● بصفتكم باحث في قطاع الماء والبيئة، أين يكمن الخلل في تدبير وصيانة المنشآت المائية؟ ❍ إثارة مشكل توحل السدود والسدود التلية يثير مشكل اختلال العدالة المجالية في توزيع المنشآت المائية وفي توزيع الجهود الخاصة بوقايتها وصيانتها، فنموذج إقليم تنغير يجسد الاختلال، إذ لا نجد فيه حاليا أي سد جاهز يستجيب لجميع المواصفات المطلوبة، رغم برمجة العديد من الدراسات والتي لا تستكمل بإنجازات في الميدان. وهذا يطرح دائما مشكل تعرفه السياسة المائية منذ الاستقلال ويتمثل في إعطاء الأولوية والأسبقية لمناطق السقي الكبرى مع إهمال ملحوظ لمناطق السقي المتوسط والصغير على وجه الخصوص. وهذه السياسة للأسف نشأت منذ حقبة الاستعمار إذ كانت برمجة أولى السدود في عشرينيات القرن الماضي أداة فعلية لتجسيد مفهوم المغرب النافع وغير النافع. ● أين يكمن التأثير السلبي لتوحل السدود على حياة السكان؟ وكيف تفسر غياب التكافؤ على أرض الواقع ؟ ❍ كثيرة هي التأثيرات السلبية التي تنتج عن توحل السدود ومنها تراجع الموارد المائية المعبأة وتزويد الفرشة الباطنية مع تراجع المزايا الوقائية للسدود من السيول والفيضانات، إضافة إلى ما يترتب عن ذلك أيضا من انجراف للتربة وتوحل الحقول وتضرر البنيات الطرقية والتجهيزات الهيدرو فلاحية والمحاصيل الزراعية. وكنموذج لتأخر إنجاز هذه المنشآت نذكر دراسة سد «وادي تودغى» التي انتهت بنتائج جيدة منذ سنوات ولم يتم بعد توفير الموارد المالية الضرورية لإنجازه رغم المطالبات المتكررة بذلك، ورغم إحداث سدود جديدة في مناطق أخرى. ونجد مع كامل الأسف أن اعتبارات سياسية ونفوذ المصالح والولاءات أثرت بشكل كبير على برمجة مثل هذه المشاريع منذ عقود، إلا أننا نتطلع حاليا إلى مرحلة جديدة يكون فيها الأمر مؤسس على الإنصاف والمعايير الموضوعية وإقرار التكافؤ بين المناطق بهذا الخصوص. ● ماهو الحل الناجع للحيلولة دون استمرار الوضع بهذه الاختلالات؟ ❍ طالبنا ويطالب العديد من الفاعلين بإعادة إقرار التكافؤ بين مناطق المغرب، فلا يعقل أن إقليما شاسعا يمتد على مساحة تتجاوز 13 ألف كيلومتر وذو طبيعة سفحية كإقليم تنغير، أن يضل بدون سد كبير يمكن من تعبئة المياه السطحية الناتجة عن الفيضانات الموسمية ذات الحمولة الكبيرة جدا، والتي تسبب خسائر في المنشآت الهيدروفلاحية والسياحية وفي الأرواح أحيانا، كما وقع سنتي 2006و 2008. وإشكالية التوحل في السدود هو إشكال وطني رغم أننا نسجل بخصوصه أيضا تفاوتا في الاهتمام بين المناطق خصوصا من حيث الموارد المرصودة لمجابهة الظاهرة. ويظهر أن المدخل الوقائي هو الأنسب للحد من تأثيراتها عن طريق تكتيف عمليات تثبيت السفوح درء لانجراف التربة من خلال غرس الأشجار بالشكل المطلوب وإقامة الحواجز الضرورية. ونشير إلى أنه حين لا تتدخل الجهات المسؤولة في إطار عمل وقائي فعال تبقى الحلول العلاجية المتمثلة في الإزالة الميكانيكية للأوحال جد مكلفة إن لم نقل مستحيلة في بعض الحالات، خصوصا أن المغرب لا يتوفر على اللوجيستيك اللازم لذلك.