وصلت العنصرية ضد العرب في فرنسا حدا غير مسبوق، وباتت معظم التحذيرات تقول: لا تمش في الشارع إذا كانت سحنتك تفضح أصولك العربية، وامنع أطفالك من ركوب دراجاتهم في الساحات العامة، إذا كانت بشرتهم سمراء، وبعد اعتقال الشاب الملقب ب فينياس الذي اعترف باعتدائه بالفأس على مواطن من أصل مغربي قرب مدينة ليون، اعترف ميكاييل ترونشون، بأنه قتل صبياً مغربياً آخر بالطريقة نفسها، ولكن في الحي الثامن عشر في باريس. تقول تفاصيل الحادثة إن محمدا ابن الخامسة عشرة من عمره، رافق يوم الإثنين 16 غشتالجاري، صديقاً له إلى أحد المحلات التجارية الكبرى بحي بابلو بيكاسو في ضاحية باريس الغربية. وحين دخل الصديق لشراء بعض الحاجيات راح محمد يدور بدراجته في الباحة الكبيرة المواجهة للمحل. ويبدو أنه لمس سهوا، بمقود دراجته الصغيرة كتف بنت كانت تمر بجانبه، فما كان من والدها طويل القامة والذي يبلغ التاسعة والأربعين من العمر إلا أن ضرب محمدا بالأكياس التي كان يحملها، ثم قاد أطفاله إلى السيارة حيث وضع حاجياته بهدوء، وتناول عصا بيسبول وعاد ثانية، لينهال بالضرب على الصبي الذي وقع أرضا أمام أعين المارة ولم يقو حتى على الاستغاثة، تلقى الصبي محمد من بين ما تلقى من ضرب مبرح ضربتين قاتلتين؛ إحداهماعلى مستوى صدغه والأخرى على مستوى رقبته، ليسقط فاقدا الوعي جاحظ العينين، وجسمه يرتعد كالذبيحة. ويؤكد شهود عيان أن الرجل ذهب بكل هدوء بعد ذلك ليعيد عصاه إلى مكانها في الحقيبة الخلفية ويستقل سيارته ويحاول الانصراف. لولا أن حاصره بعض الشباب العرب. يقول مصطفى، وهو كان حاضرا أثناء الحادث: كان يهم بالانصراف بعد أن رتب عصاه في الحقيبة الخلفية للسيارة لولا أن حاصرناه لنمنعه من الهرب ولنمنع الأطفال من ضربه. وبالفعل تم إيقاف الجاني أمام سيارته، بعد حضور الشرطة. نقل محمد بعد ذلك إلى مستشفى قريب؛ وهناك لم يتم إجراء أي عملية له في البداية-حسب الشرطة- حيث اعتبرت حالته لا تدعو للقلق ولم يكن يبدو أنه في حالة خطيرة؛ رغم أنه فاقد الوعي تماما. وفي اليوم الموالي لفظ أنفاسه الأخيرة. وأمام الشرطة اعترف القاتل بجريمته، وقال إن محمدا أثار غيظه فلم يتمكن من ضبط أعصابه، أما زوجته فقالت عنه إنه رجل هادئ لم يرفع يده على أطفاله الثلاثة، إلا مرة واحدة، كان تعيسا بعدها لدرجة أنه أراد قطع يده.. طبعا فأولائك أطفاله. يقول كسافيي خال الضحية: كان محمد ولدا خجولا، منطويا وبدون مشاكل؛ كان يستعد هذه السنة للانتقال إلى الثانوي. ولقد خلفت وفاته حزنا عميقا في الحي الذي كان يقطنه. ولم تكن هذه هي الحادثة الوحيدة التي تشهدها فرنسا في حق المغاربيين، فكثيرا ما يتم الاعتداء عليهم لأبسط الأسباب، بل وأحيانا بدون سبب، فقط لأن سحنتهم تثير بعض المهووسين. وكذلك تأتي هذه الحادثة وجزيرة كورسيكا الفرنسية تعيش على إيقاع جرائم عنصرية جد خطيرة، خصوصا ضد المغاربة؛ أدت في الأخير إلى تدخل السلطات المغربية نفسها -التي قليلا ما تتدخل في هذه الحالات- لدى المسؤولين الفرنسيين ليعملوا على ضمان الحماية للمواطنين المغاربة. إبراهيم الخشباني