تنص القاعدة القانونية على أن مسؤولية وزارة التجهيز والنقل عن الأضرار اللاحقة بمستعملي الطريق العام تنشأ عن عدم صيانتها، كما أن ثبوت الخطأ، واتصاله بالضرر اللاحق بضحايا الطريق يجعل مسؤولية الوزارة الوصية ثابتة تتحملها باستقلال عن الدولة لكون الوزراء مسؤولون دستوريا عن تنفيذ السياسة الحكومية كل في القطاع المكلف به. في ملف اليوم سنتوقف عند قاعدة شرعية مفادها أن انهيار قنطرة لا يمكن أن يعتبر قوة قاهرة، على اعتبار أن ذلك الفعل متوقع وقابل للدفع ومرتبط بتقصير مفترض في الصيانة أو المراقبة أو التجديد، وبالتالي فطلب التعويض عن حادثة انهيار قنطرة يرتبط ارتباطا وثيقا بالأضرار التي تلحق مستعملي الطريق بسببها باعتبارها أضرار مرتبطة بتسيير مرفق عمومي..ما هي حيثيات هذا الملف؟ انهيار قنطرة تعرضت أسماء لحادث حينما كانت على متن سيارتها، حيث انهارت قنطرة وادي سبو المتواجدة بالطريق الإقليمية رقم451، مما تسبب في سقوط السيارة بالنهر، الأمر الذي تسبب لها في جروح خطيرة في مختلف أعضاء جسمها وبكسر على مستوى الفك العلوي والظهر. تقدمت أسماء بدعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية بالرباط ضد وزارة التجهيز والنقل في شخص وزير التجهيز والنقل، والوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بوزارة المالية بالرباط تطالب من خلالها تعويضها عن الضرر المادي و الجسدي الذي أصابها جراء الحادث، مؤكدة أنه مادام أن انهيار القنطرة المتواجدة على النهر كان نتيجة الإهمال وعدم الصيانة، فإنها تلتمس تحميل وزارة التجهيز كامل مسؤولية الحادث وبأدائها لفائدتها تعويضا مسبقا قدره:100 ألف درهم، مع عرضها على خبرة طبية. بناء على المذكرة الجوابية المقدمة من طرف الوكيل القضائي للمملكة أكد هذا الأخير أن ثبوت الصيانة الدورية للقنطرة ينفي عن نشاط المرفق صفة الخطأ، فضلا عن أن انهيار القنطرة كان بسبب الحادث الفجائي غير المتوقع وغير القابل للدفع، وأن الحادثة مردها تجاوز صاحب السيارة للحمولة القانونية من الركاب، حيث لم يتخذ الاحتياطات الكفيلة بتفادي الحادث، بعد ملاحظة أن الأضرار المدعى بها تغطيها عقدة التأمين، ولا يمكن التعويض عن الضرر مرتين فالتمس رفض الطلب. يهدف طلب الضحية أسماء إلى الحكم بتحميل وزارة التجهيز والنقل كامل مسؤولية الحادث، وبأدائها لفائدة المدعية (أسماء) تعويضا مسبقا قدره 100 ألف درهم، مع عرضها على خبرة طبية، إلا أن الجهة المدعى عليها دفعت بانتفاء عنصر الخطأ وبالسبب الأجنبي المعفي للمسؤولية، وبشمول الأضرار بتأمين المسؤولية. مسؤولية الدولة إن مسؤولية الدولة عن الحوادث تخضع لمقتضيات المادة 8 من قانون 41/90 في شقها المتعلق بالدعاوى المتعلقة بالتعويض عن الأضرار التي تتسبب فيها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام، باعتبار أن طلب التعويض عن حادثة انهيار قنطرة يرتبط ارتباطا وثيقا بالأضرار التي تلحق مستعملي الطريق بسببها باعتبارها أضرار مرتبطة بتسيير مرفق عمومي – وهو مرفق النقل والتجهيز- من طرف شخص من أشخاص القانون العام-حسب تعليل المحكمة في الحكم القضائي المتعلق بهذه النازلة-. وحيث إن مسؤولية وزارة التجهيز والنقل بالنسبة للأضرار اللاحقة بمستعملي الطريق العام تنشأ عن عدم صيانتها لهذه الطرق، ولا يمكن إعفائها من هذه المسؤولية إلا إذا أثبتت حالة وحيدة وهي خطأ الضحية دون القوة القاهرة التي تتحمل نتائجها الدولة، باعتبارها من تكاليف توزيع الأعباء العامة ومن مستلزمات التضامن التعاضدي للدولة مع مواطنيها التي تفترض تمتيعهم بامتياز التعويض الناتج عن المسؤولية المباشرة والمفترضة عن أخطائها ليقابل امتياز التنفيذ المباشر لقراراتها وأعمالها طبقا للمبادئ الدستورية للعدالة والإنصاف النابعة من خصوصية قواعد المسؤولية الإدارية عن نظيرتها المدنية. إن انهيار قنطرة في جميع الأحوال لا يمكن أن يعتبر قوة قاهرة، لأن ذلك الفعل متوقع وقابل للدفع، مرتبط بتقصير مفترض في الصيانة، أو المراقبة أوالتجديد، لا يمكن إثبات عكسها، لأنها مسؤولية قانونية موضوعية تقتضي فقط إثبات الضرر وعلاقته بنشاط المرفق العام، وتقوم على الإلتزام العام بالسلامة الذي يعتبر التزاما بنتيجة وليس التزام بوسيلة، مبناه وجوب اتخاذ جميع الاحتياطات والتدابير اللازمة لتلافي الحادثة، ومادام الحادث قد وقع فالخطأ ثابت. وبالرجوع إلى وثائق الملف ولاسيما محضر الشرطة القضائية يتبين أن الحادثة وقعت للمدعية الراكبة خلال عبورها بسيارة قنطرة وادي سبو، التي انهارت وهوت بها إلى قعر الوادي، وكانت السبب المباشر في إصابتها بجروح في مختلف أعضاء جسمها و بكسر على مستوى الفك العلوي والظهر. وبما أن ثبوت الخطإ واتصاله بالضرر اللاحق بالضحية يجعل مسؤولية وزارة التجهيز والنقل ثابتة تتحملها باستقلال عن الدولة، لكون الوزراء مسؤولون دستوريا عن تنفيذ السياسة الحكومية كل في القطاع المكلف به، تبعا للفصل 93 من الدستور، لاستقلالية مسؤولية كل وزارة وإدارة عمومية عن الدولة – التي يمثلها رئيس الحكومة – ماليا وإداريا، لتمتعها بالشخصية المعنوية طبقا لهذا المستجد الدستوري، قررت المحكمة وبما لها من سلطة تقديرية واستنادا إلى الأضرار اللاحقة بالمدعية على النحو الموصوف بالخبرة، تحديد التعويض المستحق في مبلغ خمسون ألف درهم تؤديها الوزارة المدعى عليها لعدم تدليلها على قيام عقد التأمين المدعى به تطبيقا لمقتضيات القانون رقم 90-41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية ومقتضيات قانون المسطرة المدنية، ومقتضيات الفصول 117 و 118 من الدستور المتعلقة بحقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة، حيث يقضي الفصل 117»يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون»، كما ينص الفصل 118 على أن «حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون.كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا، يُمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة».