انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    جامعة الفروسية تحتفي بأبرز فرسان وخيول سنة 2024    الدراجة المغربية تنهي سنة 2024 بهيمنة قارية وحضور أولمبي    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    جرسيف .. نجاح كبير للنسخة الرابعة للألعاب الوطنية للمجندين        لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية        غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    "التقدم والاشتراكية": الحكومة تسعى لترسيخ التطبيع مع تضارب المصالح والفضاء الانتخابي خاضع لسلطة المال    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ّأنس سعدون، قاضي وباحث في قانون الأسرة المغربي : كل المؤشرات تؤكد وجوب تدخل تشريعي لتمديد الفترة الانتقالية لمدة جديدة
نشر في التجديد يوم 07 - 02 - 2014

أكد أنس سعدون، الباحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن بكلية الحقوق بطنجة، وعضو نادي قضاة المغرب، على ضرورة منح فرصة جديدة فيما يتعلقة بدعوى تبوث الزوجية من أجل استيعاب كل الحالات المتبقية للزيجات غير الموثقة، مشددا في حوار مع جريدة "التجديد" على ضرورة ترشيد التدخل التشريعي المقبل من خلال ضمانة نجاعة أي تعديل مرتقب للمادة 16 من مدونة الأسرة.
وأضاف سعدون أن المادة 16 من مدونة الأسرة لم تستطع تحقيق الهدف منها، وهو جعل وثيقة الزواج الوسيلة المقبولة والوحيدة لإثبات العلاقة الزوجية، مشيرا إلى تمديد الفترة الانتقالية لسماع دعوى ثبوت الزوجية مدة خمس سنوات إضافية، حيث قاربت هذه الفترة الإضافية على الانتهاء دون تحقيق المطلوب منها، وأن كل المؤشرات تؤكد وجوب تدخل تشريعي لتمديد الفترة الانتقالية لمدة جديدة.
*** ما هي شروط دعوى الزوجية؟
* يمكن تقديم دعوى ثبوت العلاقة الزوجية من طرف الزوجين معا، في حالة إقرارهما بهذه العلاقة، ويمكن تقديمها من طرف أحدهما، إما الزوج أو الزوجة في حالة وجود منازعة. وهناك حالات أخرى لا يتم فيها توثيق عقد الزواج بين الطرفين إلى أن يداهم الموت أحدهما، أو كلاهما ففي هذه الحالة يمكن للزوج الذي لا يزال على قيد الحياة أن يتقدم بهذه الدعوى وذلك لإثبات نسب الأبناء الذين ولدوا على فراش الزوجية، والحصول على النصيب الشرعي من الميراث، كما يمكن أن يتقدم الأبناء بهذه الدعوى بعد وفاة الوالدين ، وفي جميع الأحوال لا بد من وجود شروط عامة في الدعوى تتمثل في: "المصلحة والصفة والأهلية"، طبقا للمادة الأولى من قانون المسطرة المدنية، ووجود شروط خاصة تتمثل في إثبات وجود علاقة زوجية شرعية وعلنية تمت بالإيجاب والقبول بين الطرفين وعدم الاتفاق على إسقاط حق الزوجة في المهر، ووجود سبب قاهر حال دون توثيق هذه العلاقة لدى عدلين منتصبين للإشهاد، مع العلم بأن العمل بهذه المقتضيات يبقى رهينا بمرحلة انتقالية لا تتجاوز 10 سنوات من تاريخ دخول المدونة حيز التنفيذ.
