دق المجتمع المدني في مدينة أكادير ناقوس الخطر جراء انتشار النفايات الطبية في الطريق العام، وفي مطارح النفايات مختلطة مع النفايات المنزلية، ما يطرح إشكالات بيئية تهدد السلامة الصحية للسكان، نفس الصورة تتكرر في مدينة إنزكان آيت ملول حيث تحول محيط المستشفى الإقليمي الى «مزبلة طبية». وحذر رشيد فاسح رئيس جمعية «بييزاج» للبيئة بأكادير المعروفة بتقاريرها في المجال البيئي، من انتشار النفايات الطبية في الشارع معتبرا هذا السلوك «انتهاكا خطيرا للميثاق البيئي والسلامة العامة للمواطنين». ودعا فاسح في تصريح ل»التجديد» إلى معالجة هذه النفايات وفق سلسلة إيكولوجية، منبها إلى ضرورة اعتماد طريقة علمية للتخلص من النفايات الطبية وذلك بتوزيعها إلى ثلاثة أصناف، الأولى قمامة أدوات الإبر والأدوات الطبية، والثانية قمامة للأعضاء المبتورة ومخلفات الحوامل، والثالثة قمامة الأدوية المستعملة والمنتهية الصلاحية، وفي أكياس خاصة بألوان مختلفة، موضحا أن سوء تدبير النفايات الطبية ينتج عن رميها خصوصا تلك المتعلقة بالأعضاء البشرية اقتيات الكلاب الضالة منها ما يتسبب في انتقال الأمراض منها إلى الإنسان، وأضاف فاسح أن الجمعية تلاحظ تجاوزات في تعامل المصحات الخاصة خصوصا مع هذه النفايات قائلا «من غير المقبول أن ترمى النفايات الطبية من أية جهة كانت سواء المستشفيات العامة أو المصحات الخاصة في المطارح العمومية لأنها تتسبب في أمراض خطيرة». من جهته، قال علي لطفي رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، إن المستشفيات العمومية والمصحات الخاصة في المغرب تنتج نسبة كبيرة من النفايات الطبية، مشيرا إلى أن العديد من المستشفيات تتخلص منها بحرقها وهي طريقة متجاوزة تؤثر على البيئة. وأضاف المتحدث أن عددا من المصحات الخاصة تتخلص من النفايات الطبية عن طريق رميها مع النفايات المنزلية رغم أن هذه المصحات تجني أرباحا طائلة ولها القدرة على توفير أجهزة وآليات لمعالجة هذه النفايات الخطيرة بطريقة علمية. واستنكر لطفي في تصريح ل»التجديد» قيام شركات التدبير المفوض في قطاع النظافة الأجنبية بخلط النفايات الطبية بالمنزلية في المطارح العمومية، رغم أن نفس الشركات تتخلص منها بشكل علمي يراعي خطورتها في الدول الغربية، قائلا «نحن نعلم أن المغاربة الفقراء يرتادون هذه المطارح للبحث عن المتلاشيات ومواد صالحة لإعادة الاستهلاك أو التدوير، وقد يصادفهم خلال عملية البحث أدوية خطيرة أو إبر غير معقمة ما قد ينجم عنه الإصابة بفيروس السيدا أو الالتهاب الكبدي أو أمراض أخرى». وأكد لطفي أن وزارة الصحة تفتقد إلى منظومة محكمة في تدبير هذه النفايات الخطيرة، مقترحا إصدار قانون خاص بتدبير هذا النوع من النفايات يكون إلزاميا لجميع المتدخلين، وتشكيل لجنة لمراقبة وتتبع كيفية تدبير هذه النفايات، وإنزال عقوبات زجرية للمخالفين، وتفعيل دور المجتمع المدني في التتبع والرصد والمراقبة، وتحريك الإعلام للتوعية. وزارة الصحة بدورها تعترف بوجود خروقات بيئية وصحية تتعلق بكيفية تخلص المستشفيات التابعة لها من النفايات الطبية، إذ اعترف وزير الصحة أمام البرلمانيين أن 19 مستشفى عمومي من بين 142 تعالج نفاياتها إما بالحرق أو رميها بالمطارح العمومية، مضيفا أن هناك 87 مستشفى قام بتفويت هذه الخدمة إلى مؤسسات متخصصة في معالجة النفايات الطبية أي ما يمثل نسبة 61 في المائة من المستشفيات، فيما يعالج 36 مستشفى نفاياته بواسطة المطاحن المعقمة المقتناة من طرف وزارة الصحة التي فوتت منها 16 للقطاع الخاص. وحسب المعطيات الرسمية، فإن ما بين 10 و 20 بالمائة من النفايات التي تنتجها المؤسسات الصحية على الصعيد الوطني هي نفايات خطيرة، بالمقابل فإن 75 إلى 90 في المائة المتبقية تعتبر من النفايات المنزلية العادية، فيما ينتج كل سرير حوالي 3 كلغ من النفايات يوميا ( ما بين 1,5 إلى 4,5 للسرير حسب حجم المستشفى ) وتنتج المستشفيات العمومية حوالي 21 ألف طن من النفايات منها 6 آلاف طن تعتبر خطيرة. وبخصوص الموارد المتوفرة لمعالجة وإتلاف النفايات الطبية، يتوفر القطاع الصحي العمومي على 18 مطحنة معقمة مشغلة حاليا منها 9 مستغلة من طرف الشركات الخاصة، في ظل وجود عدد من المشاكل منها غياب عقود الصيانة بالنسبة لكل من الخميسات وفاس ومشكل الكهرباء بمدينة بركان. يذكر أن قانون 28.00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، ينص على ضرورة معالجة النفايات، بما فيها الخطيرة وغير الخطيرة، ويجبر المصالح الاستشفائية على ضرورة تحمل تدبير نفاياتها الطبية، كما حدد المشرع مدة خمس سنوات كحد أقصى قابلة للتجديد لتسطير برنامجها وسياستها التدبيرية في التخلص من النفايات، ويلزمها هذا القانون بتوفير الشروط الضرورية لتجميع ونقل هذه النفايات، كما ينص على ذلك البند الثلاثين من القانون الأساسي لمعالجة النفايات.