه. يتضح أيضا أن الهدف من هذه الأعراف هو المحافظة على البيئة الطبيعية والواحات والمراعي والعمل دون إتلاف وانقراض الأعشاب؛ لأنه يجب على المرء أن يتوفر على المعرفة الدقيقة بالأعشاب أو يكون من أهل الحرفة ليعي صعوبات تجدد بعض الأجناس من النباتات التي انقرضت بالمنطقة ولا نجد لها أثرا في المراعي ماعدا في المقابر وجنبات الأضرحة لما لعبته هذه الأخيرة والأعراف المحلية في الذهنية المحلية.