قال الداعية عبد الرحمان البوكيلي إن الغش عموما من أفظع المنكرات، ومن أخطر المفاسد، لأن آثاره ونتائجه، وما يترتب عنه لا يمكن أن تعد ولا تحصى، وهذه المسألة يتفق الناس عليها جميعا. بالنسبة للمؤمنين -أضاف المتحدث- أن الغش من أفظع الذنوب والمعاصي، ومن أخطرها، مردفا ورد النهي عنه في قوله صلى الله عليه وسلم "من غشنا فليس منا". ولفت البوكيلي الانتباه إلى السياق الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم "من غشنا فليس منا" حيث قال الرسول الكريم "من جهر علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا" وكأن من يغش هذه الأمة، مثله كمثل الذي يخرج السلاح ليفتك بأمنها، والسلاح مثل الغش يفتك بأمن الأمة ووجودها التربوي والنفسي والاجتماعي والاقتصادي وما إلى ذلك، يضيف البوكيلي. وبخصوص غش التلاميذ في المدرسة، يرى البوكيلي، أنه نتاج حركية الغش التي تسود في المجتمع وفي الأمة، قائلا "هؤلاء الصغار الغشاشون هم ثمرة الكبار الغشاشين الذين ينشرون الغش حيث كانوا، فقد تشربوا الغش من أمهم وأبيهم، ومن المسؤولين في المؤسسات التي عاشوا فيها، وتسربه إليهم كذلك من مختلف مؤسسات المجتمع، مردفا "لذلك يأتي الغش المدرسي من هذه البيئة المفعمة بالخيانة ومخالفة المطلوب، وبالكسل وبالعجز والخمول"، ومن الطبيعي يؤكد البوكيلي أن يكون هؤلاء الصغار الناشئون في هذه البيئة على هذه الشاكلة، وآثار غشهم على أمتهم ومجتمعهم كبيرة وخطيرة جدا. وأكد البوكيلي في تصريح ل"للتجديد" أن الصغار إذا دأبوا على الغش في المدرسة فقد بدؤوا يدقون المسامير النهائية في نعش هذه الأمة، "لأن المسؤوليات التي سيتقلدونها فيما بعد، تتأسس كلها على الشواهد المدرسية وعلى المستويات التعليمية، وإذا أسندت المسؤوليات إلى الذين حصلوا على شواهدهم بالغش، ستكون من قبيل إسناد الأمور إلى غير أهلها"، وإسناد الأمر إلى غير أهله -يذكر البوكيلي- من علامات الساعة ومن تضييع الأمانة، مضيفا فيكون الأستاذ دون المستوى، ويكون الرئيس دون المستوى، يعني تكون المسؤوليات كلها دون المستوى، لأن أهلها نشئوا على الغش، إذن المسالة في بعدها التربوي والاجتماعي والسياسي والحضاري رهيبة جدا. ولمعالجة الظاهرة، يقترح البوكيلي، حلين أولهما توعية التلاميذ بخطورة الغش عموما والمدرسي خصوصا، ثانيهما التربية على الإيمان ودعوة الصغار إلى استحضار رقابة الله عز وجل في كل أمورهم، قائلا "بكل تأكيد الذي يستحضر رقابة الله عز وجل، ويستحضر اليوم الأخير، ويستحضر أنه سيقف بين يدي الله عز وجل، يستحيل أن يكون من الغشاشين، قد يغش يوما، أو تزل قدمه يوما ولكن لا يمكن أن يكون من الغشاشين أبدا"، مبرزا أن هذين الحلان يتطلبان شيئا كبيرا، وهو البيئة المساعدة، ونفس يساعد على ذلك، موضحا يجب أن نشيع في مجتمعاتنا وفي إعلامنا وفي تعليمنا، نفس الخير ونفس الإيمان ونفس الجد ونفس الرقابة الربانية، ويومئذ سنسعد بأبنائنا، نسعد بهم حاضرا وسنسعد بهم مستقبلا وما ذلك على الله بعزيز. وأبرز البوكيلي أن النَّفَسَ المذكور، ما زال غير موجود كما ينبغي في مجتمعنا المغربي، قائلا "في مجتمعنا المغربي هناك محاولات متواضعة جدا، محاولات إدارية وقانونية وتنظيمية، مع التأكيد من جهة على أن لهذه المحاولات قيمتها بكل تأكيد، ولكن ليست كافية نهائيا لأن محاربة الغش إذا لم تنبع من القلب، وتنبع من داخل الإنسان لا يمكن للقانون أن يقضي عليها"، مضيفا لأن الناس باستطاعتهم الإفلات من القانون بوسائلهم الكثيرة والمتعددة، مضيفا في الحقيقة هذه المفاسد الكبيرة تحتاج إلى نهضة مجتمعية كبيرة والى توبة شاملة إلى الله سبحانه وتعالى ومقاربة شاملة ومتكاملة.