هزة أرضية بقوة 5.2 درجة بإقليم وزان دون تسجيل أية خسائر    حادثة سير بملوسة تُصيب 14 تلميذًا وتعيد طرح إشكالية النقل المدرسي    "صولير إكسبو": 120 عارضًا و10 آلاف زائر لاستكشاف حلول الطاقات المتجددة    ترامب يتوعد "حماس" ب "جحيم حقيقي" إذا لم تٌطلق سراح جميع الأسرى الإسرائليين يوم السبت (فيديو)    تفاصيل "زلزال ليلي" بالمغرب .. القوة 5,2 درجات والبؤرة في إقليم وزان    السلطات المحلية بإقليم وزان تؤكد: زلزال اليوم لم يخلف أية خسائر    الصويرة: التوقيع على أربع اتفاقيات من أجل هيكلة وتطوير منظومات للصناعة التقليدية    ترامب: لا حق للفلسطينيين للعودة وسأحول غزة إلى قطعة أرض جميلة (فيديو)    رمضان 1446 .. استقرار الأسعار وعرض وافر من المنتجات الغذائية بأكادير إداوتنان    هزة أرضية قرب القصر الكبير تصل درجتها 5.10 شعر بها المواطنون في عدد من المدن    عاجل | هزة أرضية تضرب شمال المغرب ويشعر بها السكان    سبعة مغاربة ضمن الفائزين ب"جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة" برسم دورة 2024-2025    التوفيق يربط فوضى الخطاب الديني بفوضى حرية التعبير    لفتيت يجري محادثات مع وزير داخلية إسبانيا حول قضايا الإرهاب والإجرام    صندوق النقد الدولي يتوقع نمو الاقتصاد المغربي بنسبة 3.9% سنة 2025    حماس تقرر تأجيل تسليم الرهائن الإسرائيليين المقرر الإفراج عنهم السبت والجيش الاسرائيلي يعلن استعداده لكل الاحتمالات    لاراثون الاسبانية: ملف الاعتراف بجمهورية القبائل على طاولة وزير الخارجية الأمريكي    المحكمة الابتدائية بطنجة ترفض تمتيع المدون رضوان القسطيط بالسراح المؤقت وتبقيه قيد الاعتقال الاحتياطي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ارتفاع يسم تداولات بورصة البيضاء    تتويج الرامي بجائزة "بول إيلوار"    "بوحمرون" يستنفر السلطات الصحية باقليم الدريوش    مجلس المستشارين يختتم الدورة الأولى من السنة التشريعية 2024 – 2025    الشراكة الأخلاقية بين الوضعي والروحي في المغرب..    توقيف شخص وذلك للاشتباه في تورطه في قضية تتعلق بالتخدير وإلحاق خسائر مادية بممتلكات خاصة    تقرير: المغرب يبقى منفتحا على التنين الصيني في ظل إغلاق الأسواق الكبرى    "خطة التشغيل" على طاولة المجلس الحكومي    محمد زريدة يعزز صفوف الاتحاد الليبي    فلسطين تثمن جهود الملك محمد السادس من أجل حل أزمة الأموال الفلسطينية المحتجزة لدى "إسرائيل"    المغرب في شراكة للذكاء الاصطناعي    الأستاذ البعمري يكتب: "تهجير الفلسطينيين للمغرب.. الكذبة الكبيرة!"    المستشفى الحسني يفرض الكمامة على المواطنين    أوزين عن التصويت لصالح قانون الإضراب :"نشرع للوطن وليس لموقع في الوطن"    الفنان عبد الحفيظ الدوزي يصدر أغنيته الجديدة "اش هدا"    نهضة بركان ينفرد بصدارة البطولة ويواصل الزحف نحو اللقب هذا الموسم    وفاة الفنانة السورية الشابة إنجي مراد في ظروف مأساوية    الندوة الدولية الثالثة حول مصطفى الأزموري (إستيبانيكو) في نيويورك تكرس الروابط الأطلسية بين المغرب وأمريكا    أرقام قياسيها تحققها الصناعة السينمائية المغربية خلال سنة 2024    من كازابلانكا إلى فاس.. أوركسترا مزيكا تُطلق جولتها الموسيقية في المغرب    ترتيب البطولة الاحترافية المغربية للقسم الأول "الدورة 20"    المغرب يشارك في المؤتمر العام الثامن للاتحاد العربي للكهرباء بالرياض    خبراء يحذرون من التأثيرات الخطيرة لسوء استخدام الأدوية والمكملات الغذائية    البرتغالي "ألكسندر دوس سانتوس" مدربا جديدا للجيش الملكي    إقصاء مبكر.. ليفربول يتجرع خسارة مُذلة على يد فريق في أسفل