*** هل توثيق عقد الزواج شرط لصحته أم مجرد شرط شكلي؟
* من الناحية الشرعية ينعقد الزواج بالإيجاب والقبول، وتوافر باقي الشروط وليس من بينها التوثيق، وإنما تم استحداث هذا الشرط الجديد من أجل حماية الحقوق المترتبة عن عقد الزواج، وهكذا فرضت مدونة الأسرة توثيق عقد الزواج في وثيقة رسمية، تحرر من طرف عدلين منتصبين للإشهاد في مجلس واحد، وجعلت بذلك من الكتابة شرط صحة في عقد الزواج، إذ تنص المادة 13 في فقرتها الرابعة، وبصريح العبارة على أنه : "يجب أن يتوافر في عقد الزواج "شرط سماع العدلين التصريح بالإيجاب والقبول من الزوجين وتوثيقه"، كما أن المادة 16 من المدونة نصت في فقرتها الأولى على أنه "تعتبر وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج".
*** كيف يمكن إثبات دعوى الزوجية قانونا؟، وما هي الإشكاليات المرتبطة بوسائل إثبات الزوجية؟
* يمكن إثبات العلاقة الزوجية في إطار المادة 16 من مدونة الأسرة بجميع وسائل الإثبات بما فيها شهادة الشهود، والبينة الشرعية، والإقرار والقرائن..، ويمكن أيضا اللجوء إلى الخبرة الجينية، حيث أقر المشرع مبدأ حرية الإثبات.
وفيما يتعلق بالإشكاليات المرتبطة بوسائل إثبات العلاقة الزوجية، فيمكن الحديث على أنه في حالة وجود منازعة في العلاقة المطلوب إثباتها، تتحمل الجهة المدعية عبئ الإثبات الذي ينبغي أن ينصب على وجود علاقة زوجية "شرعية" مشتهرة تمت بالإيجاب والقبول و إثبات السبب القاهر الذي حال دون توثيق هذه العلاقة، مع بيان تاريخها بالتدقيق وما إذا كانت لا تزال قائمة ومستمرة أو انفصمت بالطلاق.
*** من بين الإشكاليات المرتبطة بشروط رفع دعوى ثبوت الزوجية، السبب القاهر، ما مفهوم السبب القاهر ؟
* لم تعرف مدونة الأسرة مفهوم السبب القاهر، كشرط من شروط سماع دعوى ثبوت الزوجية، ويمكن القول بأنه يعني كل عقبة مادية حالت دون توثيق عقد الزواج في إبانه، وقد سبق للقضاء المغربي في العديد من المناسبات أن أعطى أمثلة للسبب القاهر من بينها التواجد في منطقة لا عدول فيها، فضلا عن العادات والتقاليد المتحكمة في النفوس بالاكتفاء في الزواج بالفاتحة دون توثيق العقد، وعدم التمكن من أداء أجرة العدول، وصعوبة الحصول على بعض الوثائق الإدارية كما في حالة عدم التسجيل بسجلات الحالة المدنية أو نتيجة وجود أخطاء قد تطالها، والظروف الطبيعية المناخية والتضاريسية التي تمنع من التنقل لتوثيق الزواج وفق الشكل المتطلب قانونا.
وعموما ينبغي أن يكون السبب القاهر المعتمد عليه سببا شرعيا لا يتنافى مع نظام الزواج ومقاصده، وهو ما أكده المجلس الأعلى في قرار جاء فيه "ليس من حالات الاستثناء خوف الرجل من زوجته الأولى، وكتمانه الزواج بغيرها حتى لا تحدث له مشكلات عائلية، فمثل هذه الحالة تنافي قصد الشارع من الحض على إفشاء الزواج وإعلانه"، كما ينبغي أن يكون السبب القاهر جديا، وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى قرار محكمة الاستئناف بمكناس الذي أيد الحكم الابتدائي القاضي برفض طلب المدعية الهادف إلى إثبات الزوجية لكونها لم تبين للمحكمة السبب القاهر الذي منعها من توثيق عقد الزواج معللة قرارها بكون "المستأنفة كانت لها علاقة زواج صحيحة، طلقت منه ..وفق عقد الطلاق المدلى به، وكلا العقدين موثق ولا يمكن أن تنطلي عليها الحيلة في علاقتها الحالية المدعى أنها زواج لأنها سابقا وثقت عقدي الزواج والطلاق، وهي سيدة ذات ثقافة عالية، حاملة للدكتوراه في الآداب..، ومادام يعوزها توثيق ما ادعته وعدم توفر أي عنصر حال بينها وبين ما تطلب فإن المحكمة ترى تأييد الحكم المستأنف".
