ظاهرة تقليد المشاهير ليست جديدة في المغرب، غير أن تزايدت كثيرا في السنوات الأخيرة، حتى أن البعض بات يحذر من تأثيرها السلبي على المجتمع المغربي. وتشير صحيفة "المغربية" إلى أن مشاهير السينما والغناء والرياضة تحولوا إلى قدوة لفئات عريضة من الشباب المغربيين "الذين يعمدون إلى تقليدهم في ألفاظهم وحركاتهم ولباسهم وحتى قصات شعرهم". وتؤكد أن نجوم الكرة الأكثر استئثارا بالاهتمام لدى الشباب المغربي، حيث يقلد الشباب هذا النجم أو ذاك ويرتدون قمصانا تحمل أسماءهم وأرقامهم، ويعلقون صورهم في كل مكان. وتقول إن "هناك عدد لا بأس به من النجوم، الذين استطاعوا أن يكسبوا احترام الجمهور ومحبته لما عرف عنهم من خلق حسن وتواضع، فضلا عما قدموه ويقدموه من أداء عالي المستوى، ولا يخلطون بين المسائل الشخصية والأداء في الملعب". ويقول رشيد تاج الدين (طالب) إنه معجب بعدد من نجوم الكرة، ولا يخفي محاولته محاكاة بعضهم في مجموعة من الأمور (اللباس وطريقة الكلام)، لكنه يؤكد أنه لا يمكن أن يتخذ أحدهم قدوة "لأنني أريد بناء شخصيتي وفق تصوري الخاص". ويرى أن هناك مجموعة من الأمور تؤثر في الشباب الذين يريدون لفت النظر والشعور بالتميز كتميز المشاهير، لكنه يرى أن هذا الأمر غير جيد وله انعكاسات كبيرة على مسار حياة ذلك الشخص المقلد. ويرى بعض المراقبين أن ظاهرة التقليد موجودة في جميع المجتمعات العربية والغربية وليست حكرا على مجتمع بعينه، مشيرين إلى أنها نتاج الحياة الاجتماعية والفكرية والاقتصادية لأفراد يبحثون عن مثل أو قيم أو مشاهير يشكلون نموذجاً بالنسبة لهم. ويرى الباحث الاجتماعي علي الشعباني أن التقليد أمر طبيعي وموجود في جميع المجتمعات "إذ أن جميع الدراسات النفسية والاجتماعية تشير إلى أن التقليد، سواء في المجال الفني أو الرياضي أو الفكري، هو محاولة ذلك الشاب الوصول إلى ما وصل إليه ذلك النجم الذي يحتذي به ويعتبره مثالا للنجاح". ويضيف أن "من يقوم بالتقليد يسقط فشله على الآخر، ونجاحه هو نجاح الآخر"، مشيرا إلى أن "عدم تمكن ذلك الشاب من النجاح فإنه يصل إلى ذلك الأمر من خلال الفنان، أو الرياضي، أو غيره". وتقول إيناس الإدريسي (طالبة جامعية) "إن كل واحد منا مسؤول على صناعة نفسه، وإذا كانت هذه الصناعة مبنية على التقليد، فمن الطبيعي أنها لن تنجح". وتضيف " إن الفتيات يقلدن النجمات الشهيرات في كل شيء، وهذا خطير لأنه يلغي شخصياتهن، ويجعلهن مرتبطات فقط بالآخر، الذي يعيش حياته وفق الطريقة التي يراها مناسبة له". ويرى الشعباني أن سلوك التقليد "مرتبط بمرحلة عمرية معينة، إذ أن المراهقين غالبا ما تكون لديهم الرغبة في التقليد والاقتداء بسلوك المشاهير". ويعتبر أن "التقليد دائما سيء ومضر"، مشددا على ضرورة "المنافسة، أي أن أعمل أو أجتهد لأصل إلى ما وصل إليه الشخص الذي أنا معجب به".