الترتيب    فيلم "دوغ مان" يواصل تصدّر شباك التذاكر في الصالات الأميركية    تصفيات كأس إفريقيا للريكبي…المنتخب المغربي يبلغ النهائيات بفوزه على نظيره التونسي    الذهب قرب ذروة مع تزايد الطلب على الملاذ آمن بعد خطط رسوم جمركية جديدة    علماء أمريكيون يطورون كاميرا فائقة السرعة تعالج الصور فور التقاطها    المغرب يقترب من التأهل التاريخي إلى مونديال 2026 بعد إقصاء هذا المنتخب    بكراوي يهدي "إستوريل" هدفين    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    دراسة: القهوة تقلل خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني    الاتحاد الأوروبي يسمح باستخدام مسحوق حشرات في الأغذية    وداعا للشراهة في تناول الطعام.. دراسة تكشف عن نتائج غير متوقعة    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهوس و"تقديس" المشاهير صناعة إعلامية غريبة عن مجتمعاتنا
نشر في التجديد يوم 06 - 06 - 2014

يعجب الشباب عادة بمن يقدمون على أنهم مشاهير، فتجدهم لهم مقلدين وعلى دربهم سائرين، يهيمون بهم إعجابا، ويسبحون في فضاءاتهم فرادى وأفواجا ، عن المألوف يختلفون ، وعن العادات والآداب العامة يحيدون ، لتسريحات "النجوم" وتقليعاتهم لاحقون ، ولأخبارهم وتغريداتهم وهمسهم وحلمهم متابعون، يظهر هوسهم في المهرجانات والمحافل يبكون ويتقربون ، يغمى عليهم ، وفي الأحضان بانفسهم يلقون، يحملون الورود والقلوب والصور قرابين، ويهتفون بأسماء "المعشوقين" كالمجانين، يتألمون لآلامهم ويأملون مع أمالهم يفرحون لفرحهم، ويضجرون لضجرهم ، يمنون النفس ويتعاطون مع شؤون الحياة بوجهات نظرهم ومرجعية شخصيتهم ويتأثرون بقيمهم ومقاربتهم، لا يكتفون بالتعبير عن "المشاعر"من خلال التقليد والتقرب بل يعيشون الأدوار ويتقمصون النبرة والمشي والأطوار.
يكفي كي تلحظ ظاهرة هوس الشباب بنوع من المشاهيرأن تلقي نظرة سريعة على ما تعيشه الرباط وإيقاعات موازين، وكيف تتكدس الملايين وتصطف الطوابير، لمشاهدة نجم من النجوم، ولقاء مشهور من المشاهير، يحفظون أغانيهم عن ظهر قلب، حتى وإن اختلفت مشاربهم بين شرق وغرب .
انبهار وسلبية
تعليقا على هذه الظاهرة يقول الباحث سلمان بنعمان، في تصريح ل "التجديد"، أن الهوس بالمشاهير يبدأ في شكل تقليد حرفي وانبهار كلي بنوع من المشاهير(الفن والرياضة والموضة) قد يصل إلى درجة من التقديس الصوفي غير مفسر ولا مبرر ولا مربوط بأي حاجة من الحاجات الوظيفية أو الرمزية أو الجمالية عند الإنسان؛ مما يجعل نوعا من الشباب يقلد مستجدات لباسهم وحركاتهم وطرق تصفيف شعرهم ونمط جمالهم ومتابعة تفاصيلهم الأسرية والاجتماعية وتنقلاتهم وربما يتأثرون نفسيا وفكريا واجتماعيا بأوضاع هؤلاء "المشاهير" السلبية فقد صاروا رموزا مطلقة ونماذج وحيدة للنجاح وسير ملهمة في الوصول إلى الحياة المادية المُرفهة والمثالية.
ومن جانبه يؤكد الداعية عبد الرحمان البوكيلي أن هذه الظاهرة غريبة عن مجتمعاتنا وعن قيم الاسلام والمسلمين، مشددا، في تصريح للتجديد، على كون المسلم قدوته هو الرسول صلى الله عليه وسلم، وقدوته المؤمنون الصالحون، والمؤمنات الصالحات بدءا بأمهات المؤمنين وسائر الصحابيات والصحابة الكرام، معتبرا أن الأمر لا يتعلق بقضية عرضية أو ثانوية من قضايا ديننا وإنما هي أصل في هذا الدين وقضية من جوهر القضايا التي ذكرها كتاب الله عز وجل ونبه اليها ، مستشهدا بقوله عز وجل " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا"، وتأسف الداعية لكون عدد كبير من الشباب والشبات فتنوا، يتحولون لسفهاء يتهافتون على هؤلاء النجوم من أجل أخذ البركات ويتقربون من أجل أن ينالو شرف التوقيع لهم .