*** ما مدى صحة رفع دعوى ثبوت الزوجية بالنسبة للقاصر؟ كيف يتعامل القانون مع القاصر في حالة وجود أبناء؟
* تعتبر حالة رفع دعوى ثبوت الزوجية من طرف قاصر من بين الحالات المعروضة على المحاكم المغربية منذ دخول المدونة الجديدة حيز التطبيق، ويمكن تسجيل وجود اختلاف بين المحاكم في التعامل مع هذه الحالة حيث يمكن التمييز بين ثلاث اتجاهات قضائية رئيسية :
1-اتجاه قضائي يقبل سماع دعوى الزوجية من طرف القاصرين، استنادا إلى المادة 22 من مدونة الأسرة ، ولكون دعوى ثبوت الزوجية تقرر ما هو كائن ولا تنشئ عقد الزواج.
2-اتجاه قضائي يستوجب حصول القاصر على الإذن بالزواج من قاضي الأسرة المكلف بالزواج حتى تكون دعواها مقبولة.
3-اتجاه قضائي يكتفي بحضور ولي القاصر في مثل هذه الدعاوى.
وفي جميع الأحوال إذا كانت العلاقة الزوجية المطلوب إثباتها قد أثمرت عن وجود أبناء فإن القضاء يتعامل بنوع من المرونة مع هذه الحالات حماية لحق الأبناء في النسب وحماية لمصلحة الأسرة.
*** ما الدور الذي تلعبه النيابة العامة في دعوى ثبوت الزوجية؟
* من المعلوم أن النيابة العامة تعتبر طرفا رئيسيا في قضايا الأسرة طبقا للمادة الثالثة من مدونة الأسرة، ومن بين هذه القضايا دعوى ثبوت الزوجية، وبالتالي لها الحق في ممارسة هذه الدعوى سواء كمدعية أو مدعى عليها، وتتأكد من الشروط المتطلبة قانونا، ولها الحق في تقديم كل الملتمسات الرامية إلى تطبيق القانون، ولها الحق في ممارسة الطعن في الأحكام الصادرة في هذا المجال، كما تضطلع بدور كبير على مستوى تقديم المساعدة القضائية الضرورية لتمكين الأطراف المعوزين من رفع دعاويهم أمام أقسام قضاء الأسرة.
*** بصفة عامة، ما هي الإشكاليات التي تعتري دعوى ثبوت الزوجية؟
* من بين الإشكاليات، ضعف الجانب التحسيسي بمستجدات مدونة الأسرة عموما والمادة 16 منها على وجه الخصوص، ولا سيما على مستوى الفترة الانتقالية المحددة لسماع دعوى ثبوت الزوجية، فرغم مرور مدة تناهز العشر سنوات على دخول المدونة حيز التنفيذ إلا أن عددا كبيرا من الأسر المغربية لا تعلم بوجود فترة انتقالية محددة لسماع دعوى ثبوت الزوجية، كما أن استمرار بعض الأعراف التي تقتضي بالاكتفاء بالفاتحة لإبرام الزواج تؤدي إلى تفشي الظاهرة خاصة بالبوادي، وبالمناطق العشوائية بالمدن الكبرى، دون أن ننسى الهوة الواسعة بين النص والتطبيق، والهوة الشاسعة بين المجالين الحضري والقروي، فواقع تطبيق المدونة في المدن يختلف عن تطبيقها في البوادي حيث تنضاف معوقات إضافية تتمثل في تفشي الفقر والأمية وصعوبة الوصول إلى المحاكم فاليوم ما تزال العديد من المناطق القروية التي تبقى في حالة عزلة بسبب الثلوج لمدة أشهر، كما أن هناك مناطق لا تتوفر على عدول لتوثيق الزواج.
