أثار الأمين العام للحكومة إدريس الضحاك، مشكلة كبيرة وتحديا خطيرا يواجه المنظومة القيمية وأسس الاجتماع في بلدنا، وذلك حين طرح للنقاش قضية تأجير الأرحام وبنوك المني والبويضات والإشكالات القانونية والدينية، التي يواجهها المغرب بسبب واقع الفراغ، الذي تعرفه الترسانة القانونية المغربية في هذا المجال. فالمشرع المغربي لم يفرد هذه المسألة بقانون خاص، رغم وجود فتاوى المجامع الفقهية المحرمة للمسألة التي اعتبرها العلامة مصطفى بنحمزة بالظاهرة غير الصحية وغير الجيدة. ويلفت مجموعة من المتتبعين أن عملية تأجير الأرحام تتم تحت جنح الظلام، في الوقت الذي تغيب فيه الأرقام والمعطيات الرسمية حول المسألة. وقد ظهرت قضية تأجير الأرحام نتيجة التطور العلمي، وذلك لحل مشكلة عقم الزوجين عند البعض، وإما للترف والترفع عن الإنجاب كما عند بعض الأثرياء، ويكون التأجير إما تطوعا أو بمقابل مالي، حتى جعلته بعض التقنينات بمثابة "عقد على منفعة رحم بشغله بلقيحة أجنبية عنه بعوض". ولقد استفحلت الظاهرة في دول عدة كالهند التي تعد من أكبر الدول من ناحية إيرادات تأجير الأرحام بعد تقنين العملية، بأزيد من 400 مليون دولار سنويا، كما كشفت دراسة مدعومة من الأممالمتحدة في يونيو 2012 حول "حجم تأجير الرحم في الهند". جديد بريس تفتح هذا الملف لتقف على دواعي وصور وأساليب تأجير الرحم، وموقف علماء الدين الإسلامي في جميع الصور الواردة في التأجير. تأجير الأرحام من إحدى التقنيات الحديثة في المجال الطبي، التي تتوخى التغلب على مشاكل العقم وعدم القدرة على الإنجاب، وتتم العملية بتلقيح ماء رجل (النطفة) بماء امرأة (البويضة) تلقيحاً خارجياً في وعاء اختبار، لتزرع هذه البويضة الملقحة (اللقيحة) في رحم امرأة أخرى تتطوع بحملها حتى ولادة الجنين (التطوع) أو مقابل (أجر معين). كما أن مسألة تأجير الرحم تكون إما ضرورة أو من باب الترف أو تجارة. أرقام بالمغرب في ظل غياب أرقام وإحصائيات رسمية في المغرب بسبب سرية العملية، كشفت رشيدة الورياغلي، رئيسة فرع المركز المغربي لحقوق الإنسان في مدينة طنجة، عن وجود 600 امرأة مغربية تؤجر رحمها سنوياً، مشيرة إلى أن هذا الرقم سيتزايد في ظل غياب الرقابة على المستشفيات الخصوصية، وتستّر الأطباء على مثل هذا النوع من العمليات، مؤكدة لوسائل إعلام وطنية ودولية أنه تم رصد توجه بعض المغربيات إلى لوكسمبورغ للقيام بمثل هذه العمليات مقابل مبالغ تصل إلى 15 ألف دولار، كما كشفت عن انتشار مثل هذه العمليات في شمال المغرب حسب دراسة ميدانية في الموضوع. تجارة مربحة! على الصعيد الدولي؛ قدرت دراسة مدعومة من الأممالمتحدة في يوليوز 2012 حجم إيرادات تأجير الرحم في الهند بأزيد من 400 مليون دولار سنويا، مع انتشار أزيد من ثلاثة آلاف عيادة للتخصيب في ربوع البلاد. وفي إيران التي قننت العملية بينت الدراسات أن قيمة استئجار الرحم، تتراوح بين 5 آلاف و15 ألف دولار أمريكي حسب المنطقة، وذكر مركز الإنجاب في محافظة أصفهان الإيرانية في سنة 2006 أن أكثر من 100 عائلة كانت تشكو من مشكلة عدم الإنجاب تمكنت من الإنجاب عن طريق استئجار أرحام لنمو الأجنة فيها. فيما تصل تكلفة إنجاب الطفل الواحد في بعض ولايات الولاياتالمتحدةالأمريكية استنادا إلى أرقام هذا العام، إلى 120 ألف دولار، وتوجد وكالات متخصصة للسمسرة بين الأمهات المستأجرات وبين الزبائن من ذوي الحاجة، وكثيرًا ما يتولى إدارة هذه الوكالات أطباء أو محامون، وتتقاضى الوكالة رسومًا قدرها 10 ألاف دولار أو أكثر نظير اتخاذ ترتيبات التعاقد بين الطرفين بالإضافة إلى مصروفات الأم البديلة وأتعابها. مواقف دول العالم تنقسم دول العالم حيال المسألة إلى بين مجيزة ومجيزة بشروط ومانعة، فالدول المجيزة هي كل من بريطانيا وكندا وأستراليا واليونان والدنمارك وبلجيكا وإيران وإسرائيل وبولونيا وروسيا وأوكرانيا ورومانيا واسبانيا وهولندا بشروط صارمة وبعض الولاياتالأمريكيةوالهند وتايلاند والأرجنتين والبرازيل وجنوب أفريقيا التي تجيزه وتضع له شروطا وقوانين. ومن تلك الدول المانعة له نجد فرنسا وإيطاليا والصين ومقاطعة الكيبك الكندية وبعض الولاياتالأمريكية وجميع الدول العربية والإسلامية باستثناء إيران. ورغم أن دولا أوربية مثل هولنداوفرنساوبريطانيا لم تشرع قانونا ينظم عملية تأجير الأرحام، على عكس بعض الولايات في الولاياتالمتحدة، إلا أن عملية تأجير الأرحام تعرف انتشارا كبيرا في هاته الدول. وفي هولندا تمنح الجنسية واسم الوالدين البيولوجيين للطفل الذي يرى النور في الخارج بواسطة «رحم بديل» رغم منع التأجير. وتحرم جميع الكنائس التأجير لتنافيه مع مبدأ الأمومة وهناك من سمح به من البروتستانت غير أن الفاتيكان ما يزال يرفضه في القرار رقم 2376 ويرى أنه عمل غير أخلاقي، فيما يشيع عن الديانة اليهودية قبوله لذلك تعد إسرائيل من الدول التي تجيزه.