صناعة إعلامية
واعتبر الخبير في الاعلام الدكتور يحيى اليحياوي أن هذا الأمر رهان وسائل الإعلام العمومية التي أصبحت كلها في خدمة ما يسمى ب"المشاهير والنجوم " رغم كون الكثير منهم لا علاقة له بالشهرة ولاعلاقة له بالفن أصلا، مشددا ،في تصريح للتجديد، على دور الإعلام في صناعة النجوم ورسم صورة يتحول الارتباط بها لحد الهوس، وهو مايشمل النجوم في شتى الميادين سواء في الفن أوالكرة أوالموضة وحتى السياسة، موضحا أن الإعلام نفسه لم يسلم من صنيعته في إشارة إلى مشاهير الصحافة وتلميع الأقلام الفارغة والنكرة في العطاء والوجود واتخاذ المواقف الكبرى،
وأكد الخبير على العلاقة الجدلية التي تربط الإعلام بصناعة المشاهير، موضحا أن الصورة هي من تصنعهم، وأعطى اليحياوي مثلا بالصحافة المصرية وحكاية صناعة الزعماء وتقديم "الزعيم" على كونه البطل المنقذ قائلا :" رأينا كيف تصنع الصحافة زعيم سياسي جديد اسمه السيسي وكيف تم تلميعه وجعل منه منقذا لا انقاذ بعيدا عنه " .
وأشار الخبير أن مظاهر الهوس كالاغماء والتقليد والتقمص كانت عبارة عن مظاهر مرتبطة بالغرب وبعيدة شيء ما عن مجتمعاتنا ، وأنها انتقلت إلينا عبر الإعلام والصورة .
تسطيح الوعي وعبادة الشهوة
وفي سياق متصل، أكد بونعمان أن الظاهرة النجومية صناعة إعلامية وإقتصادية لها خبراءها ومؤسساتها وسياساتها التسويقية الهادفة إلى إعادة تشكيل الأذواق الجماعية وخلق الرغبات واختلاق الحاجات الاستهلاكية؛ مشيرا أن الآلة الإعلامية أصبحت قائمة على سياسات الترفيه بدل الحرص على استراتيجيات التثقيف، وعلى بعد الإثارة عوض خط الإنارة الفكرية والثقافية، فتتلاعب بالعقول وتسطح الوعي وتصنع قدوة مزيفة تنطلق من نموذج استهلاكي هدفه تحقيق المصلحة الشخصية والربح السريع وتعظيم المتعة وزيادة اللذة وعبادة الشهوة فيصبح معيار الترقي الاجتماعي عند الشباب هو: أحسن صوت أو أفضل موهبة أو أجمل جسد أو أنجح مقلد أو أضخم أكلة...الخ.
ويرى البوكيلي أن الهوس مرض عضال ينتج عن غياب البيئة الإيمانية، وسيادة النمط الدنيوي الشهواني، الذي يجعل الأمة تتقلب بين اللهو واللعب ويصبح الناس ليس لهم من غاية الا اللهووالعبث ، ويصبح الشباب مستلبا لا يفكرون إلا في الشهوات والغرائز والملذات ،
مشيرا إلى كون المغرب يزخربالعلماء ولا يكاد يعرفهم أحد.
الأمر الذي عبر عنه الباحث سلمان بنعمان بقوله"إننا نحتاج إلى استيعاب التجارب النهضوية الناجحة والتعريف بالأفراد أو المبدعين في مجالات الموسيقى أو الفنون أو العلوم(إن لم نستطع احتضانهم والاهتمام بهم فلا أقل من التعريف بهم ودعمهم المعنوي) التي حققت إبداعات وابتكارات استثنائية غيرت مجرى التاريخ وتمردت على السائد من المقولات أو النظريات أو الأنماط الجاهزة وأفادت البشرية بأبحاثها وجهودها ومسار كفاحها الحامل لرسالة إنسانية ترتقي بالإنسان والمجتمع، بل وجب تقدير(لا تقديس ولا تقليد) هؤلاء "المشاهير المبدعين"(أفراد وجمعيات وجماعات وشباب وطلبة باحثين) من مختلف الديانات والأجناس والحضارات والتخصصات وتدريس سيرهم وآثارهم وتراثهم وتربية الأجيال الشابة على ذلك وتحويلها إلى أفلام وبرامج ورسوم متحركة، بل ودراسة طرق تفكيرهم وإصرارهم على "الحق في الحلم" بأفكار خارج الصندوق والثقافة السائدة، ليكون ذلك ملهما لأجيال الشباب الساعي للحرية والإصلاح والكرامة وإخراج أمته من ذل التخلف وذيلية التبعية.
زرع الثقة
ويرى علماء النفس والاجتماع أن ظاهرة الهوس بالمشاهير ترجع لطبيعة الشخص نفسه والتي قد تميزها عدم الثقة بالنفس وهذا يبرز في حب البعض بتقليد شكل المشاهير وطريقة كلامهم وحركاتهم واستخدام بعض مفرداتهم، على اعتبار أن الظاهرة تتمركز عادة عند الشباب والمراهقين اكثر من غيرهم ، معتبرين أن هذه المرحلة العمرية التي تتكون فيها شخصية الأفراد تكون فيها الشخصية ميالة الى حب الظهور ولفت الانتباه ويعتبرون الأسرة تلعب دورا كبيرا في تهيئة شخصية الأبناء وزرع الثقة في نفوسهم لينمو وعيهم بشكل سليم وطبيعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.