تشكل نزع الملكية من أجل المنفعة العامة إحدى الآليات القانونية المعتمدة من طرف الدولة والمؤسسات العامة الأخرى لإجبار الخواص على التخلي عن ملكيتهم العقارية من أجل المنفعة العامة من أجل تكوين رصيد عقاري مهم للقيام بالمشاريع الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة المضاربات العقارية مقابل تعويض مناسب، وحسب الفصل الأول من (الظهير الشريف رقم 254-81-1 صادر في 11 من رجب 1402 بتنفيذ القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت)، ف"نزع ملكية العقارات كلا أو بعضا أو ملكية الحقوق العينية العقارية لا يجوز الحكم به إلا إذا أعلنت المنفعة العامة، ولا يمكن إجراؤه إلا طبق الكيفيات المقررة في هذا القانون مع مراعاة الاستثناءات المدخلة عليه كلا أو بعضا بموجب تشريعات خاصة"، إلا أن حق الملكية الخاصة أيضا من أبرز وأهم الحقوق الدستورية والقانونية لذلك غالبا ما يحدث اصطدام هذه المشاريع بالمصالح الخاصة للأفراد.. وحماية للحق الخاص في الملكية، لا يسوغ لأي جهة إدارية بموجب قرارات إدارية انفرادية نزع الملكية ما لم يجز لها التشريع ذلك، حيث تنص القاعدة القانونية على أن الاعتداء المادي هو كل عمل مادي غير شرعي تأتيه الإدارة في مواجهة الأفراد بحيث يتميز بعد شرعيته الجسيمة الشيئ الذي يفقده كل علاقة بالسلطة الإدارية المخولة للإدارة، كما أن استيلاء الإدارة على ملك الغير دون سلوك مسطرة نزع الملكية، اعتداء مادي تملك المحكمة نتيجة ذلك ولو بدون طلب تحديد طبيعة التعويض على المحكوم به والمناسب حماية للمال العام، التعويض العيني يرفع الاعتداء المادي بإرجاع الأمور إلى الوضع الطبيعي الذي يقتضيه حماية حق الملكية باعتباره حقا دستوريا، ومادي نقدي بأداء التعويض وفقا للقواعد العامة للمسؤولية الإدارية وذلك ضمانا للتوازن بين حماية المال العام وحماية حق الملكية...في قضية اليوم سنتوقف عند حدود المسؤولية الإدارية لضمان التوازن بين حماية المال العام وحماية حق المواطن في أملاكه..ما هي حيثيات هذا الملف؟ استغلال مطرح تقدم "محمد" بدعوى قضائية ضد المجلس البلدي لمدينة وزان يشكي فيها كون هذا المجلس ألحق بعقار المخصص للفلاحة الذي يمتلكه عدة أضرار تمثلت في رمي النفايات والأزبال منذ 1989 بالنسبة للجنان الأول ومنذ 1998 بالنسبة للجنان الثاني مما ترتب عنه فساد الأرض والأشجار، والتمس الحكم على المجلس البلدي لوزان في شخص ممثله القانوني بتعويض مسبق قدره 20.000.00 درهم عن الأضرار الناتجة عن استغلال العقار كمطرح للنفايات وإجراء خبرة لتقييم الأضرار وحفظ الحق في تقديم المطالب النهائية. وبناء على المذكرة الجوابية التي أدلى بها المجلس البلدي بتاريخ 2 ماي 2013، إلتمس هذا الأخير عدم قبول الطلب لعدم إرفاقه بالوثائق، وأن المجلس البلدي لم يسبق له أن استغل العقار كمطرح للنفايات. وبعد إجراء الخبرة، تبين أن التعويض يتجاوز قيمة العقارين لو تم طرحهما للبيع، وبناء على المستنتجات عقب الخبرة المقدمة من طرف نائب "محمد" تلتمس فيها الحكم على المجلس المدعى عليه بأدائه لفائدته مبلغ 2 مليون و 67 ألف و40 درهم عن التعويض عن الاعتداء المادي على العقار وإتلاف أشجار الزيتون. دفع المجلس البلدي بعدم إثبات الضرر لكونه لم يسبق له أن استغل العقار كمطرح للنفايات، حيث أسس المدعي(محمد) طلبه على واقعة وضع الإدارة المدعى عليها يدها على عقاره واستعماله كمطرح للنفايات. من أجل التبين من الاعتداء المادي المزعوم من قبل المدعي، وكذا التعويض المستحق عن ذلك، أمرت المحكمة بإجراء خبرة عهد بشأنها إلى الخبير الذي خلص في تقريره إلى أن الجهة واضعة اليد على العقار هي المجلس البلدي لوزان التي قامت بإحداث مطرح للنفايات شملت العقارين وأن تاريخ وضع اليد كان خلال سنة 1999 بالنسبة للأول وسنة 2002 بالنسبة للثاني، محددا قيمة التعويض عن الاعتداء في مبلغ 408 ألف و700درهم. تعليل المحكمة قيام المجلس البلدي بإنجاز مطرح عمومي للنفايات بعقار المدعي وفق ما أثبتته الخبرة المنجزة حيادا على المساطر القانونية يشكل اعتداء ماديا على حق الملكية الذي يحظى برعاية دستورية مؤداها عدم الحد من نطاقها وممارستها إلا بموجب القانون-الفصل 35 من الدستور-. يشكل الاعتداء المادي خطأ مرفقيا تسبب بصفة مباشرة في حدوث ضرر للمدعي، تمثل في فقد ملكه الذي انتزع منه، مما يوجب تعويضه عن الضرر الذي لحقه في هذا الشأن. وحيث إن المحكمة تملك تحديد طبيعة التعويض المحكوم به، ولو بدون طلب والمناسب حماية للمال العام مما ارتآى نظرها رعيا للمعطيات التي تضمنها التقرير المذكور وخاصة ما تعلق بمكان تواجد العقار ومواصفاته وطبيعة تخصيصه ومساحته، واستنادا إلى سلطتها التقديرية تحديد التعويض عن الأضرار اللاحقة نتيجة الاعتداء المادي على العقار حماية المال في حدود مبلغ 300000.00 درهم، مع الأمر برفع الاعتداء المادي على العقارين كتعويض عيني بإرجاع الأمور إلى الوضع الطبيعي الذي يقتضيه حماية حق الملكية باعتباره حقا دستوريا وذلك ضمانا للتوازن بين حماية المال العام وحماية حق الملكية. وتطبيقا لمقتضيات الفصول 35 و110 و117 و118 من الدستور ومقتضيات القانون رقم 41-90 المحدثة بموجبه محاكم إدارية ومقتضيات قانون المسطرة المدنية. حكمت المحكمة الإدارية بالحكم على المجلس البلدي لوزان في شخص ممثله القانوني برفع الاعتداء المادي على العقارين موضوع الدعوى وبأدائه لفائدة المدعي تعويضا عن الأضرار المترتبة عن الاعتداء المادي قدره 300 ألف درهم (ثلاثمائة ألف درهم مع الفوائد القانونية.