من المثير للاستغراب حجم الحملة الاعلامية التي استهدفت الأستاذ المقرئ الإدريسي أبوزيد من طرف بعض الأمازيغيين على خلفية نكتة قالها الاستاذ ليس هذه الايام بل منذ اربع سنوات خلت في احدى الدول الخليجية وهي نكتة متداولة ومعروفة لدى الكثير من المغاربة وليست النكتة الوحيدة المتداولة بهذا الخصوص. هذا التهويل الإعلامي يثير علامات استفهام : هل هل هذا الهجوم سببه حرقة مشروعة على الثقافة الأمازيغية وعلى الأمازيغ عموما ؟هل الواقعة وعلى افتراض أن الأستاذ أبوزيد أخطأ في توظيفه للنكتة في ندوته يتطلب ردة فعل بهذا الحجم ؟ وهل ثبت أن هذا المفكر سبق له أن استخف بأي شكل من الأشكال بما هو أمازيغي؟ولماذا أثيرت هذه المسألة هذه الايام بالذات بعد كل تلك السنوات؟ .من نافلة القول ان المغاربة يحبون النكث والقفشات، حتى في أوقات المحن تراهم يعانون وفي رحم المعاناة يمزحون .وجزء مقدر من مرحهم نكث ذات طابع اجتماعي أوسياسي .....وهي نكت تتناول الواقع المغربي من أقصاه إلى أقصاه وبعض سلوكيات المغاربة. فهل هذه هي أول مرة تقال فيها نكتة عن أهل سوس -علما أنه لم يذكرهم بالإسم - قطعا لا هناك عدد كبير من النكث يتداولها المغاربة منذ عقود و دون أي حزازات تذكر. ألم يتداول المغاربة ايضا عددا كبيرا وعلى امتداد عقد من الزمن نكتا حول خطري ولد سيدي سعيد الجماني ولم يحتج الصحراويون باعتبار أن تلك عنصرية موجهة ضدهم؟ بل كانوا يحكونها فيما بينهم دون أي مركب نقص ألم تحكى عشرات النكت عن الفقهاء و لم نسمع أن ذلك ميز أو انتقاص من مكانتهم؟ وعن رجال التعليم أيضا قيل الكثير من النكت فهل احتجوا او اعتصموا؟ أبدا لم ينزلوا إلى ذلك المستوى. وتناولت النكت فئات اخرى مثل رجال الشرطة وأفراد القوات المساعدة وسكان المناطق الجبلية "جبالة "و"العروبية" و الممرضين ..... وغيرهم كثر من الشرائح الاجتماعية الاخرى ولم يعتبر أحد ذلك مسا بهيبتهم أو كرامتهم. أكثر من هذا الملك الحسن الثاني رحمه الله ونحن نعلم المهابة التي كان يتمتع بها لم يسلم من النكث و لم نسمع بأحد سجن بسبب نكتة . فهل يريد الإخوة الأمازيغ أن ينزعوا من المغاربة الدعابة المشفوعة بالتسامح والروح الرياضية ؟ أم يريدون إشعال نعرات فئوية أو عرقية بسبب نكتة قيلت هنا أو هناك عن هذه الجهة أو تلك ، ونحن في هذه المرحلة احوج ما نكون إلى التماسك الاجتماعي لمواجهة التحديات والاستحقاقات الكبرى؟ من ناحية أخرى مطلوب بإلحاح شديد من كل المفكرين والمثقفين والسياسيين والإعلاميين تجنب كل ما يمكنه استفزاز الآخر بحسن نية أو ربما بسوء لما في ذالك من إهدار للوقت والجهد في معارك مجانية لا طائل من ورائها وكان من الأولى أن تنفق في البناء خصوصا أن تمت من يحترف الصيد في الماء العكر وقد صدق من قال حذار من زلات اللسان وجرات القلم. حسب نيوتن كل فعل له ردة فعل يساويه في المقدار ويعاكسه في الاتجاه اذا انطلقنا من هذه المقولة وحيث أن ردة الفعل لا تتناسب والواقعة نفسها، ذهب بعض المحللين إلى أن تمة أسباب أخرى خلف الحملة الإعلامية نذكر منها ما يلي: 1.على اثر الدعاوي التي تزعمها السيد نور الدين عيوش مؤخرا لاعتماد الدارجة كلغة للتدريس بالمدارس بالمغرب كان الاستاذ أبو زيد من الفاعلين الذين تصدو بشراسة لهذه الطروحات وتبيان مخاطرها الانية والمستقبلية. 2. معروف أن الأستاذ أبوزيد من أشد المفكرين والفاعلين تصديا لدعاوي التطبيع مع الكيان الصهيوني كما تصدى بقوة الكلمة والإقناع للعديد من الأطروحات العلمانية المناهضة للشريعة الاسلامية وهوية الشعب المغربي المبنية اساسا على المرجعية الإسلامية. 3- لا يخفى على المتتبعين للقضية الفلسطينية بالمغرب أن الأستاذ أبو زيد قطع المغرب طولا وعرضا محاضرا ومنظما للمعارض دعما للقضية الفلسطينية وتعريفا بها ومعلوم أيضا أن التطبيع والعلمنة ومحاربة اللغة العربية يخرجون من مشكاة واحدة ومن الدوائر نفسها .لذلك لم تكن النكتة التي بعثت فجأة من الأجداث إلا فرصة لمهاجمة هذا المناضل الذي يخدم قضايا الوطن والأمة بحكمة وعقلانية وإصرار وثبات. و أيا كانت الدوافع والأهداف فأن المرحلة وطبيعتها تتطلبان من الجميع الالتقاء على أرضية مشتركة بما يخدم المصلحة العليا للبلد. ختاما لا يمكن إلا أن نحيي كل المناضلين الشرفاء الذين يحملون هم هذا الوطن بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية والفكرية والايديولوجية وبصرف النظر عن لغة تخاطبهم فالوطن يسع الجميع ويحتاج الجميع.