لم يكن رشيد بلمختار وزير التربية الوطنية والتكوين المهني يدري أن الاتفاقية التي وقعها مع نظيره الفرنسي بخصوص تعميم الباكالوريا الدولية -شعبةالفرنسية - أخيرا ستجلب له مشاكل وردود فعل قوية رافضة لهذه الخطوة سواء من طرف جمعيات المجتمع المدني وكذا احزاب سياسية والنقابات التعليمية مما يطرح تساؤلا حول مستقبل هذه الاتفاقية خصوصا بعدما تحدثت مصادر عن عدم دستوريتها لأنها لم تمر لا عبر المجلس الحكومي ولا عبر البرلمان. الائتلاف يتحرك سريعا أولى ردود الفعل المعارضة جاءت من قرابة أزيد من مائة جمعية منضوية تحت لواء الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية الذي طالب بإلغاء الاتفاق " الانفرادي " لوزير التربية الوطنية مع دولة أجنبية، بسبب "تعارضه مع مقتضيات الدستور الذي ارتضاه المغاربة ويناقض البرنامج الحكومي الذي صادق عليه ممثلو الشعب المغربي". الائتلاف شجب الاتفاق المذكور باعتباره"تراجعا خطيرا من طرف وزير التربية الوطنية والتكوين المهني الذي يُفترض فيه أنه ينتمي لحكومة أعربت في برنامجها أنها ستعمل على النهوض باللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية وحمايتهما". العدالة والتنمية يدخل على الخط بدوره كلف مكتب فريق العدالة والتنمية في مجلس النواب كل من النقابي والمفكر محمد يتيم والأستاذ يوسف غربي في إطار لجنة قصد إعداد تقرير مفصل حول الاتفاقية سالفة الذكر،وكذا حول آثار مضمون المراسلة الموجهة من طرف وزير التربية الوطنية إلى مدراء الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، والمتعلقة بإحداث أقسام خاصة بالجذوع المشتركة العلمية والأدبية، والتي ستشكل ما يسمى بالباكلوريا المغربية الدولية في أفق المواسم الدراسية 2013-2014 و 2014-2015 و 2015- 2016. كما تم تكليف اللجنة بتقييم وبحث مدى انسجام مضمون المراسلة المذكورة مع التوجهات الدستورية في مجال تدبير المسألة اللغوية ومع توجهات البرنامج الحكومي في هذا المجال. رفض نقابي بدورها عبرت الجامعة الوطنية لموظفي التعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب عن رفضها القاطع لما سمي بالباكالوريا الدولية،حيث أكد عبدالإله الحلوطي الكاتب العام للجامعة خلال اجتماعه بالوزير بلمختار الأسبوع المنصرم عن رفض النقابة لمقاربة الوزارة لهذا الموضوع وأبرز خلال حديثه لأعضاء المجلس الوطني للنقابة نهاية الاسبوع المنصرم بسلا،(ابرز) أن خطوة الوزارة انفرادية وأن الأولى العناية بالباكالوريا الوطنية المغرب مع إعادة الاعتبار للغة العربية في التعليم وفي الحياة العامة ،وتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وإخراج القانون التنظيمي وإخراج أكاديمية محمد السادس للغة العربية الى الوجود وتفعيل مسالة اخراج مسالك باللغة العربية في التعليم العالي وفق توصيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين ناهيك عن احترام المقتضيات الدستورية. و في إحدى ورشات المجلس الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم يوم الأحد المنصرم خصصت ورشة السياسة التعليمية ورؤية الجامعة للإصلاح التربوي والتكويني حيزا هاما لمشروع مذكرة حول موضوع الباكالوريا وهي المذكرة التي صادق المجلس الوطني على رفعها لكل من رئيس الحكومة و وزير التربية الوطنية والتكوين المهني ورئيس المجلس الأعلى للتعليم. المذكرة :لاعداوة ضد اللغة الفرنسية وفق المعطيات الأولية فالمذكرة التي سيعلن عنها قريبا حملت الحكومة مسؤولية اعادة الاعتبار للغات الرسمية الوطنية وطالبت بالإسراع بتفعيل المقتضيات الدستورية وتوجهات ميثاق التربية والتكوين ذات الصلة ومضامين البرنامج الحكومي المشار اليها أعلاه ،وعبرت عن رفضها المطلق لتسخير الموارد البشرية والمادية واللوجيستيكية الوطنية لخدمة مشروع ثقافي اخر وتعميق الوضع الامتيازي للغة والثقافة الفرنسية في المغرب ،وأشارت إلى أن هذا الموقف لا يتضمن اي عداوة ضد اللغة والثقافة الفرنسية و التي هي جزء من واقعنا وتاريخنا وأحد أسس العلاقة بين بلدنا وفرنسا التي يتعين تقويتها والحفاظ عليها في اطار من التوازن والشراكة الحقيقية وبعيدا عن الإملاء او الأستاذية والاحترام المتبادل ، دون ان يكون ذلك على حساب اللغات والثقافة الوطنية ، كما ان هذا الموقف لا يتضمن اي موقف سلبي من استمرار التعاون الثقافي والمؤسسات التعليمية الفرنسية شرط ان تتلاءم مع القوانين المغربية وتحترم الضوابط المنصوص عليها في اتفاقيات التعاون الثقافي ،وشددت على رفض النقابة للمقاربة الحكومية الفوقية في تنزيل وفرض هذا المشروع بعيدا عن النقابات التعليمية ودعت الى تجميد المشروع في انتظار فتح حوار موضوعي وجدي حوله في افق دراسة مشروع باكلوريا دولية صدقا وحقيقية تشمل على نفس الدرجة والأهمية فتح مسالك بلغات اخرى آخذا بعين الاعتبار الآفاق التي تفتحها هذه المسالك على مستوى الدراسات الجامعية في عدة جامعات دولية. قرار حكومي لم يجد رشيد بلمختار ما يبرر توقيعه للاتفاقية سالفة الذكر مع وزير التربية الوطنية الفرنسي بعدما أثار المستشار البرلماني عبدالله عطاش الموضوع خلال احدى لجان المجلس سوى تحميل المسؤولية للحكومة ولسلفه محمد الوفا حيث أكد بلمختار أن وجد مشروع الباكالوريا الدولية جاهزا بل تم تجريبه في ست نيابات خلال السنة المنصرمة وانه يعمل في إطار استمرارية الدولة لا غير، لكن مصادر تؤكد أن من بين أسباب مغادرة الوفا لوزارة التربية الوطنية عدم حماسته في تنزيل مشروع الباكالوريا الفرنسية.