من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وان محمد عبه ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته القاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق والنار حق ادخله الله الجنة على ما كان من العمل" راوي الحديث عبادة بن الصامت الأنصاري، كان ممن شهد بيعتي العقبة الأولى والثانية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد معه سائر الغزوات. وكان معلما للقرآن في المدينة ثم في الشام. وتوفي رضي الله عنه في بيت المقدس سنة 32ه. المفردات اللغوية شهد أن لا إله إلا الله: تكلم بها بلسانه واعتقد ما تدل عليه بقلبه، وعمل بما تقتضيه بجوارحه. وحده: أي واحدا فردا. عيسى: هو ابن مريم العذراء. كلمته: أي خلقه بقوله تعالى (كن)، فكان عيسى بقدرته وحكمته وسمي (كلمة) لوجوده بقوله تعالى (كن). روح منه: أي عيسى روح من الأرواح، التي خلقها الله وأوجدها. الجنة حق والنار حق: أي أنهما ثابتان حقيقة لا شك فيهما. المعنى الإجمالي يتضمن هذا الحديث خمسة أمور، من آمن بها وعمل بما تدل عليه في الظاهر والباطن دخل الجنة. أولها: قوله صلى الله عليه وسلم: من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يعني آمن بالله عن صدق ويقين معترفا بالوحدانية لله تعالى وتجرد عن عبادة غيره، وعمل بما تدل عليه شهادة ألا إله إلا الله، من اتباع أوامرالله واجتناب نواهيه قولا وعملا. ثانيها: شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعني من اعتقد اعتقادا جازما لا يقبل الشك بأن محمدا رسول الله أرسله الله إلى الثقلين، الجن والإنس، برسالة شاملة كاملة، وأنه خاتم النبيين، ورسالته خاتمة الرسالات، وآمن بأنه عبد من عباد الله شرفه الله بحمل رسالته إلى العالم، فصدقه فيما أخبر به وأطاعه فيما أمر به وابتعد عما نهى عنه وزجر. ثالثها: الاعتقاد بأن عيسى عليه السلام عبد من عباد الله ورسول من رسله، وأنه ليس ابن سفاح كما يزعم اليهود، وليس هو الله ولا ابن الله ولا ثالث ثلاثة كما يزعم النصارى، بل هو عبد من عباد الله أرسله الله إلى بني إسرائيل يدعوهم إلى عبادة الله وحده. وقد خلق الله عيسى بكلمة (كن) الدالة على التكوين، وأنه روح من الأرواح، التي خلقها الله (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب، ثم قال له كن فيكون). رابعها: أن الجنة حق أي: اعتقد أن الجنة التي أعدها الله للطائعين من عباده ثابتة موجودة وحقيقة لا ريب فيها، وأنها المقر الأخيرالخالد للمؤمنين به والمتبعين لرسله. خامسها: أن النار حق أي: اعتقد أن النار التي توعد الله بها الكافرين والمنافقين حقيقة ثابتة لا ريب فيها، أعدها الله لمن كفر به وجحده وعصاه. هذه الأمور الخمسة من آمن بها وصدق وعمل بما تقتضيه، أدخله الله الجنة، حتى لو كان مقصرا وله ذنوب، بسبب توحيده وإخلاصه العبادة لله وحده. ما يستفاد من الحديث فضيلة توحيد الله عز وجل، وأن الله يكفر به الذنوب. سعة فضل الله ورحمته بعباده. يستفاد من قوله في محمد صلى الله عليه وسلم: عبده ورسوله معرفة ما للأنبياء من الحق، وخاصة محمد صلى الله عليه وسلم بلا إفراط ولا تفريط. أن العصاة من الموحدين لا يخلدون في النار. وجوب الإيمان بالجنة والنار.