*** هل يمكنكم الاستدلال ببعض النماذج التي يتم من خلالها التحايل على القانون؟
* إن العديد من الاشخاص يستغلون المادة 16 من مدونة الأسرة من أجل التحايل على القانون، وهو ما يظهر من خلال صور شتى من بينها استعمال دعوى ثبوت الزوجية كمطية للتهرب من تطبيق مواد المدونة المتعلقة بالتعدد أو زواج القاصر، حيث يلجأ العديد من الأشخاص الذين تم رفض طلب التعدد أو زواجهم من فتيات قاصرات من طرف الحهات المعنية إلى الاكتفاء بعقد زواج الفاتحة، وعند ظهور حمل لدى الزوجة يلجؤون إلى رفع دعوى ثبوت الزوجية دون استصدار إذن قضائي، وقد كشفت حملات الجلسات التنقلية التي عقدتها العديد من المحاكم بالبوادي عن وجود واقع مزري يتمثل في حالات فتيات تم تزويجهن في سن العاشرة والحادية عشر في تحد صارخ للقانون الذي يحدد سن الزواج في 18 سنة بالنسبة لكلا الجنسين، بل وعن حالات تزويج فتيات بالإكراه، وعن وجود حالات زواج تمت وكلا طرفيها قاصرين، فضلا عن حالات زواج التعدد بشكل واقعي دون التأكد من الشروط التي يتطلبها القانون ومنها المبرر الاستثنائي الموضوعي أو الإمكانيات المادية اللازمة.
من جهة أخرى، فإن عددا من الراغبين في شرعنة العلاقات الجنسية العابرة يستغلون سهولة إبرام زواج الفاتحة من أجل جعله غطاء لزواج المتعة أو الزواج المؤقت خصوصا خلال العطلة الصيفية مع توافد المهاجرين على المناطق التي ينحدرون منها وخاصة النائية منها حيث يسارعون إلى إبرام عقود زواج بالفاتحة، ولا سيما مع الفتيات القاصرات نظرا لمجموعة من الموروثات والتقاليد الموجودة في هذا الصدد، وبعد انتهاء عطلتهم يعودون إلى ديار المهجر تاركين زوجاتهم يواجهن مصيرا مجهولا في ظل غياب أدنى وسائل الإثبات الممكنة التي تكفل لهم إثبات هذا النوع من الزواج، سيما إذا كانت الهوية الكاملة للزوج غير مثبتة، أو كان عنوانه غير معروف مما يشكل أعباء إضافية، تدفع ثمنها المرأة والطفل الذي قد ينتج عن هذه العلاقة الزوجية غير المكتملة في نظر القانون.
وعموما طالما أن المشرع لا يعاقب على عدم توثيق عقد الزواج وفق الشكل القانوني ولا يعاقب من قام بتزويج قاصر، ولا يعاقب على الإكراه في الزواج من طرف الولي، وطالما أن القانون لا يزال يسمح بتقديم دعوى ثبوت زوجية، فإن هذه الحالات مرشحة للارتفاع لا سيما إذا استحضرنا كون التساهل مع الحالات المستحدثة للزيجات غير الموثقة في حالة وجود أبناء يؤدي إلى التشجيع على تفشي الظاهرة في إطار مجتمع تنخره آفة الأمية والفقر وهشاشة الأوضاع الاجتماعية التي تجعل من وجود فتاة داخل الأسرة عبئا إضافيا على هذه الأسرة لا يمكن التخلص منه إلا بالزواج حتى لو كان سن الفتاة لا يسمح بذلك.
