نوقشت بكلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط رسالة دكتوراه في شعبة الدراسات الإسلامية تقدمت بها الطالبة زهور أربوح تحت إشراف الدكتور أحمد الريسوني. في موضوع "أوضاع المرأة في الغرب الإسلامي من خلال نوازل المعيار للونشريسي". وأشارت الباحثة في تقريرها أن النازلة كانت تصنف باعتبار علاقتها بالمستوى الشعائري في حياة المرأة، أو بمستوى النكاح وما إليه، أو بمستوى العلاقات الزوجية وعلاقة الزوجين بأقاربهما، أو باعتبار علاقتها بمستوى الحياة العامة، وماتحفل به من أنشطة وممارسات كالبيع والشراء والإشهاد... وذكرت عدة مراحل منها مرحلة الوصف: وهي مقدمة منهجية نحو الدراسة والتحليل، وكان ذلك يتم بطرق متعددة، فإما أن يتم عرض النازلة مالأصلي، مع وصف مقتضب لأطرافها وموضوعها، وإما أن نكتفي بتلخيصها وعرضها بأسلوب واضح يدل على مضمونها. و مرحلة الدراسة والتحليل: وهي عمق المراحل في هذه الدراسة وقطبها الأساس حسب الباحثة، لأنها المرحلة التي تمنح الدارس الإمكانات الوقائعية والأدلة النوازلية على ما سيذهب إليه من ادعاء في شأن أوضاع المرأة بالغرب الإسلامي من خلال نوازل المعيار، وأكدت الطالبة أن هذه المرحلة هي متقتضي البرهنة والاستدلال والإنصات إلى روح النازلة، مع تحليل أبعادها وخفاياها. الإطار العام لموضوع البحث: اشتمل البحث على مستويين كما قسمتهما الطالبة: أولهما نظري، وثانيهما تحليلي تطبيقي، واختص الفصل الأول في المستوى النظري، بتحديد دلالة مفهوم "فقه النوازل" وإبراز خصائصه، والتعريف بالإمام الونشريسي، وإبراز جهوده عامة، والتركيز على موسوعته الفقهية "المعيار" نظرا لقيمتها العلمية والاجتماعية والتاريخية، ولأنها مصدر مادة الموضوع ومباحثه. وفي المستوى التحليلي التطبيقي، ضمت الدراسة أربعة فصول، اختص كل واحد منها بتناول مستوى من مستويات حضور المرأة في نوازل المعيار. وأفردت الباحثة الفصل الثاني من الدراسة لتناول ماله علاقة بالعبادات عند المرأة مثل الطهارة والصدقة والزكاة والوصية، أما الفصل الثالث، فجاء شاملا للنوازل المتصلة بالأحوال الشخصية لدى المرأة، فتناول ماله علاقة بالنكاح، وفصل القول في الشروط الملتزمة في العقد، تلك المعتبرة شرعا والفاقدة لأي اعتبار، والتفتت إلى مشكلة البكارة وما ينشأ عند اشتراطها من خلاف بين طرفي العقد وأقاربهما، وعرجت على موضوع عيوب الزواج مبرزة كيف تمت معالجة ما ينشأ عنها من خلاف عند الفقهاء والقضاء بالغرب الإسلامي. وفي مبحث طويل من مباحث هذا الفصل تناولت الدراسة حقوق المرأة المالية والاجتماعية داخل الأسرة، مثل حقها في الزواج والطلاق والخلع ورد غير الكفء، وحقها في اشتراط الشروط، والحضانة والرضاع، وحقها في مهرها، وحقها في الميراث، وغيرها من الحقوق المكفولة لها شرعا. وفي الفصل الرابع، تم تناول العلاقات الزوجية وما إليها، وما ينتج عنها من خلافات ومشكلات، مثل مشكلة الحمل ونسب الأولاد، ومشكلة أذى الزوج لزوجته، وتجاوز حدود التأديب المباحة، ومشكلة