ما كان عيسى عليه السلام قائدا حربيا يعشق الغزو ويسفك الدماء وقصف المدنيين وانتهاك سيادة الدول ولا سيادة الأفراد، كما يفعل اليوم بعض الأغبياء الأشقياء الذين يزعمون أنهم له أتباع، وأنهم موقنون بقرب عودته في أرض الرسالات بالمشرق العربي. ما المسيح عيسى بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أرسله الله رحمة للناس، بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. المسيح عليه السلام روح من الله وكلمته التي ألقاها إلى مريم العذراء، لينشر المحبة والسلام والأخوة والتواضع، والتحرر من كل أشكال الاستغلال والاستعباد والاسترقاق، ويرد الناس إلى ربهم فيكونوا جميعا عبادا متساوين متحابين. هكذا كان عيسى بن مريم عليه السلام، وهكذا كان حواريوه وأتباعه المؤمنون بالله واليوم الآخر، وكذلك كان موسى وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ونوح وآدم وغيرهم من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جميعا. وكذلك كان خاتم الأنبياء والرسل محمد رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام. غير أن المسيح عليه السلام تعرض للقرصنة والتزوير من لدن قوم مغامرين ومتاجرين على أتم الاستعداد لارتداء الأقنعة الواقية من كشف الحقائق واختراع الوسائل الكفيلة بغسيل الدماغ واحتلال مراكز القرار وتنفيذ خطط شريرة غايتها تدمير الإنسانية واستجماع السيطرة للأقلية المخادعة. باسم المسيح عليه السلام أشعلت الحروب الصليبية الطاحنة، فسفكت الدماء وانتهكت الأعراض وسلبت الأموال واحتلت البلدان وقهرت الشعوب والجماعات، وقصفت المدن والقرى.. وباسم المسيح عليه السلام تحالفت شياطين اليمين الإنجيلي المتطرف مع إخوانهم الصهاينة الغاصبين وجاءوا على قدر إلى المشرق العربي هذه الأىام زاعمين "تحرير العراق" من شعبه وحكمه وتاريخه وحضارته. وحاشا لله أن يكونوا محررين ولا أن يكونوا أتباعا للمسيح عليه السلام. إن هم إلا "أحبار" النفط، و"رهبان" المال والقوة، و"كهنة" السلاح والنار. ولو عاد المسيح عيسى عليه السلام ورأى ما يفعله هؤلاء المجرمون بالأبرياء من الناس من قتل وقصف وتشريد لكان في طليعة المقاومين للغزاة المعتدين، ولأشعل ضدهم حربا لا هوادة فيها بسبب إجرامهم في حقه وفي حق الإنسانية. لقد أعلنت كثير من الكنائس المسيحية إدانتها للعدوان الأمريكي البريطاني على العراق، وكان على رأس الذين أدانوا بابا الفاتيكان وغيره. والمطلوب من المسيحيين المؤمنين أن يرفعوا أصواتهم الصادقة أكثر فأكثر، وأن يترجموا مواقفهم النبيلة إلى إجراءات عملية تحفظ الحياة الإنسانية من تجار السلاح وسماسرة الدماء ومزهقي الأرواح ومغتصبي الحرية ممن يزعمون أنهم أبناء المسيح والمنتظرون لعودته القريبة. العدوان الغاشم سينتهي بالهزيمة المنكرة للقوات الأمريكية الغازية عاجلا أم آجلا، وسيجر الآثمون أذيال الخيبة والهزيمة في الدنيا والآخرة، وليعلموا أن مسيحهم الأسطوري ليس سوى مسيح دجال أعور، أما المسيح الحق عيسى عليه السلام، فهو أشد الناس عداوة للذين يرتكبون العدوان باسمه، زاعمين أنهم ينفذون وصايا المسيح، في حين أنهم عصابة من الثعابين والتماسيح.