*** هل ساهمت الحملات التوعوية حقيقة في الحد من الزيجات الغير موثقة؟
* بالفعل ساهمت الحملات التوعوية في مواجهة ظاهرة الزواج غير الموثق وإن بشكل نسبي، بفضل تضافر جهود المجتمع المدني الذي يقوم بدور كبير على مستوى التحسيس بأهمية توثيق الزواج حماية لحقوق الزوجة والأبناء والأسرة، وذلك بتنسيق مع السلطات المحلية والجماعات المحلية، وانخراط القضاة في تفعيل عدالة القرب من خلال الجلسات التنقلية ويمكن في هذا الصدد الإشارة إلى التجربة الرائدة التي كرستها المحكمة الابتدائية بأزيلال والتي عقدت أزيد من عشر جلسات تنقلية بمناطق نائية تم من خلالها معالجة أزيد من 1500 حالة زواج غير موثق أغلبها تتعلق بحالات سابقة على دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ.
*** هل استطاعت دعوى ثبوت الزوجية كآلية قانونية تسوية الأوضاع الزوجية غير الموثقة؟ ما تعليقكم على الحصيلة؟
* بالقطع لم تستطع المادة 16 من مدونة الأسرة تحقيق الهدف منها، وهو جعل وثيقة الزواج الوسيلة المقبولة والوحيدة لإثبات العلاقة الزوجية، ولا أدل على ذلك من تمديد الفترة الانتقالية لسماع دعوى ثبوت الزوجية مدة خمس سنوات إضافية ، وقد انتهت الفترة الإضافية دون تحقيق المطلوب منها، وكل المؤشرات تؤكد وجوب تدخل تشريعي لتمديد الفترة الانتقالية لمدة جديدة. أما بالنسبة للحصيلة فلا يمكن تقييم ما تم تحقيقه في المدة السابقة لدخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ طالما أن وزارة العدل والحريات لم تنشر بعد الإحصائيات الجديدة لتطبيق المدونة، وآخر الاحصائيات المتاحة هي تلك المتعلقة بسنة 2011، حيث يلاحظ ارتفاع عدد الأحكام الصادرة في قضايا ثبوت الزوجية، كما يلاحظ ارتفاع في عدد الجلسات التنقلية التي تعقدها عدد من المحاكم للبت في هذه القضايا بعدد من المناطق النائية التي لا تتواجد بها محاكم مما يؤكد وجود جهود تبدل للحد من تفاقم الظاهرة.
*** بعد مرور عشر سنوات من العمل بدعوى ثبوث الزوجية للقضاء على الزيجات الغير موثقة، ألا نحتاج إلى فرصة أخرى؟
* لا بد من فرصة جديدة من أجل استيعاب كل الحالات المتبقية للزيجات غير الموثقة، لكن ينبغي العمل على ترشيد التدخل التشريعي المقبل من خلال ضمانة نجاعة أي تعديل مرتقب للمادة 16 من مدونة الأسرة، ويمكن في هذا الصدد طرح عدة فرضيات:
إما عدم تمديد الفترة الانتقالية لسماع دعوى ثبوت الزوجية، وفي هذه الحالة ستكون التكلفة ثقيلة خاصة بالنسبة لساكنة العالم القروي في المغرب العميق حيث لا تزال عدة مناطق لا تتوفر على مكاتب للعدول ويتعذر على ساكنتها توثيق الزواج وفق الشكل القانوني.
أو تمديد الفترة الانتقالية لأجل جديد مع الاستفادة من تجربة العشر سنوات السابقة والحيلولة دون تكرار الأخطاء التي تم تسجيلها في هذا الصدد وذلك عن طريق تقييد حالة سماع الزوجية بوجود سبب قاهر مع التنصيص على استثناء حالات التحايل على القانون، بعدم السماح بسماع دعوى ثبوت الزوجية المرتبطة بإذن قضائي كما الحال بالنسبة لزواج القاصر أو التعدد أو الزواج المختلط، مع التنصيص على مقتضيات زجرية يعاقب بمقتضاها كل من خالف مقتضيات المادة 16 من المدونة وامتنع عن توثيق عقد الزواج دون سبب قاهر مع اعتبار حالة التهرب من الإذن القضائي بمثابة ظرف تشديد، والتركيز على محاولة تبسيط اجراءات الزواج وتفعيل عدالة القرب، واستهداف المناطق النائية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.