الرضاع وأجرته ومصير الولد في حال الطلاق، وتم الالتفات إلى بعض المشكلات الناتجة عن العلاقات الجنسية بين الزوجين، والإجهاض، والخلاف الفكري والمذهبي بينهما. وخصصت الباحثة الفصل مبحثا للحديث عن رعاية الفقه والقضاء بالغرب الإسلامي لحق المرأة في إنهاء الرابطة الزوجية. أما الفصل الخامس من الدراسة، فقد تناول بالدرس والتحليل إسهام المرأة بالغرب الإسلامي ومشاركتها في الحياة العامة، فتم الحديث عن إسهامها في أعمال البر ذات النفع العام من هبة وتحبيس، ومشاركتها في أعمال البيع والشراء، وممارستها لبعض الوظائف خارج البيت، واستدعائها من قبل القضاة للإشهاد في قضايا ونوازل تختص بشؤون النساء. وختم الفصل بمبحث متصل ببعض الجرائم التي تمارس في حق النساء مثل القتل والاغتصاب مع بيان موقف الفقهاء منها. وبالرغم من تداخل المباحث السالفة وتعالق قضاياها وإشكالاتها، فقد تمكنت الباحثة من صياغتها ضمن خطة روعي فيها منطق الانتقال من النظر إلى التطبيق، ومن الوصف إلى التحليل، ومن الخاص إلى العام. وأشارت الباحثة إلى أن الدراسة قدمت معطيات متصلة بمختلف الجوانب التي تكون لها علاقة بشخصية المرأة، وهي معطيات كثيرة ومتنوعة لخصتها الباحثة ضمن العناصر الآتية: على المستوى النظري والمصطلحي، حددت الدراسة دلالة مصطلح "فقه النوازل" وعرضت لخصائص هذا الفقه، وأبرزت خصوصية المدرسة المغربية والأندلسية ف يهذا الاتجاه، وقدمت جردا لأهم المصنفات النوازلية في مدرسة الغرب الإسلامي. وبما أن الدراسة اختصت بالبحث في قضايا المرأة وأوضاعها بالغرب الإسلامي من خلال "معيار" الونشريسي، فقد صار لزاما-تضيف الباحثة- أن يفرد البحث مبحثا للحديث عن هذا العلم الفذ الذي شهد له خيرة العلماء بالفقه والنباهة والموسوعية، وقد اقتضى ذلك الحديث عن كتاب "المعيار" وإبراز قضاياه وموضوعاته وقيمته الفقهية والعلمية والتاريخية والاجتماعية. وقدمت الدارسة، بين يدي التحليل، قراءة إحصائية وصفية للنوازل المتصلة بأوضاع المرأة، وظهر كيف أن النوازل المتصلة بالعبادات قليلة، بينما كثرت النوازل المتعلقة بالنكاح وما إليه، وتعددت نوازل العلاقات الزوجية وما إليها، وتنوعت نوازل المعاملات المالية، في حين كانت النوازل المتصلة بالدماء والحدود قليلة جدا، وقد عملت الدراسة على أن تبرز بعض الأسباب التي يمكن أن تكون تفسيرا لتلك النسب والأرقام. أما في الدراسة التطبيقية، فقد بينت الباحثة أن مجال عبادة المرأة وطهارتها لا يثيران مشكلات فقهية محضة، وإنما يعرض لقضايا خاصة يتصل أغلبها بالجهل الحاصل لدى بعض نساء الغرب الإسلامي بشؤون دينهن في مستوى الطهارة وممارسة الشعائر، إذ أظهرت نتائج التناول الاجتماعي كيف أن بعض النساء كن يهملن أمر طهارتهن مما ينتج عنه تهاون في أداء الصلاة، وقد يسوق ذلك إلى أن يصير الوضع مهددا لاستقرار الحياة الزوجية، فيهرع الزوج إلى الفقه يلتمس منه الفتوى والمساعدة له على تجاوز الأزمة. وبعد المناقشة والمداولة منحت الباحثة دكتوراة الدولة بميزة حسن جدا